اخبار سياسية

واشنطن والمنطقة… بعد هجوم الأسلحة الإيرانية

جبهة جنوب لبنان

يقلّل خبراء في الشؤون الأميركية ومحلّلون سياسيون من إمكان أن تكون جبهة المناوشات الحدودية بين لبنان وإسرائيل أمام تحوّلات حربيّة، نتيجة الاعتداءات الاستهدافية لأذرع إيرانية على إحدى القواعد العسكرية الأميركية في الأردن قبل أيام، والتي راح ضحيّتها جنودٌ أميركيون وعددٌ من الجرحى. ويعتبرون أنّ الردّ الأميركي مرجّح في العراق عبر ضرب منشآت تابعة للميليشيات الموالية للنظام الإيراني، خصوصاً “حزب الله” العراقي، وقد يشمل أيضاً مصانع للأسلحة والمسيّرات داخل الأراضي الإيرانية. وإذا أرادت طهران الهجوم بعد حصول الردّ الأميركي عبر أذرعها في المنطقة بما يشمل “حزب الله” اللبناني، عندئذٍ ستكون اعتبارات المعارك مختلفة، لكن احتمال ردّ طهران ضئيلٌ رغم تهديداتها. يأتي ذلك بعدما اتخذت فرق “حزب الله” العراقي قراراً في إنهاء هجماتها على القواعد الأميركية. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أكّد اتخاذه القرار حيال الردّ المنتظر على مقتل الجنود الأميركيين بطائرة مسيّرة استهدفت القوات الأميركية، من دون أن يوضح تفاصيله، مضيفاً أنّه يحمّل إيران المسؤولية نتيجة تزويدها الأشخاص الذين هاجموا القوات الأميركية في الأردن بالأسلحة.من ناحيته، قال المتحدث بإسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، إنّ من الممكن جداً اتخاذ إجراءات عدة للردّ.  استهداف الجنود الأميركيين يدلّ إلى محاولات عرقلة إيرانية للمساعي الهادفة إلى التهدئة والسلام في المنطقة، بحسب الكاتب السياسي سام منسّى، وذلك انطلاقاً من “مبتغى إيراني أساسيّ يُراد منه طرد الوجود الأميركي، وفق ما كانت عبّرت عنه طهران والأذرع الموالية لنفوذها من الحشد الشعبي العراقي إلى الحوثيين و”حزب الله” بعد مقتل قاسم سليماني”. ويضيف منسّى لـ”النهار العربي”، أنّ “الهجوم على القواعد الأميركية يشكّل جزءاً من المعركة الإيرانية التي ليس من مصلحتها التوصّل إلى تسوية أو هدنة ممكنة في غزّة، لأنّ ذلك يعزّز الوجود الأميركي في المنطقة مع انتفاء مستقبليّ للحضور السياسي لحركة “حماس” في القطاع أو خارجه، من دون أن يمنع ذلك إمكان تبنّي “حماس” بعض العمليات العسكرية، لكنها فقدت كيانها السياسي. وإذ تحاول طهران تعطيل المقترحات المتداولة لوقف الحرب في غزّة، فإنّ الهجوم ضدّ الجنود الأميركيين يتزامن مع مفاوضات دولية حول مستقبل القطاع”. هاجمت طهران القوات العسكرية الأميركية في الأردن في “محاولة لعرقلة أي تسويات لا تتضمّن حضورها، مبتغيةً أن تكون جزءاً من طاولة المفاوضات الإقليمية، علماً أنّها لا تريد خوض حرب شاملة مع واشنطن”، وفقاً لما يقوله منسّى، مع إشارته إلى أنّ “القرار إيرانيٌّ على النطاق اللبناني مع الأخذ في الاعتبار وجهة نظر الأمين العام لـ”حزب الله”، لكن طهران تقرّر في النهاية، وهي لا تريد إقحام حليفها الأساسي في حرب شاملة، بعدما بدأت حدّة المعارك الحربية تتراجع في غزّة. ولا تفلّت للصراع بين واشنطن وطهران، بل ترجيحات في أن يأتي الردّ الاميركي على مراحل متعدّدة الأوجه والمضمون، حيث يقول الأميركيون إنّهم ضُربوا بأسلحة إيرانية”. ولا يرجّح شخصياً أن “توجّه واشنطن ضربة إلى “حزب الله” اللبناني، خصوصاً أنّها تسعى إلى تهدئة الجبهة الإسرائيلية الشمالية الحدودية مع الجنوب اللبناني، إضافة إلى أنّ “حزب الله” اللبناني ليس مسؤولاً عن استهداف الجنود الأميركيين بل جهة عراقية موالية لطهران، ما يجعل الردّ محتملاً في العراق”. لا بدّ من ردّ أميركي قاسٍ و”لا نتحدّث عن احتمال ردّ بل حتميّة الردّ، علماً أنّ واشنطن كانت تكتفي سابقاً في الردود على كلّ الاعتداءات شرط ألاّ يحصل تجاوز الخطّ الأحمر، أي مقتل جنود أميركيين الذي حصل في الأردن، ما سيعدّل قواعد الصراع مع ما يلائم عسكرياً حجم الأذى”، وفق تحليل الأستاذ المحاضر في معهد “الشرق الاوسط” في واشنطن حسن منيمنة. ويقول منيمنة لـ”النهار العربي”، إنّ “هناك موسماً انتخابياً أمام الرئيس بايدن، ولا بدّ من ردّ يكفيه في مقابل النعوت الهجومية ضدّه. وإذا كان الردّ الأميركي سيحصل من ناحيتين عسكرية وسياسية، فإنّ الترجيحات أن يشكّل هجوماً ضمن قواعد المناوشات، كأن تتلقّى فرق “حزب الله” العراقي ضربات أميركية موجعة مع قتلى، هي أشبه بردود تلقائية في مرحلة عاجلة. ولا استطاعة للمماطلة أو تأخير الردّ الأميركي، مع الإشارة إلى امتعاض ضمن الإدارة الأميركية فحواه أنّ قواعد الصراع الحالية لا تعاقب إيران التي تحارب عبر أذرعها في المنطقة”. ويعبّر منيمنة عن “مطلب أميركي واضح في ضرورة معاقبة إيران تحديداً بعد استهداف الجنود الأميركيين، خصوصاً بعد إشارة الإدارة الأميركية إلى أنّ القاعدة الأميركية في الأردن انقصفت بأسلحة إيرانية الصنع، وهذا ما لا يلغي إمكان الردّ عبر ضرب منشآت تصنّع المسيّرات في الداخل الإيراني تلقائياً وعلى مراحل. في حال ضربت الأراضي الإيرانية وأوعزت طهران بعدئذ إلى حلفائها ومن بينهم “حزب الله” الردّ رغم أنّ إيعازاً كهذا غير مرجّح، فإنّ ذلك ينهي مهمّة التوصل إلى تسوية تمنع الحرب الشاملة وترسّم للحدود البرية، وهذا ما لا تريده طهران ولا يريده “حزب الله” أيضاً. وربما لم يكن المبتغى الذي أرادته إيران وأذرعها في المنطقة استهداف الجنود الأميركيين وقتلهم، بل تأجيج المعركة مع واشنطن من دون خسائر بشرية. وحصل ما لم يكن في الحسبان”.