«وول ستريت» الأسبوع القادم: «البلاك فرايدي» في بؤرة التركيز لقياس قوة المستهلكين

3

في ظل شهر صعب تشهده الأسهم الأميركية، يتجه المستثمرون خلال الأسبوع القادم نحو البحث عن مؤشرات قوة المستهلك الأميركي، حيث تضع مناسبة «الجمعة السوداء» (Black Friday) موسم التسوق في صلب الاهتمام.

شهدت مكاسب الأسهم تباطؤاً ملحوظاً في نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي بأكثر من 4 في المائة حتى الآن خلال الشهر. وحتى النتائج الفصلية القوية لعملاق أشباه الموصلات «إنفيديا» فشلت في تهدئة الأسواق التي تعاني من قلق متزايد بشأن التقييمات المرتفعة للشركات والتساؤلات حول عوائد الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

الإنفاق الاستهلاكي تحت المجهر

سيخضع الإنفاق الاستهلاكي، الذي يشكل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأميركي، لتدقيق شديد من قبل «وول ستريت». حيث يتخلل أسبوع التداول عطلة عيد الشكر يوم الخميس، يتبعها «الجمعة السوداء»، ومن ثم «اثنين الإنترنت» (Cyber Monday)، وموسم التخفيضات الذي يمتد حتى نهاية العام.

وتكتسب أي إشارات حول إنفاق العطلات أهمية أكبر من المعتاد، خاصة في ظل البيانات الأخيرة التي أظهرت تراجعاً في ثقة المستهلك، وتأخر صدور تقارير اقتصادية حكومية بسبب الإغلاق الفيدرالي.

ويقول كريس فاشيانو، كبير استراتيجيي السوق في «كومنولث فاينانشال نتورك»: «ستكون القراءات المبكرة التي نحصل عليها بخصوص الجمعة السوداء واثنين الإنترنت مهمة، نظراً لنقص البيانات المتاحة حالياً. إن موسم التسوق بأكمله سيكون مقياساً مهماً لوضع المستهلك وتأثير ذلك على الاقتصاد»، وفق «رويترز».

 

عرض تلفزيون سوني أسعار التخفيضات خلال التسوق المبكر في الجمعة السوداء في «بيست باي» في سان دييغو (أ.ب)
عرض تلفزيون سوني أسعار التخفيضات خلال التسوق المبكر في الجمعة السوداء في «بيست باي» في سان دييغو (أ.ب)

 

تأثير سوق الأسهم على جيوب الأثرياء

رغم التراجع الأخير، يظل مؤشر ستاندرد آند بورز مرتفعاً بنسبة 11 في المائة منذ بداية العام، لكنه انخفض بأكثر من 5 في المائة عن أعلى مستوى تاريخي سجله في أواخر أكتوبر (تشرين الأول). وقد سجل مؤشر الخوف أعلى مستوى إغلاق له منذ أبريل (نيسان).

ويرى الخبراء أن أداء سوق الأسهم يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على كيفية إنفاق المستهلكين خلال العطلات، خاصة ذوي الدخول المرتفعة الذين يمتلكون استثمارات كبيرة في الأسهم. ويشير دوغ بيث، كبير استراتيجيي الأسهم العالمية في معهد «ويلز فارغو للاستثمار»، إلى أن جزءاً كبيراً من ثروة الشريحة العليا مرتبط بالسوق، ولذلك سيكون من المثير للاهتمام ملاحظة ما إذا كان إنفاقهم سيستمر بالوتيرة السابقة.

نمو أبطأ ومخاوف التضخم

تتوقع «الجمعية الوطنية لتجارة التجزئة» أن تتجاوز مبيعات العطلات في الولايات المتحدة حاجز التريليون دولار لأول مرة. ومع ذلك، تشير توقعاتها لنمو يتراوح بين 3.7 في المائة و 4.2 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو نمو أبطأ من نسبة 4.3 في المائة التي تحققت في عام 2024.

ويؤكد الخبراء أن صحة سوق العمل هي «العامل الأهم للإنفاق الاستهلاكي». ورغم أن الميزانيات العمومية للأسر لا تزال «في وضع قوي جداً»، فإن تباطؤ نمو التوظيف، واستمرار التضخم الثابت بسبب رسوم الاستيراد المرتفعة، قد يشكل ضغطاً على إنفاق العطلات.

بيانات متأخرة وتأثير على قرارات «الفيدرالي»

سيوفر تقرير مبيعات التجزئة الأميركية لشهر سبتمبر (أيلول)، والمقرر صدوره يوم الثلاثاء (بعد تأخير بسبب الإغلاق الحكومي)، قراءة إضافية مهمة حول قوة المستهلك.

ومن المتوقع أن يؤدي تدفق البيانات الاقتصادية المتراكمة والمتأخرة في الأسابيع المقبلة إلى زيادة تقلبات الأسواق، بينما يقيّم المستثمرون صحة الاقتصاد وإمكانية قيام «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه القادم يومي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

وفي أعقاب تقرير الوظائف لشهر سبتمبر، والذي أظهر تسارعاً في نمو الوظائف لكن مع ارتفاع معدل البطالة إلى 4.4 في المائة (أعلى مستوى في أربع سنوات)، عكست العقود الآجلة لأموال «الفيدرالي» فرصة بنسبة 67 في المائة بأن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة ثابتة في ديسمبر، بعد خفضين سابقين بمقدار ربع نقطة.

ويتوقع اقتصاديون في «مورغان ستانلي» أن «الفيدرالي» لن يخفض أسعار الفائدة في ديسمبر، لكنهم يتوقعون ثلاثة تخفيضات في عام 2026، مؤكدين أن مسار سعر الفائدة «لا يزال يعتمد بشكل كبير على البيانات».

التعليقات معطلة.