في جلسة مثيرة للجدل، شهد البرلمان العراقي استخدام رئيس الجلسة محمد الحلبوسي المطرقة لإعلان التصويت النهائي على قانون العفو العام. وبينما أُعلن عن تمرير القانون وسط أجواء من التوتر، يبدو أن طرقة المطرقة لم تكن كافية لإنهاء الخلافات العميقة التي أثارها هذا القانون بين القوى السياسية والمجتمعية .
فيما ينتظر العراقيون بفارغ الصبر قانون العفو العام الذي يشهد خلافات على المصالح دون الاكتراث لمعانات المسجونين وعوائلهم الفقيرة .
في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها الشعب العراقي، يترقب العديد من العراقيين بفارغ الصبر إصدار قانون العفو العام، الذي يُعد بمثابة بارقة أمل للمسجونين وعائلاتهم الفقيرة. إلا أن هذا القانون، الذي من المفترض أن يكون خطوة نحو التخفيف من معاناة المواطنين، لا يزال يتعرض لتأجيلات ومفاوضات مستمرة بين القوى السياسية التي تحاول استغلاله لمصالحها الخاصة .
معاناة المسجونين وعائلاتهم
يعيش الآلاف من العراقيين خلف القضبان في ظروف إنسانية صعبة، حيث يعاني السجناء من الاكتظاظ، وسوء الرعاية الصحية، وضعف فرص الحصول على محاكمات عادلة. لكن المعاناة لا تقتصر على السجناء أنفسهم، بل تمتد لتشمل عائلاتهم، خصوصًا أولئك الذين يعيشون في مناطق فقيرة. هذه العائلات تعاني من ضغوط مالية واجتماعية كبيرة، حيث تتكبد مصاريف الزيارة والاحتياجات الأساسية التي أصبحت صعبة في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور .
الخلافات السياسية وتأجيل القانون
رغم الوعود المتكررة من قبل المسؤولين بإصدار قانون العفو العام، إلا أن الخلافات السياسية حول تفاصيله لا تزال تقف عائقًا أمام تطبيقه. فالقوى السياسية تتنازع على تحديد من سيستفيد من العفو، ومن سيبقى في السجون، حيث يبرز الجدل حول استبعاد بعض الفئات أو تضمين فئات أخرى، حسب المصالح السياسية والانتخابية لهذه القوى. وبذلك، فإن هذا القانون، الذي من المفترض أن يكون جسرًا للعدالة، تحول إلى أداة لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة .
عدم الاكتراث لمعاناة الشعب :
من المؤسف في هذه القضية هو أن الأوساط السياسية لا تبدو مهتمة بشكل حقيقي بمعاناة المسجونين وعائلاتهم. فتشديد المواقف السياسية والمساومات على حساب حياة المواطنين أصبح السمة الغالبة. بينما لا يزال الشعب العراقي يعيش في قلق دائم حول مصير أبنائه في السجون، يتفرغ السياسيون لمفاوضات قد تطيل فترة انتظار العدالة والرحمة .
نداء للعدالة والإنسانية
إن إقرار قانون العفو العام يجب أن يكون فرصة للإنصاف، وليس فرصة للمتاجرة بالمصالح السياسية. فالعراقيون، سواء كانوا داخل السجون أو خارجها، يحتاجون إلى رؤية تحرك حقيقي يعبر عن إنسانيتهم ومطالبهم العادلة. إن تأخير هذا القانون لا يضر فقط بالمسجونين وعائلاتهم، بل يعكس تباعدًا أكبر بين الحكومة والشعب، ويزيد من فقدان الثقة في النظام السياسي .
يجب أن يكون قانون العفو العام خطوة نحو العدالة والمصالحة، وليس ساحة للصراع السياسي. وعلى القوى السياسية أن تعي مسؤوليتها تجاه المواطنين، وألا تظل مصالحها الخاصة فوق معاناة الأسر العراقية التي عانت كثيرًا. الوقت قد حان للابتعاد عن الخلافات الضيقة والتركيز على مصلحة الشعب الذي يعاني من أزمات لا حصر لها .