استمرار انتشار حالات الحصبة في كثير من الولايات الأميركية، يسلط الضوء على كيفية الوقاية من هذا المرض شديد العدوى. وفي حين يُنظر إلى اللقاحات على نطاق واسع بوصفها خط الدفاع الأول، فقد طرح بعض الخبراء أن التغذية تلعب دوراً في الحد من شدة المرض، وفق تقرير لـ«فوكس نيوز».
وناقش وزير الصحة والخدمات الإنسانية، روبرت إف. كيندي الابن، هذا الموضوع خلال مقابلة حصرية أجريت مؤخراً مع الدكتور مارك سيجل، أستاذ الطب السريري في «جامعة نيويورك لانغون هيلث» والمحلل الطبي الكبير في «فوكس نيوز». وقال روبرت إف. كيندي: «نحن بحاجة إلى فهم العلاقة بين الصحة الجيدة والأمراض المزمنة».

وأضاف: «إذا كنت بصحة جيدة، فمن المستحيل تقريباً أن تموت بمرض معدٍ في العصر الحديث؛ لأننا نتمتع بالتغذية والقدرة على الوصول إلى الأدوية. ما نحتاجه هو علم جيد بشأن كل هذه الأشياء حتى يتمكن الناس من اتخاذ خيارات عقلانية».
خلال المقابلة، أشار كيندي إلى أنه في تكساس؛ حيث أُبلغَ عن أكثر من 200 حالة إصابة بالحصبة في تفشي المرض الحالي، قد يكون سوء التغذية عاملاً. وأشار إلى أن «الأطباء الذين أتحدث إليهم على الأرض، وقادة المجتمع، يقولون إن الأشخاص الذين يمرضون هم أشخاص يعانون من سوء التغذية». وأضاف كيندي: «هناك كثير من الفقر في تلك المنطقة، (وهي) نوع من الصحراء الغذائية».
في عام 1963، قبل تقديم اللقاح، توفي ما بين 400 و500 شخص بسبب الحصبة كل عام في الولايات المتحدة، وفقاً لـ«مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها». ولفت كيندي إلى أن جميعهم تقريباً كانوا من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، موضحاً أن الحصبة لا تزال مرضاً مميتاً للغاية في البلدان الأجنبية والبلدان المتقدمة، حيث يوجد سوء تغذية منخفض. وأكد أن «أفضل ما يمكن للأميركيين فعله هو الحفاظ على صحتهم، فمن الصعب جداً أن تقتل الحصبة شخصاً يتمتع بصحة جيدة ويتغذى جيداً».
وقال وزيرُ الصحة والخدمات الإنسانية لأستاذَ الطب السريري سيجل إن «التغذية حاسمة» للوقاية من الأمراض بشكل عام. وأضاف: «نحن بحاجة إلى تناول أطعمة جيدة. نحن بحاجة إلى أطعمة كاملة. نحن بحاجة إلى ممارسة كثير من التمارين الرياضية». وأضاف: «نرى علاقة بين الأشخاص الذين أصيبوا بالحصبة والأشخاص الذين لا يتمتعون بتغذية جيدة أو لا يتبعون نظاماً جيداً للتمارين الرياضية».
ما رأي خبراء الأمراض المعدية؟
وافق الدكتور جاكوب غلانفيل، الرئيس التنفيذي لشركة «Centivax»، وهي شركة للتكنولوجيا الحيوية في سان فرنسيسكو، على أن الحصبة من المرجح أن تؤثر بشدة على الأطفال في البلدان النامية الذين يعانون من سوء التغذية الشديد. وقال لـ«فوكس نيوز»: «تاريخياً؛ يموت أقل من واحد في المائة من الأطفال الأميركيين من الحصبة، بينما أفادت (منظمة الصحة للبلدان الأميركية) بأن ما يصل إلى 10 في المائة من الأطفال يموتون من الحصبة في بعض البلدان النامية، وقد أُبلغَ عن ارتفاعها من 25 في المائة إلى 50 في المائة في دراسة أجريت على الأطفال الأفارقة الذين يعانون من سوء التغذية». وأشار غلانفيل إلى أن الافتقار إلى الرعاية الطبية الجيدة في كثير من مناطق العالم النامي يساهم أيضاً في شدة المرض.
