الروهينجاكتبت- هدى الشيمي: قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إنه بالرغم من حرص قادة الدول على الحصول على فرص للذهاب إلى نيويورك وحضور جلسات الجمعية العام للأمم المتحدة، ألغت أون سان سوتشي، زعيمة ميانمار “بورما سابقا”، زيارتها المُرتقبة التي كانت من المقرر أن تقوم بها الأسبوع المقبل. واعتبرت الصحيفة أن الروهينجا أحدث ضحايا صدام الحضارات، لتتحول مأساتهم إلى أزمة عالمية تهيمن على الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في وقت لاحق هذا الشهر. وأرجع المُتحدث باسم حكومتها ذلك إلى أنها مضطرة للبقاء في بورما بسبب حالة الفوضى التي تسيطر على البلاد، بعد هجوم قوات الأمن على مراكز تجمع وإقامة أقلية الروهينجا المسلمة، عقب اعتداء القوات المدافعة عن حقوقهم على بعض أفراد الأمن. وتسببت أعمال العنف والاضطهاد في بورما في نزوح حوالي 379 ألف من مسلمي الروهينجا إلى بنجلاديش المجاورة، منذ أغسطس الماضي. كما زعم المُتحدث باسم سوتشي أن السلطات تتوقع وقوع هجمات إرهابية في أي لحظة. وقد تكون كل هذه الأسباب حقيقية، إلا أن الصحيفة ترى أن هناك سببا آخر وراء بقاء سوتشي في بورما، وهي إدانتها الدولية، والتي وصلت إلى حد المطالبة بسحب جائزة نوبل منها، والتي حصلت عليها عام 1991 في مجال السلام، بسبب موقفها من أزمة الروهينجا، والتي اعتبرتها الأمم المتحدة مؤخرا “تطهيرا عرقيا”. وكان عدد من الحاصلين على جائزة نوبل قد طالبوا بسحب الجائزة من سوتشي، من بينهم الباكستانية ملالا يوسفزاي، والبابا فرانسيس، وأستاذ الاقتصاد البنجلاديشي محمد يونس. يُذكر، أن المئات من مسلمي الروهينجا قتلوا خلال أحداث العنف والاضطهاد التي تعرضوا لها منذ أغسطس الماضي، وحرقت القوات عشرات القرى، فاضطر حوالي 400 ألف منهم إلى النزوح إلى بنجلاديش، بحسب أحدث تقديرات الأمم المتحدة. ولفتت الصحيفة إلى حالة الفرح والنشوة التي سيطرت على العديد من البورميين بعد فوز حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية الذي ترأسه سوتشي منذ عامين في الانتخابات، وامتدت هذه الحالة إلى خارج بورما، فأشاد الكثير من قادة العالم بالنتيجة، مؤكدين أنها انتصار نادر في عصر تسيطر عليه الديكتاتورية. وفي الوقت الذي يلوم فيه العالم على سو تشي، خرجت تعلق على الأزمة أول مرة قائلة إن الأخبار الكاذبة والتغطية الإعلامية المُضللة سببا رئيسيا في اشتعال فتيل التوتر وانتشار الإرهاب في بلادها. ولفتت الصحيفة إلى أن هناك بعد أخرى لتفاقم الأزمة، وهو غضب المسلمين في جميع أنحاء العالم لتعرض أقلية الروهينجا المسلمة للعنف، ولكونهم أحدث ضحايا صدام الحضارات. ويعاني الروهينجا من العنف والاضطهاد في بورما، بعد إصدار قرار عام 1982 لتجريدهم من جنسيتهم البورمية، إذ تُصّر السلطات على أنهم مهاجرين غير شرعيين من بنجلاديش، رغم أن الكثير منهم عاش في بورما لسنوات طويلة. وأشارت الصحيفة إلى خروج المواطنين في ماليزيا، وكندا، وإسرائيل، وباكستان، وأفغانستان، والفلبين وبنجلاديش واستراليا مُطالبين بالعدالة من أجل الروهينجا، وحرق المتظاهرون في العاصمة الإندونيسية جاكرتا صورة أون سان سوتشي، وألقوا البنزين على السفارة البورمية هناك. وعلى خلفية الأزمة، ألقت الشرطة الروسية القبض على العشرات الذين حاولوا التظاهر في سانت بطرسبرج الأسبوع الماضي. وتُلقي الأزمة بظلالها على العديد من المناطق في العالم خاصة تلك البقع التي تعاني من مشاكل طائفية، فالهنود الهندوس يدعون رئيس الوزراء ناريندرا مودي لطرد الروهينجا من بلادهم، الأمر الذي قد يضعه في موقف لا يُحسد عليه، لأنه واحد من أكثر قادة العالم المعارضين لطريقة تعامل الحكومة البورمية مع الأقلية المسلمة، ما قد يتسبب في حدوث انقساما كبيرا بين شعبه. كما دعا تنظيم القاعدة المسلمين في جميع أنحاء العالم، لتقديم الدعم العسكري لمُسلمي الروهينجا. وتقول الصحيفة إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحرص على اغتنام الفرصة لكي يكسب المزيد من التعاطف من خلال الأزمة، إذ أرسل وزير خارجيته وزوجته لتقديم مساعدات إلى لاجئي الروهينجا في بنجلاديش، ونددت إيران بالأزمة، وانتقدت المملكة العربية السعودية الحكومة البورمية. ولفتت الصحيفة إلى أن سياسات السلطات البورمية تجاه الأقلية المسلمة يمتد ليخرج من حدودها، ويؤثر على السياسة العالمية، ما يدعو المجتمع الدولي إلى سرعة التصرف قبل أن يفوت الأوان.
التعليقات معطلة.