عصر جديد للغاز الروسي
منحت السلطات الروسية شركة «نوفاتيك» في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، الموافقة على بدء الإنتاج والتصدير من مشروع «يامال للغاز المسال»، بعدما أنفقت 27 بليون دولار، وبعد خمس سنوات من العمل لتشييد المنشآت والبنى التحتية، وحفر 58 بئر غاز لتشييد مصنع للغاز المسال في «شبه جزيرة يامال» الواقعة في شمال القطب الشمالي، وحيث تبلغ درجة الحرارة نحو 50 درجة مئوية تحت الصفر. ومنحت السلطات الرسمية موافقتها على بدء الإنتاج وتشغيل قطار التسييل الأول، والتصدير. وستتوجه الشحنة الأولى من الغاز إلى الأسواق الصينية.
يعتبر مشروع «يامال للغاز المسال» الأول من نوعه في القطب الشمالي الروسي، والثاني بعد مشروع «ساخالين-1». وسيتم إنتاج الغاز من حقل «يوزنهو- تامبيسكوي» وحقول أخرى في «شبه جزيرة يامال». وسيحتوي المشروع بصيغته النهائية على ثلاثة خطوط (قطارات) للإنتاج، وطاقة إنتاجية سنوية نحو 16.50 مليون طن من الغاز المسال. بينما تبلغ الطاقة الإنتاجية للمرحلة الأولى من المشروع التي بدأ تشغيلها الآن نحو 5.5 مليون طن. ويتوقع الانتهاء من تشييد خطوط الإنتاج 2-3 بحلول عام 2021.
ويعتبر مشروع «يامال للغاز المسال» عنصراً أساساً في مخططات روسيا الاستثمارية في القطب الشمالي، وفي استعمال روسيا الطريق الشمالي البحري لإبحار ناقلات الغاز. كما يشجع المشروع اقتصادات هذه المنطقة النائية، لتشجيع تشييد بنى تحتية إضافية لخدمة مشاريع اقتصادية جديدة في هذه المنطقة النائية.
لقد بدأت روسيا بدرس إمكان تشييد مصانع غاز مسال ضخمة في القطب الشمالي منذ مطلع الألفية. ووافقت موسكو بالفعل على مشروع مشترك ما بين «روزنفت» و «إكسون- موبيل» في شبه جزيرة «يامال». لكن المقاطعة الأوروبية- الأميركية ألقت ظلالها على هذا المشروع. ومن ثم، بدأت شركة «نوفاتيك» بالشراكة مع شركة «توتال» الفرنسية، العمل في المشروع الحالي. وقاد المشروع رئيس شركة «توتال» سابقاً كريستوف دي مارجوري الذي لاقى حتفه لاحقاً في حادث مؤسف في مطار موسكو. وتتوزع حصص الشركاء في المشروع المشترك على «نوفاتيك» 50.1 في المئة، و «توتال» 20 في المئة، وشركة «الصين البترولية الوطنية « 20، و «صندوق طريق الحرير» الصيني 9.9 في المئة.
يشكل مشروع «يامال للغاز المسال» مرحلة جديدة في صناعة الغاز الروسية الضخمة. كما أن إدارته تختلف اختلافاً كبيراً عن بقية المشاريع الغازية الروسية. فشركة «نوفاتيك» مستقلة، لكن قريبة من الكرملين. ومن المتوقع أن تصبح «نوفاتيك» بعد إطلاق هذا المشروع، أكبر شركة روسية لإنتاج الغاز المسال. إذ إنها تخطط لزيادة طاقتها الإنتاجية. فإضافة إلى طاقة هذا المشروع البالغة 16.50 مليون طن من الغاز المسال، والتي تبلغ ضعف الطاقة الإنتاجية لمشروع «ساخالين-2»، تعمل الشركة على تأسيس مشروع «أركتيك للغاز المسال-2 « لإنتاج نحو 18 مليون طن بحلول 2023، إضافة إلى مخططات مستقبلية لتوسيع «يامال للغاز المسال» لإنتاج نحو 80 مليون طن بحلول 2035.
يذكر أن «نوفاتك» و «توتال» اشتركتا أخيراً في كونسورتيوم مع شركة «إيني» الإيطالية، للاكتشاف والإنتاج في القطعتين البحريتين 4 و 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية.
وتقدر احتياطات الغاز الطبيعي الروسية بنحو 1.688 تريليون قدم مكعبة، الأعلى في العالم. وتهيمن شركة «غازبروم» الحكومية على قطاع الإنتاج، في وقت بدأ يزداد الإنتاج من قبل شركات أخرى، مثل «نوفاتك».