حسن فليح / محلل سياسي
سقط النظام البعثي الدكتاتوري وستبشرنا خيراً بالديمقراطية وبالاحزاب والشخصيات التي كانت معارضة وتناضل من اجل التغير وأنقاذ الشعب العراقي وانتابنا الامل بأن شعبنا سينعم بالحريةوالامن والامان والتنمية والازدهار ، ولكن سرعان ماتبددت امالنا واحلامنا وعاش الشعب محنة اليأس والخذلان مع عملية سياسية امتدت تسعة عشر عاماً ولازالت ماضية بنفس المهزلة وبنفس الاداء السياسي السيئ والمعطل لحياة العراقيين وتطلعاتهم ، وعلىٰ الرغم من الانتقادات الشديدة والرفض الشعبي الواسع الذي عبرت عنه الجماهير الحاشدة في ميادين التضاهرات ، التي عمت مدن وشوارع العراق ، لم نجد أحداً من تلك القوىٰ والاحزاب نئىٰ بنفسه عن الاستمرار بالمشاركة بالعملية السياسية سيئة الصيت واصطف مع الشعب وانتقد السياسة البغيضة و قَوّم المرحلة وقدم رؤياه للحل والخلاص ، كان الامر علىٰ العكس من ذلك تماماً الجميع ساهموا بقمع الثورة والالتفاف عليها والجميع توحدوا ضدها لخشيتهم علىٰ منظومتهم السياسية من الانهيار وعلىٰ مكتسباتهم الشخصية والنفعية الرخيصة من الضياع التي تحققت علىٰ حساب الوطن والمواطن ، الجميع وقفوا عاجزين عن تقديم الحلول ومعالجة الاخفاقات وعدم تشخيص اسباب الفشل وعدم تحديد السبل الكفيلة بالانقاذ ، الجميع أصابهم العقم الفكري والسياسي وعقدة الحل ، حتىٰ اصبحوا يشكلون الان مركز المشكلة وتفاقمها امام العراقيين واستحالة ان نرىٰ عراقاً مستقراً بوجودهما ، عزيزي القارئ منذُ البداية وعند انعقاد المؤتمر الاول للمعارضة العراقية في الخارج اتفقوا علىٰ تشخيص سياسي خاطئ مفاده ان نظام صدام كان يستهدف الشيعة والكرد دون السنة وتناسوا ان الكثير من السنة تعرضو للضلم والاضهاد نتذكر منهم رجل الدين الشيخ البدري الذي تم اعدامة وهناك الكثير من الضباط السنة تعرضو للاعدام مثل محمد مضلوم وراجي التكريتي وغيرهم ممن قامو بانقلابات عسكرية للتخلص من النظام علما ان غالبية حزب البعث هم من الشيعة وكانو من ابرز قياداتة حقيقة الامر كان النظام الصدامي نظاما دكتاتوريا استبداديا بامتياز وقد تساوىٰ العراقيين بظلمه ، ان اعتماد التشخيص الخاطئ والقاتل في التحشيد ضد نظام صدام وتجيش العالم ضدة بكذبة كبيرة كان الهدف منها ليس اسقاط النظام البعثي فحسب ، انما الغاية الحقيقية هي ادخال البلاد في متاهة الحل واشتباك شعبة في العامل الطائفي المقيت ، وزجه في دوامة سياسية تدميرية تمثلت بالعملية السياسية البائسة التي شكلت الصفحة الثانية من الحرب علىٰ العراق لاستكمال ماتبقىٰ من الاهداف التي لم تستطع جنود الاحتلال وصواريخهم من الوصول اليها ، لأستهداف قيمنا ووحدة مجتمعنا ووحدة بلادنا وقتل علمائنا وتبديد ثرواتنا وتعليمنا وثقافتنا وتعطيل التنمية ولكي تتعرض تلك الاهداف للتدمير الممنهج انيطت