يزرعون الارهاب في وطني ليبيا ثم يتحججون بحصاده

2

ميلاد عمر المزوغي
عندما تحدثت كوندوليزا رايس عن الشرق الاوسط الجديد، كنا نقول ان ذلك هراء ولن يكون، فجأة ودون سابق انذار هبت عواصف في غير موعدها، غيّرت الربيع الزاهي بألوانه، فطغت سيول من الدماء جرفت ما وجدته امامها، عمت الفوضى كافة الارجاء بمباركة بعض ابناء يعرب علّهم يفوزون برضى اسيادهم ويبعدون عنهم الخطر الى حين.
الغرب بعد استيلاء تنظيم الدولة على كامل شمال العراق في زمن قياسي لم يسبقهم اليه أحد (ربما يتم تسجيل الوقت في موسوعة جينيس) قاموا بضربات جوية هي اشبه بما تقوم به المرأة الهجّالة (المتوفى عنها زوجها) من ضرب ابنتها فهي لا تؤذيها. بل اكدت عديد المصادر ان الغرب يلقي بالأسلحة والمؤن لتنظيم الدولة. يتبجح ساسة الغرب وقادتهم العسكريين بالقول بان القضاء على التنظيم يتطلب وقتا قد يستغرق 10 سنوات.
استشعرت روسيا الخطر فقامت بضربات جوية أكثر حدة، هلّل لها الجميع وكبّر، تنفس البعض الصعداء واستبشر خيرا فكان حادث اسقاط الطائرة الروسية الذي أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنه وقد اثبتت التحليلات والتحقيقات والمعلومات الاستخباراتية صدقية تنظيم الدولة، الرئيس بوتين يقول بان الهجمات الجوية على سوريا لن تكون كافية للقضاء على الإرهاب.
كما أعلن التنظيم مسؤوليته عن أحداث باريس المستجدة، ما جعل فرنسا تعلن رسميا مشاركتها في الحرب على داعش، بل ذهب بعض قادة الغرب الى استصدار قرار اممي بمحاربة الارهاب بالمنطقة، رئيس الوزراء البريطاني من جانبه قال بان بلاده سوف تتدخل بصفة منفردة ولن تقف مكتوفة الايدي لأجل حماية مصالحها.
الغرب والدول الاقليمية يعلنون الحرب على الارهاب الذي زرعوه بأرضنا العربية، يسعون الى تدمير ما لم يقم تنظيم الدولة بتدميره، لتتفاقم الازمة، وتزداد اعداد المهجرين قسرا، فيمنح البعض اللجوء الانساني ليظهروا لنا بأنهم يقدسون الحرية والحياة ليستفاد من اللاجئين في اعمال وضيعة يترفع ابناءهم عن القيام بها.
يعتقد البعض بان عدم اشتراط الغرب رحيل الرئيس السوري يعتبر نصرا، ويتناسون ان ما تقوم به الطائرات المعادية في الاجواء السورية انما هي تدمر ما تبقّى من بنى تحتية, وان المجموعات المسلحة الاخرى تستولي على المناطق التي يخليها تنظيم الدولة, أي ان تلك المجموعات المسلحة تكتسب المزيد من الاراضي التي تقوّي مركزها التفاوضي، وبذلك تقتسم السلطة مع النظام القائم، انه في حال اجراء الانتخابات (وهذا امر بعيد الاحتمال في ظل الظروف الراهنة)، فان المناطق التي تسيطر عليها المجاميع المسلحة لن تكون نزيهة وستفضي الى وجود حالة من عدم الاستقرار , حيث يسعى الغرب الى ايجاد منطقة عازلة في الشمال السوري يصعب على القوات النظامية دخولها, ما يساهم في تشظي البلد واستمرار المعاناة.
لقد افلح الغرب في تدمير الجيش العراقي بنسبة 95 % ,وتم القضاء كلية على الجيش الليبي, الجيش المصري اوجدوا له ما يشغله, الجيش الجزائري انهكته حرب السنوات العشر, بقية الجيوش العربية قد يتم تسريحها قريبا, لم تعد الحاجة ماسة اليها ,بل قد لا تستطيع بعض الدول الإيفاء بمرتبات جيوشها, المنطقة مقبلة على اعمال عنف لن تنتهي قريبا، فالغرب لا يريدون القضاء على الارهاب، بل يريدونه ان يبقى لتنفيذ اجنداتهم (لا يجوع الذئب ولا تفنى الاغنام)، التنظيم يتمدد في بلاد الشام وعلى شاطئ المتوسط الجنوبي، حيث يشتد ساعده في سرت الليبية ومنها سينتقل الى دول الجوار التي ايد بعضها غزو الناتو للبلاد بل قدم دعما لوجستيا وتقاضى بعض الاموال، ودول اخرى وقفت متفرجة اعتقدت انها في منأى عما يخطط له الغرب. اصبحت بلداننا نسرح الاعمال الاخرين الاجرامية، وحقل تجارب اسلحة الاخرين التي تخلف امراضا للأجيال القادمة.

التعليقات معطلة.