وسط «مسيّرات الفصائل» والخوف من ضربات إسرائيل.. أين اختفى ملف رئيس البرلمان؟

4

 

 

القوى السُنية تبدو غير مهتمة ولا تعرف لماذا انسحبت القضية من طاولات السياسيين

 

بغداد/ تميم الحسن

 

سكتت القوى السياسية، بشكل مفاجئ، عن ملف اختيار رئيس البرلمان الذي يقترب من عامه الأول، دون حل.

ولا ترى الأحزاب السُنية أي تقدم بشأن هذه القضية، فيما لا تعرف الأسباب بشكل دقيق.

وأكبر المتفائلين من القوى الشيعية ترجح بان البرلمان سيعيد فتح هذا الملف في الشهر المقبل.

وخلال الاسابيع الثلاثة الاخيرة، توقفت قوى السلطة عن التداول بعدة قضايا كانت «خلافية»، أبرزها ما بات يسمى بـ»قوانين الطوائف»، وهما قانونا «الأحوال الشخصية» المقدم من الشيعة، و»العفو العام» الذي تدعمه القوى السُنية.

كذلك غابت عن النقاشات الخلافات بشأن قضايا «التجسس»، و»سرقة القرن».

وقرأت تحليلات ذلك التراجع، بأن أوضاع الحرب في المنطقة «حققت البديل» في تعبئة الشارع باتجاهات معينة.

بالمقابل اعتبر نواب ان الازمة اللبنانية، صارت بمثابة «طوق نجاة» للمتهمين في قضايا «سرقة القرن» و»التنصت».

هذه الملفات كانت «ساخنة» قبل أيام فقط من اغتيال حسن نصرالله، أمين عام «حزب الله»، نهاية أيلول الماضي.

كل هذا الصراع تراجع الآن وحلت مكانه توقعات «الضربة الاسرائيلية» على العراق، و»مسّيرات» الفصائل التي تهاجم «الجولان»، و»غور الاردن».

واحد من تلك الملفات التي غاب بشكل غير مفهوم، هو اختيار بديل لرئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.

يقول يوسف السبعاوي، النائب عن حزب «تقدم» الذي يتزعمه الحلبوسي، إن «قضية اختيار رئيس البرلمان متوقفة تماما»، فيما يجهل السبب.

وأكد في اتصال مع (المدى) انه «لا توجد حتى الآن أية نقاشات حول تحديد جلسة في البرلمان حول هذا الموضوع، أو تقديم مرشح جديد».

آخر مرة ذكر فيه انتخاب «رئيس البرلمان» كانت قبل 15 يوماُ وبشكل خجول في ذيل بيان صدر عقب اجتماع «ائتلاف إدارة الدولة»، الذي يضم كل القوى السياسية الفائزة بالانتخابات، في 30 ايلول الماضي، طالب بـ»حسم» الملف.

البيان كان مخصصا لتطورات الوضع في لبنان بعد تأكيد خبر اغتيال «نصرالله»، ووضع بند «رئيس البرلمان» بشكل عرضي داخل موضوع الاجتماع.

يقول حيدر الملا، القيادي في تحالف «عزم» المنافس لـ»الحلبوسي»، ان «الإطار التنسيقي» يوعدنا في كل جلسة لـ»إدارة الدولة» بحسم الملف «ولا يحدث ذلك».

قبل ذلك البيان بـ8 أيام كان نوري المالكي، زعيم دولة القانون، قد التقى مثنى السامرائي، رئيس تحالف «تقدم».

المالكي كان قد أظهر مواقف متناقضة، في الأيام الأخيرة قبل اختفاء الملف من أمام مكاتب زعماء «الإطار»، في دعم أكثر من مرشح لرئاسة البرلمان.

في اجتماع المالكي- السامرائي، اتفق الطرفان على المضي قدماً بـ»اختيار رئيس لمجلس النواب لتعزيز الدور التشريعي والرقابي للبرلمان وتقديم كل ما يخدم شرائح المجتمع»، بحسب بيان صدر عن مكتب الاول.

زعيم دولة القانون كان قد دعم في أول الامر، محمود المشهداني ليكون بديلا عن محمد الحلبوسي.

الحلبوسي كان قد ألغت «المحكمة الاتحادية» عضويته من البرلمان، في تشرين الأول 2023، بسبب قضية «تزوير».

وبين المالكي والمشهداني، تاريخ مسبق من التعاون، حين كان رئيسا للبرلمان، ثم رئيس السن في 2022.

