«
للكاتب Adam Taylor
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء الماضي أن الولايات المتحدة تعترف رسميًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأنه يعتزم نقل سفارة أمريكيا من تل أبيب إلى القدس. ويترتب على هذا القرار العديد من الآثار الرمزية الهامة بالنسبة لعملية السلام في الشرق الأوسط.
ولكن في المدينة التي غالبًا ما تكون فيها حقوق ملكية الأراضي مثيرة للجدل، فإن نقل السفارة إلى القدس هو أيضًا مشكلة عملية، بحسب تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية.
وتساءل آدم تايلور معد التقرير: أين سيكون مقر هذه السفارة الجديدة؟
يقول التقرير: «قد يكتشف ترامب، وهو قطب عقاري تحول إلى زعيم للعالم، أن العثور على موقع لسفارة جديدة ليس بالأمر السهل، وعلى الرغم من أن البيت الأبيض اقترح نقل السفارة في غضون ثلاث إلى أربع سنوات، فإن البعض يعتقد أن هذا الإطار الزمني غير واقعي».
وقع السفير الأمريكي لدى إسرائيل – وليام براون – عقدًا لاستئجار قطعة أرض في القدس الغربية مقابل دولار واحد في السنة لمدة 99 عامًا.
ونقل التقرير عن دانيال شابيرو، الذي شغل منصب السفير الأمريكي لدى إسرائيل في عهد الرئيس باراك أوباما، قوله: «هذا تقدير متفائل جدًا». وقال شابيرو، وهو حاليًا زميل بارز فى معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، وكان قد دعا إلى نقل سفارة أمريكا في إسرائيل تحت شروط معينة، إنه يعتقد أن هذه الخطوة ستستغرق من خمس إلى 10 سنوات.
اقرأ أيضًا: روبرت فيسك: اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل سيحرق المنطقة!
من الناحية النظرية، هناك أرض في القدس خصصت لسفارة أمريكية جديدة. في اليوم الأخير في ولاية الرئيس رونالد ريجان في عام 1989، وقع السفير الأمريكي لدى إسرائيل وليام براون عقدًا لاستئجار قطعة أرض في القدس الغربية مقابل دولار واحد في السنة لمدة 99 عامًا. وقد تم تخصيص هذه المساحة في وقت لاحق من أجل «أغراض دبلوماسية» من قبل الحكومة الإسرائيلية بنية بناء سفارة أمريكية هناك.
قيود أمنية
تقع قطعة الأرض هذه حاليًا في منطقة مرغوبة جدًا بالقدس، على أطراف حي «تل بيوت» وحي «بقعة». وقد وصف ديفيد ماكوفسكي، زميل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والذي كان مستشارًا لوزير الخارجية جون كيري لشئون الشرق الأوسط، المنطقة المعنية بأنها «منطقة رائعة. وقد تم بناء الكثير من المباني السكنية بها، وسط توقعات ببناء السفارة الأمريكية هناك».
ولا تزال الأرض المخصصة غير مأهولة وغير مزروعة. وعلى الرغم من قرار إدارة ترامب بنقل السفارة، فإنه من غير المحتمل أن ترى هذه الأرض مستقبلًا أكثر إشراقًا، بحسب ما ذكر التقرير.
وبالرغم من أنه كانت هناك آمال خلال التسعينات أن يتم بناء السفارة الأمريكية على هذه الأرض، إلا أنه قد تم وضع معايير أمنية جديدة تتطلب أن تكون السفارات الأمريكية بعيدة عن الطرق الموازية لمسافة تبلغ 30 مترًا، بسبب مخاطر السيارات المفخخة وغيرها من الهجمات، بعد تفجيرات تنظيم «القاعدة» للسفارتين الأمريكيتين في تنزانيا وكينيا في عام 1998.
مظاهرات مناهضة لقرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية للقدس-بيروت-لبنان
وقال شابيرو: «مع القواعد الجديدة، فإن هذه الأرض ليست كبيرة بما فيه الكفاية». وقد أفادت مصادر بأن مساحة الأرض الواقعة في حي «تل بيوت» تبلغ من سبعة إلى 14 فدانًا، في حين تبلغ مساحة السفارة الأمريكية في لبنان 43 فدانًا.
