وليد خدوري

1

 
أسباب خفض إيران صادراتها النفطية إلى سورية
 
قلصت إيران خلال الأشهر الأخيرة، تصدير النفط الخام إلى سورية، «كمؤشر لترنح الدعم الاقتصادي لنظام بشار الأسد»، وفقاً للنشرة النفطية اليومية التي تصدر في واشنطن «أنترناشيونال أويل ديلي» في عددها المؤرخ 23 آذار (مارس). وقد بادرت طهران منذ اندلاع الثورة في سورية عام 2011، إلى تصدير 75 ألف برميل يومياً محمولة على ثلاث ناقلات إيرانية تعبر قناة السويس لتفريغ حمولتها في ميناء بانياس.
 
وكدليل على انخفاض الصادرات خلال الفترة الأخيرة، تشير النشرة إلى أن رصد حركة الملاحة في شرق المتوسط تدل على استمرار الناقلة «طور-2» فقط في رحلاتها إلى بانياس، من دون أي حركة للناقلتين الأخريين إلى سورية، وإلى أن «إيران دفعت ثمناً باهظاً « نظرا لعدم قدرة النظام السوري خلال السنوات الماضية على دفع المستحقات لوارداته النفطية بسبب أوضاعه الاقتصادية الصعبة. من ثم، «بلغت المستحقات المتأخرة للسنوات السبع الماضية نحو بلايين دولار، والأمل ضئيل جداً في استرداد هذه المستحقات». وأدت هذه الظاهرة إلى بروز أصوات تحذر من هذا الأمر وتدعو إلى أن «تمنح سورية عقوداً لإسكتشاف النفط والغاز والمعادن وتطويرها، للشركات الإيرانية تعويضاً عن هذه الديون». وفي هذا الصدد، صرح المسؤول السابق عن الحرس الثوري يحي رحيم صفوي، المستشار السابق للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي، إلى وكالة أنباء محلية، بأن «إيران تحتاج إلى استعادة النفقات التي تكبدتها في سورية». ويذكر مراقبون أن تأثير الرئيس حسن روحاني محدود في هذا الملف، بما أن الحرس الثوري قاد التدخل الإيراني في سورية. لكن النشرة تذكر في الوقت ذاته، أن من الممكن أن تجد إيران نفسها في المنزلة الثانية بعد روسيا للحصول على العقود البترولية السورية. فروسيا، الحليف الثاني لنظام الأسد، لعبت دوراً حاسماً في تطور النزاع السوري منذ استخدام قواتها الجوية عام 2015. إذ استطاع الطيران الروسي لعب دور حاسم لقلب توازن القوى لمصلحة النظام، وساعد في استعادة مساحات ضخمة من الأراضي، خصوصاً شرقي البلاد، حيث حقول النفط والغاز.
 
يذكر أن بعثة روسية برئاسة نائب رئيس الوزراء ديمتري روغوزين، زارت دمشق في نهاية العام الماضي واستقبلها الرئيس بشار الأسد بحفاوة بالغة، وتم استعراض مشاريع اقتصادية مشتركة، تشمل قطاعي النفط والغاز. وصرح روغوزين لوسائل الإعلام، بأن «سورية أرض ذات مصادر غنية غير محدودة». وأضاف في تصريح آخر، أن «للشركات الروسية الحق الأخلاقي لتطوير المشاريع الاقتصادية الكبرى في سورية». كما زار وزير الطاقة السوري علي غانم، موسكو في أوائل شباط (فبراير) الماضي، للتباحث مع زميله الروسي ألكسندر نوفاك.
 
تم اكتشاف النفط في سورية عام 1956، وبدأ الإنتاج في 1968. كما تشير معلومات منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) إلى أن الاحتياط المؤكد من النفط الخام بلغ في 2009 نحو 2.50 بليون برميل، ومن الغاز الطبيعي نحو 285 بليون متر مكعب. وتضيف معلومات «أوابك» أن قيمة صادرات النفط الخام السورية لعام 2010 سجلت نحو 6.689 بليون دولار لتنخفض في 2011 إلى 2.994 بليون. ومن المعروف أن قيمة هذه الصادرات انخفضت إلى مستويات متدنية جداً بعد بدء الحرب في 2011، ثم فقدان الدولة سلطتها على المناطق الشرقية للبلاد حيث حقول النفط والغاز.
 
يذكر أن لدى روسيا علاقات واسعة واتفاقات بترولية عدة مع دول الشرق الأوسط. وتتقدم هذه الدول خلال المرحلة الحالية العلاقات البترولية مع السعودية، حيث التنسيق والتعاون ما بين الرياض وموسكو لاستقرار أسعار النفط العالمية. هذه التجربة تكللت بالنجاح حتى الآن، بعد التدهور السريع للأسعار إلى ما يقل عن 30 دولاراً للبرميل خلال الأعوام 2014-2016. كما هناك محادثات حول التعاون في مجال الصناعات والتجارة النفطية والغازية ما بين شركة «أرامكو السعودية» والشركات النفطية والغازية الروسية. كما وقعت إيران عقوداً عدة مع الشركات الروسية، منها عقد يؤهل شركة روسية حكومية لشراء 100 ألف برميل يومياً من النفط الإيراني. ووقعت الشركة الروسية «زابورنيفت» عقداً مع «شركة النفط الوطنية الإيرانية» في شباط (فبراير) الماضي لتطوير مجموعة من الحقول النفطية البرية الإيرانية.

التعليقات معطلة.