رئيس البرلمان الاسبق كان يتوقع ان يعيد المالكي و»الشيعة» الجميل حين أحبط في 2022، محاولة صدرية بإعلان نفسها «الكتلة الاكبر» متظاهرا بأنه تعرض للضرب، وعطل الجلسة، كما اعترف المشهداني بنفسه بعد ذلك.

بقي المالكي ممسكا على المشهداني، لانه يرى فيه «غير جدلي، ومحترف في عمله»، بحسب نواب دولة القانون، رغم أنه أُجبر على الاستقالة من منصب في 2008، بسبب « إهانته لأعضاء في المجلس».

اضطر المالكي بعد ان فشل المشهداني مرتين في الحصول على الأصوات اللازمة للجلوس على كرسي رئيس البرلمان، أن يدعم مرشح الحلبوسي الجديد.

وسط ذلك كان يتحرك محمد السوداني، رئيس الحكومة لدعم سالم العيساوي عن «عزم»، للبحث عن «شريك» في البرلمان، بحسب بعض التسريبات.

حاول المالكي بالمقابل اغلاق الطريق امام خصمه السوداني، لذلك ذهب باتجاه دعم أي مرشح آخر غير الذي يتوافق معه رئيس الحكومة.

ووافق زعيم دولة القانون على «مرشح غير موجود» قال حزب الحلبوسي بأنه سيقدمه للترشح، ولم يعرض هذا الاسم حتى الآن، فيما كان قيس الخزعلي، «زعيم العصائب»، دخل على الخط.

وتنافس المالكي والخزعلي على الفوز بإعلان اسم «المرشح» الجديد لرئيس البرلمان، بعد جولات منافسه في تشكيل الحكومات المحلية في ديالى وكركوك، حتى «اختفى الملف» بشكل مفاجئ.

هل السؤال عن بديل الحلبوسي مهم؟!

يقول حكمت سليمان، رئيس تكتل الانتماء الوطني فى الانبار القريب من «عزم»، انه «لا يوجد اي تحرك بقضية رئيس البرلمان»، ولم يبين سبب ذلك.

ويعتقد سليمان في حديث لـ(المدى) أن «الإطار التنسيقي يتلاعب بالقوى السُنية ويوعد أكثر من مرشح بالحصول على التأييد».

ويتهم رئيس «الانتماء الوطني» واغلب تحالف «عزم»، القوى الشيعية بأنها تعطل هذا الملف، لضمان بقاء محسن المندلاوي، رئيس البرلمان بالوكالة، وأحد زعماء «الإطار»، لأطول وقت بالمنصب.

ونفس الاتهام يدفعه الشيعة في بعض الأحيان ضد الحلبوسي، بان لايريد ان يكون له «بديلا» في البرلمان، او انه يبعث برسائل الى الغرب مفادها أن «الشيعة أخذوا حصة السُنة من المناصب».

اثيل النجيفي، محافظ نينوى السابق، قال إنه لا يملك معلومات دقيقة عن سبب تعطل ملف «رئيس البرلمان»، لكنه أكد أن ما ينتظره السُنة أهم بكثير من «منصب رئيس مجلس النواب»، لاسيما وانه أصبح منصبا شكليا غير مؤثر، على حد وصفه.

النجيفي أوضح لـ(المدى) أن «السُنة عموما لم يعد ينظرون إلى مشاركتهم في السلطة بانها مشاركة حقيقية ولم يعد يهتموا كثيرا بمن يتولى المناصب، لأنهم يرون أن المناصب تشكل فرقا لصاحب المنصب فقط، دون الجماهير».

وعلى هذا الاساس، يرى المحافظ السابق، أن «الاغلبية تترقب الأحداث القادمة وتتساءل هل فهم الشركاء الشيعة بأنهم بحاجة الآن إلى وحدة وطنية ومشاركة حقيقية في السلطة لتفادي الأخطار التي تواجه العراق بأجمعه؟».

الحديث عن ملف اختيار رئيس البرلمان قد يمثل «رفاهية» في وضع يتوقع فيه اغلب العراقيين تعرض البلاد الى القصف على غرار ما يحدث في لبنان.

لكن محمد الزيادي النائب عن «الإطار التنسيقي»، يعتقد أن ما يجري على الساحة الاقليمية لن تؤثر على عمل البرلمان، ويقول إن «رئاسة البرلمان ستحسم بعد اسبوعين».

الزيادي في اتصال مع (المدى) قال «بنسة عالية سوف ينتهي البرلمان من اختيار رئيس البرلمان بعد انتخابات إقليم كردستان» التي من المفترض ان تجري يوم 20 تشرين الأول الحالي.

وبيّن أن «البرلمان عازم على إنهاء هذا الملف من خلال الأغلبية العددية».

التعليقات معطلة.