وزير الدّفاع السّوري في إيران… بعد “اتّفاق سرّي” بين واشنطن وطهران؟

1

وزيرا الدفاع الايراني والسوري

جاءت زيارة وزير الدفاع السوري علي محمود عباس لطهران في ظلّ أزمات وتعقيدات كثيرة بات يعانيها التعاون العسكري بين البلدين، خصوصاً جرّاء تداعيات حرب غزة التي أفضت إلى تكثيف إسرائيل غاراتها ضد الوجود العسكري الإيراني في سوريا، وما استتبع ذلك من قرار إيراني بتقليص حضور مستشاريها العسكريين. كذلك جاءت الزيارة في ظل حديث عن اتفاق سري بين واشنطن وطهران لوقف الهجمات على القواعد العسكرية الأميركية في سوريا والعراق، وأيضاً في ظل ما بات يعانيه مسار التطبيع بين تركيا وسوريا من عقبات جعلت روسيا تتحدث عن استحالة تحريكه في ظل الأوضاع الحالية، علماً أن وزير الدفاع السوري لعب دوراً بارزاً في إطلاق هذا المسار عبر لقائه نظيره التركي في موسكو أواخر عام 2022 بعد أشهر قليلة من تعيينه في منصبه.
وشهد اللقاء بين وزير الدفاع السوري علي محمود عباس ونظيره الإيراني محمد رضا أشتياني في طهران، السبت، تكرار تصريحات أصبحت أشبه باللازمة التي لا بدّ من إعادتها لدى كل لقاء بين الطرفين من دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ العملي، لا سيما بخصوص ما يتعلق بردع إسرائيل ومنعها من مهاجمة أهداف إيرانية في سوريا، وبضرورة خروج القوات الأميركية من الأراضي السورية.
وبينما شدد وزير الدفاع الإيراني على أن “مواجهة هجمات الكيان الصهيوني تستلزم إيجاد قوة الردع، والإجراءات والخطط الضرورية والعاجلة لمنع غطرسة هذا الكيان مدرجة في جدول الأعمال”، نفّذت الطائرات الإسرائيلية في أعقاب هذا التصريح بساعات قليلة هجوماً واسعاً على مواقع ومخازن لـ”حزب الله” اللبناني في منطقة القلمون الشرقي في ريف دمشق. وذكرت مصادر سورية معارضة أن الهجوم استهدف مطار الناصرية ومستودعات أسلحة في محيط قريتي يبرود والقسطل. تصريحات مكررة
وأكّد أشتياني خلال لقائه نظيره السوري في مقر وزارة الدفاع الإيرانية في طهران مساء السبت أن “أي خطأ استراتيجي أو مغامرة من جانب الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، ستؤدي إلى تفاقم الوضع في المنطقة”.
وأكد استعداد وزارة الدفاع الإيرانية لاستخدام كل قدراتها إلى جانب الحكومة السورية في سبيل تطوير قوة الدفاع والردع السورية، “كما وقفت إلى جانب سوريا خلال الحرب ضد الإرهاب”.
وكان أشتياني قد أدلى بمثل هذا التصريح أثناء مرافقته الرئيس الإيراني في زيارة لدمشق في شهر أيار (مايو) الماضي، حيث قال إن وزارة الدفاع إلى جانب القطاعات الاقتصادية والمدنية الأخرى، لديها الاستعدادات اللازمة لإطلاق القوات المسلحة السورية وبنائها وتجهيزها بأحدث الأسلحة الدفاعية. وأضاف كذلك أن “جمهورية إيران الإسلامية مستعدة للتعاون مع سوريا في مجال بناء المصانع وإنشاء خطوط إنتاج للمنتجات الدفاعية الاستراتيجية من أجل خلق البنى التحتية الدفاعية والمتعددة الأطراف، وتعزيز البنية التسليحية للجمهورية العربية السورية بهدف زيادة أمن الشعب السوري”. منحى عكسي ميدانياً
