بقلم : رائد صالحة
ستبقى القوات الأميركية في العراق وسوريا إلى أجل غير مسمى عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن إدارته لا تحتاج إلى تفويض جديد لإبقاء الجنود في الحرب حيث أشار البيت الأبيض إلى عدم الحاجة إلى ترخيض لاستخدام القوة العسكرية من أجل مواصلة العمليات في الشرق الأوسط.
وعاد النقاش على الفور بعد اعلان البيت الأبيض اذ بعث السناتور تيم كاين رسالة إلى وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس طلب فيها توضيحات ومعلومات أضافية حول الجهود الحالية للولايات المتحدة في سوريا والعراق معرباً عن قلقه من أن الولايات المتحدة قد تفتقر إلى وضع قانوني داخلي أو خارجي لحربها في البلدين كما بعث برسالة أخرى للرد على استجابة الإدارة الأميركية على ملاحظات الكونغرس وملاحظاتها التبريرية على الانتقادات.
وقد أوعزت ادارة ترامب لنائب وزير الدفاع ديفيد تراشيتنبيرغ بالرد ليقول إن تفويض عام 2001 لمكافحة الجماعات الإرهابية المتطرفة مثل القاعدة يأذن للولايات المتحدة بالبقاء في العراق وسوريا إلى أكثر من 20 سنة من أجل معالجة التشدد المستمر، وأضاف تراشيتنبيرغ في رد آخر أن التفويض يصلح للبقاء مشيراً إلى وجود (داعش) كعامل رئيسي في الجهود الأميركية الحالية في المنطقة مشيراً إلى أن سحب القوات الأميركية قبل الأوان من شأنه أن يؤدى إلى تجديد قدرات الجماعات الإرهابية بعد تخفيف الضغط عنها وإعادة السيطرة على الأراضي.
وسبق لإدارة ترامب توضيح موقفها بشأن عدم وجود ضرورة لتفويض جديد، إذ أدلى كل من تيلرسون وماتيس في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بشهادات أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ تضمنت القول إن تداعيات أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر توفر الأساس القانوني المعاصر لبقاء القوات الأميركية في سوريا والعراق.
وقال إن هذا الصراع المستمر منذ 16 سنة يتسم بنوع مختلف من الحروب، وأضاف أن تفويضي استخدام القوة العسكرية لعام 2001 وعام 2002 لا يزالان أساساً سليماً للعمليات العسكرية الأميركية الحالية ضد التهديد، وأكد مسؤولو إدارة ترامب بأنه لا ينبغى إلغاء تفويض (أومف) الأصلي لاستخدام القوة بدون بديل، وهو تفويض غير محدد بوقت معين أو منطقة جغرافية.
الآثار المترتبة على ذلك صارخة، وفقاً لأقوال العديد من المحللين الأميركين، إذ يتواجد حالياً أكثر من ألفي جندي أميركي في سوريا وضعف هذا العدد في العراق، وقد تم إرسالهم أصلا إلى المنطقة منذ أكثر من عشر سنوات في عام 2001، ولكن مع تصاعد «الحرب على الإرهاب» لمواجهة الجماعات المتطرفة فإن الجهود المبذولة لمكافحة التشدد والتطرف قد عملت بشكل متزايد بدون إشراف أو موافقة جديدة من الكونغرس.
ولم ينتج عن الجهود البذولة لتغيير هذا الواقع أي شئ يذكر، إذ صوت مجلس الشيوخ 61 مقابل 36 ضد تعديل من شأنه إلغاء التفويض العسكري الأصلي للقوات الأميركية في سوريا والعراق، وهو تعديل اقترحه السناتور راند بول الذى قال بأن: الولايات المتحدة تخوض حرباً طويلة بموجب تفويض كان يستهدف فقط أولئك الذين هاجمونا في 11 أيلول/سبتمبر، ولكن الحرب خسرت أهدافها منذ وقت طويل وبدون نقاش في الكونغرس حول ما إذا كان يجب أن نخوض هذه الحرب أو لا.
ردود إدارة ترامب لم تكن في المكان الصحيجح حيث ترى تفسيرات البيت الأبيض أنه يمكن للولايات المتحدة البقاء في سوريا والعراق إلى أجل غير مسمى مما أثار حفيضة السناتور كاين الذى اتهم ترامب باستخدام التفويض الأصلي لتبرير إجراءات جديدة تماماً وغير مرخصة.
وقال كاين إن إدارة ترامب تسير إلى ما هو أبعد من ذلك إذ زعمت بأن التفويض يسمح للجيش الأميركي بضرب القوات الموالية للنظام السوري في مناطق خالية من (داعش) أو لحماية الشركاء الذين يسعون للإطاحة بالرئيس الأسد، واتهم كاين ترامب بأنه يتصرف كملك من خلال البدء في حرب جديدة من جانب واحد.
ورغم اصرار ترامب على بقاء القوات الأميركية في الشرق الأوسط إلى أجل غير مسمى إلا أنها لا تفعل ذلك مع أهداف واضحة، وانتقد خبراء السياسة الخارجية مراراً وتكراراً سياسة إدارة ترامب في الشرق الأوسط حيث ارتفع عدد الضحايا المدنيين إلى أرقام مفزعة منذ تولى ترامب منصبه كما شهدت الحرب الأهلية في سوريا أكثر فتراتها دموية حتى الآن خلال الأسابيع القليلة الماضية.