وأضاف: «في حين أن التغذية الفضلى مهمة للأطفال الأميركيين، فمن غير المرجح أن تحدث فرقاً عندما يتعلق الأمر بعدوى الحصبة أو شدتها. 90 في المائة من الأطفال الأميركيين الذين يتغذون جيداً ولكن غير المطعمين والمعرضين للحصبة سيصابون بالعدوى، ونحو 20 في المائة من هؤلاء الأطفال سيُنقلون إلى المستشفى».
بدورها، لاحظت الدكتورة تريش بيرل، خبيرة الأمراض المُعدية بالمركز الطبي في «جامعة تكساس ساوث ويسترن» في دالاس، أن سوء التغذية يمكن أن يضعف بعض استجابات الجهاز المناعي لكثير من الالتهابات، ولكن في حالة الحصبة، فإن الإجابة «معقدة». وقالت لـ«فوكس نيوز»: «على سبيل المثال، قد يؤدي سوء التغذية إلى تقليل قوة الاستجابة للقاح الحصبة، ولا يزال اللقاح فعالاً، ولكن في بعض الحالات، قد تكون هناك حاجة إلى جرعة إضافية. وقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية بسبب نقص فيتامين (A إيه – أ) والذين يعيشون في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل يعانون من مرض أكبر شدة مع عدوى الحصبة، ويواجهون خطراً متنامياً للوفاة والعمى، ويستغرقون وقتاً أطول للتحسن»، كما قالت بيرل. وأضافت: «لا يوجد علاج للحصبة يتجاوز الرعاية الداعمة. ومع ذلك، في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل – التي يزيد معدل الوفيات فيها على واحد في المائة – توصي منظمة الصحة العالمية بجرعتين من فيتامين (أ) لتقليل شدة الحصبة ومنع المضاعفات». وأضافت بيرل أن المشكلة ليست منتشرة في الولايات المتحدة، حيث نقص فيتامين «أ» نادر للغاية. وفقاً لبيرل، لم تكن هناك دراسات رسمية بشأن ما إذا كان إعطاء فيتامين «أ» للأطفال المصابين بالحصبة في الولايات المتحدة أو غيرها من البلدان ذات الدخل المرتفع يمنع المضاعفات. ومع ذلك، توصي «الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال» بأن يتلقى الأطفال في المستشفى المصابون بالحصبة الشديدة جرعتين من فيتامين «أ» تحت إشراف مقدم الرعاية الصحية. كما أشار الدكتور جوناثان جينينغز، طبيب الأمراض الباطنية المعتمَد في «المكاتب الطبية» بمانهاتن، إلى أن دراسات متعددة وجدت أن التغذية يمكن أن «تؤثر بشدة» على المسار السريري للأطفال الذين يصابون بفيروس الحصبة. وقال لـ«فوكس نيوز ديجيتال»: «خطر النتائج المميتة يزداد لدى الأطفال الذين يعانون بالفعل من سوء التغذية قبل الإصابة». وقال: «من المعروف أن العدوى تؤدي إلى تفاقم الحالة الغذائية، مما يؤثر على الجهاز المناعي للطفل وقدرته على التعافي». وأوصى جينينغز باتباع نظام غذائي متوازن يحتوي مجموعة متنوعة من الفواكه والخضراوات الملونة والبروتين والدهون الصحية وسيلةً لمنع المضاعفات بمجرد الإصابة بالفيروس. التغذية ليست بديلاً للقاح، في حين أن التغذية السليمة مهمة للوقاية من كثير من الحالات الصحية المزمنة. وأكدت بيرل أن التطعيم هو «الطريقة الوحيدة الموثقة» لمنع الإصابة بالحصبة و«هو الإجراء الأعلى أهمية الذي يمكن لأي شخص اتخاذه». وقالت: «استُخدم اللقاح منذ عام 1963، ويعدّ آمناً للغاية. يجب إعطاء التطعيم، سواء أكان الفرد يعاني من سوء التغذية أم لا؛ لأنه الطريقة الوحيدة للوقاية من الحصبة».