ورغم مرور عام ونيف على آخر زيارة لوزير الدفاع السوري لإيران، في مطلع العام الماضي، جرى خلالها تأكيد التعاون العسكري بين البلدين، ومن ضمن ذلك تزويد الجيش السوري بمنظومة خرداد 15 للدفاع الجوي، بالإضافة إلى القيام بمناورات عسكرية مشتركة، لم تسر الوقائع على الأرض على النحو المطلوب، بل بدأت باتخاذ منحى عكسي منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. فقد كشفت حرب غزة عن كثير من نواحي الخلل في التنسيق بين القوات الإيرانية والسورية لمنع الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية من تحقيق غاياتها في استهداف أبرز المستشارين العسكريين الإيرانيين العاملين في سوريا.
وقلّص الحرس الثوري الإيراني انتشار كبار ضباطه في سوريا بسبب سلسلة من الضربات الإسرائيلية، بحسب تقرير لوكالة “رويترز” نقلاً عن 5 مصادر مطلعة. وأوضحت الوكالة أن الحرس الثوري “سيعتمد أكثر على فصائل شيعية للحفاظ على نفوذه هناك”. 
وأشارت 3 مصادر أخرى إلى أن “الحرس الثوري” أعرب عن مخاوفه للنظام السوري، من أن “تسرب المعلومات من داخل قوات الأمن السورية لعب دوراً في الضربات القاتلة الأخيرة”.
ومنذ بداية العام الحالي، قتل في سوريا نحو 31 عسكرياً وأصيب 9 آخرون، بينهم 6 من «الحرس الثوري» الإيراني، و6 من «حزب الله» اللبناني، و3 من الجنسية العراقية، في أكثر من 10 هجمات شنّتها إسرائيل منذ مطلع العام الحالي على مواقع لـ«الحرس الثوري» الإيراني والميليشيات الإيرانية داخل الأراضي السورية. وفي ما خص موضوع القواعد الأميركية في سوريا، شدّد الوزير الإيراني على أن “الوجود العسكري الأميركي في سوريا هو وجود احتلالي وغير شرعي وغير مبرر، وينتهك بوضوح القواعد والمبادئ الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وأن أداءها المدمر في منطقة غرب آسيا وخاصة في سوريا، أدى إلى عدم الاستقرار وانعدام الأمن ونزوح ملايين السوريين”.
وكانت القواعد العسكرية الأميركية في شرق سوريا قد تعرضت لهجمات مكثفة من  الميليشيات الإيرانية المنتشرة في المنطقة، كان أخطرها الهجوم الذي استهدف قاعدة البرج 22 على الحدود الأردنية السورية وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين، ما دفع واشنطن إلى تنفيذ سلسلة من الضربات الانتقامية ضد هذه الميليشيات في كل من سوريا والعراق، أفضت في نهاية المطاف إلى توقف الهجمات ضد القواعد الأميركية.
وتبيّن لاحقاً أن وقف الهجمات جاء بناءً على اتفاق سرّي بين واشنطن وطهران برعاية سلطنة عُمان أواخر شهر شباط (فبراير) الماضي.
وترأس الوفد الإيراني نائب وزير الخارجية علي باقري كاني، فيما حضر منسق الرئيس بايدن لشؤون الشرق الأوسط وكبير المفاوضين النوويين بريت ماكغورك على رأس الوفد الأميركي، وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وأوضحت الصحيفة أنّ الوفدين لم يلتقيا مباشرةً بل في غرف منفصلة، فيما لعبت مسقط دور الوساطة في نقل الرسائل والردود بينهما في 10 كانون الثاني (يناير) الفائت.
ودخل اتفاق وقف الهجمات على القواعد الأميركية حيّز التنفيذ عقب 24 ساعة من انتهاء المباحثات في مسقط. 

التعليقات معطلة.