أشار التقرير إلى أن هناك خيارًا آخر محتملًا، حيث يمكن للولايات المتحدة أن تستخدم مبنى تملكه بالفعل في القدس كمقر للسفارة. تدير وزارة الخارجية عددًا من المباني القنصلية في القدس، التي توفر الخدمات للمدينة، وكذلك للأراضي الفلسطينية، والتي يمكن من الناحية النظرية أن يعاد استخدامها كسفارة. أقدم هذه المباني هو مبنى القنصلية الأمريكية العامة، الذي بني في عام 1912، والذي يقع بالقرب من المدينة القديمة في القدس.
اقرأ أيضًا: «لا تخافوا العرب منشغلون بإيران الآن».. كيف قرأت الصحافة الإسرائيلية قرار ترامب؟
مبانٍ قنصلية
كما أن هناك مبنىً قنصليًا آخر أحدث في حي «آرنونا» بالقدس، لا يبعد كثيرًا عن الأرض المستأجرة في «تل بيوت». غير أن مبنى «آرنونا» القنصلي يقع على حدود عام 1967 بين مناطق السيطرة الإسرائيلية، ومنطقة كانت منزوعة السلاح بعد اتفاق هدنة 1949، وذلك على النقيض من قطعة الأرض التي توجد في «تل بيوت»، والتي تقع ضمن الخط الأخضر، الذي يحدد أجزاء القدس التي كانت تحت سيطرة إسرائيل قبل حرب 1967.
وقد كانت هناك تكهنات واسعة النطاق بأنه، وبدلًا عن بناء منشأة جديدة تمامًا لتكون بمثابة سفارة أمريكية في القدس – قد تتخذ وزارة الخارجية أحد مبانيها القنصلية سفارة لها، وهو خيار أسهل وأسرع بطرق عديدة. تركزت معظم التكهنات على المبنى الجديد في «آرنونا»، وهو أكبر بكثير من مبنى القنصلية العامة، وقد يكون قادرًا على استضافة المزيد من الموظفين، إذا نقلت السفارة من تل أبيب.
حواجز أمنية أمام مقر السفارة الأمريكية بعمان-الأردن
وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قد ذكرت في العام الماضي أن مسؤولين في القدس قالوا: «إن المبنى مصمم خصيصًا ليصبح يومًا ما سفارة».
وعلى الرغم من أن متحدثة باسم وزارة الخارجية رفضت الكشف عن عدد الأشخاص الذين عملوا في مجمع «آرنونا»، فقد ذكرت تقارير من مكتب المفتش العام بوزارة الخارجية الأمريكية أن هناك 582 موظفًا قنصليًا أمريكيًا موزعين في القدس عام 2017، مقارنة مع 960 موظفًا في السفارة الأمريكية في تل أبيب.
وقال شابيرو «إن نقل السفير إلى قنصلية سيكون ممكنًا، على الرغم من أن ذلك ربما يكون بشكل مؤقت لحين بناء سفارة جديدة». لكنه أضاف أن «اللغة المستخدمة من قبل إدارة ترامب تشير إلى أن مثل هذه الخطوة غير محتملة». وقال ماكوفسكى «إن البيت الأبيض أبلغه يوم الثلاثاء بأن السفير الأمريكي لدى إسرائيل، دافيد فريدمان، لن ينتقل إلى قنصلية، وإنما يتم العمل حاليًا على شراء قطعة أرض جديدة، لم يحدد موقعها على وجه التحديد».
ولم ترد وزارة الخارجية على استفسار من الصحيفة الأمريكية بشأن الأرض التي توجد في «تل بيوت» أو الإطار الزمني لنقل السفارة، ولكن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قال في تصريحات صحفية «إن هذه الخطوة لن تكون سهلة، وأن عملية البحث ستبدأ على الفور عن قطعة أرض جديدة».