المهمة لحفنة من الذين تربوا خارج الوطن وفي دهاليز المخابرات الدولية من المنحرفين عن خطهم الوطني الذين نجدهم اليوم حريصين علىٰ استمرار العملية السياسية وبذائتها ، التي دفعنا ثمنها الغالي من دماء ابنائنا وعلىٰ حساب مستقبل الشعب والبلاد ، وتحت هذا المفهوم والتشخيص الزائف شرعوا باستهداف مؤسسات الدولة وحلها وقامو ببناء مؤسسات علىٰ اساس طائفي مكوناتي محاصصاتي اصبحت السبب الرئيسي بانهيار الامن ونهب ثروات البلاد وتفشي كبير للفساد والمفسدين وجذرت الانقسام المجتمعي ، أنهم جائوا بمخطط دولي كبير يتعداهم ويتعدى مداركهم العقلية وتجربتهم السياسية وتم استخدامهم ، غطائاً شريعياً للغزو والاحتلال ليس الا ، الان نشاهد مدىٰ التخبط السياسي الذي اصاب الجميع دون استثناء ، وكيف بداءَ التأكل والانهيار لنظامهم المحاصصاتي الطائفي وكيف تعززت وتجذرت العزلة الشعبية لهم في عموم مجتمعنا العراقي ، وعلىٰ الرغم من كل ذلك لم يدركوا وألىٰ ألأن حقيقة أن العملية السياسية باتت كسيحة وغير منتجة وفقدت ثقة الشعب وفقدت شرعية استمرارها وبقائها كنهجاً للحكم بعد ان ثبت بالفعل والممارسة وبالتجربة المريرة فشلها وفشل المتشبثين بها والقائمين عليها ومن يقف خلفها ، لانها لم تكن وليدة الارادة الوطنية ولم تكن تمتلك الرؤيا والبرنامج الوطني المفقود لحد اللحظة لقيادة البلاد ، ذلك فضلاً انهم جائوا بارادة دولية واقليمية بعيدة عن خيارات الشعب الوطنية، علىٰ الحراك الشعبي المتمثل بثوار تشرين ان يتنبهوا لمسألة في غاية الاهمية ، لايكفي الرفض والغضب والسخط المجرد طريقاً للتغير ، عليكم بأحتواء التشضي الحاصل الذي اصاب الحركة وابراز قيادة واعية تعي طبيعة الواقع السياسي الداخلي والاقليمي والدولي وتستطيع تحمل المسؤولية وأعباء المرحلة وفق رؤيا واهداف واقعية تجسد طموحات العراقيين جميعاً وتأخذ بنظر الاعتبار ماأفرزتة التجربة السياسية المقيتة منذُ السقوط ولحد الان وتطرح عبر وسائل الاعلام ليتم تداولها بين الناس لتحضىٰ برضىٰ الشعب ولكي تكتسب الشرعية الجماهيرية لتكون خياراً شعبياً وبديلاً وطنياً حقيقياً للعملية السياسية الحالية امام المجتمع الدولي والمحيط الاقليمي ، واثبات قدرة العراقيين وعزمهم لبناء دولتهم ومن اجل خلاصهم من الاحزاب التي ادمتهم وسرقة ثرواتهم وعطلت حياتهم ومزقة وحدتهم ومن اجل الشروع لبناء دولة المواطنة بدون تمايز طبقي أو عرقي أو طائفي أو قومي الجميع يحضىٰ بحقوقة ، بضمانة دستورية وتشريعات قانونية ، وبرؤيا سياسية وطنية وحضارية وعلمية بعيداً عن تسييس الدين والادلجة الفكرية ، واعتماد العلم طريقا لبناء الوطن ، وتفعيل العوامل الوطنية كنهج مضاد للطائفية والتحزب المذهبي ، مع الايمان بتلاقي المصالح بين الدول والشعوب والتفاعل معها علىٰ اساس مصلحة العراق وشعبهِ .