16-10-2022 | 05:35 المصدر: النهار العربي رستم محمود
مبنى في إقليم كردستان العراق تعرض لقصف ايراني
A+A-فيما توقفت الهجمات العسكرية التي شنها الحرس الثوري الإيراني على مناطق مختلفة من إقليم كردستان العراق، نقلت وسائل إعلام إيرانية مقربة من الحرس الثوري معلومات عن مجموعة من الشروط التي نقلتها إيران إلى حكومة الإقليم، منها إخلاء المقار العسكرية والسياسية لعدد من الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة ضمن محافظات الإقليم، إلى جانب منع هذه الأحزاب من القيام بأي نشاطات عسكرية أو سياسية أو حتى دعائية ضد النظام في إيران، بالذات خلال الوقت الراهن، حيث تنتفض مختلف المدن والمناطق الكردية شمال غربي إيران ضد السلطة الحاكمة. الأنباء التي سرّبتها الجهات الإيرانية المرتبطة بالحرس الثوري عبر وكالة “تسنيم” شبه الرسمية، قالت إن “الاستعدادات العسكرية لا تزال على جاهزيتها التامة… لكن قوات الحرس الثوري توقفت عن تدمير العديد من النقاط المحددة سابقاً… وإن اتخاذ سلطات المنطقة الشمالية من العراق قرارات معقولة، هو الشرط الوحيد لإيقاف استمرار الهجمات على الجماعات الانفصالية والمناهضة لإيران”. مصدر سياسي رفيع في إقليم كردستان، كشف في حديث مع “النهار العربي” أن الجهات المسؤولة في المؤسسات الأمنية والعسكرية في إقليم كردستان، عقدت لقاءات مع القوى السياسية الكردية الإيرانية، بهدف دفعها إلى التعاون والقبول بعدد من الترتيبات السياسية والتنظيمية الجديدة، لمنع أي “حجج” إيرانية في ذلك المسار. تجنُّب المواجهةالمصدر السياسي قال إن السلطات والقوى السياسية في الإقليم تحاول تجنب أي مواجهة عسكرية مع الطرف الإيراني، أو تكرار أي تجربة شبيهة بما تفعله تركيا في إقليم كردستان، من خلال القصف المستمر وخلق “مناطق آمنة” وقواعد ومراكز عسكرية دائمة، وإدخال مناطق واسعة من الإقليم في حرب لا مصلحة ولا دور له فيها، خصوصاً أن مسألة اللاجئين الأكراد الإيرانيين هي مسألة إنسانية ومدنية، ورثتها حكومة الإقليم عن حوادث الثمانينات، أثناء الحرب المستعرة بين العراق وإيران. وكشف ممثل حكومة إقليم كردستان في إيران ناظم دباغ، في تصريحات إعلامية، سعي الجهات في الإقليم لإخلاء مقار الأحزاب الكردية الإيرانية من ساكنيها، ومنع التنظيمات السياسية في أوساط الأكراد الإيرانيين من القيام بأي أعمال قد تدفع إيران إلى مهاجمة إقليم كردستان. ممثل الإقليم أكد تلقي الإقليم مطالب إيرانية واضحة في ذلك السياق، مضيفاً أنه لا علاقات سياسية أو عسكرية بين الإقليم وتلك القوى السياسية، مضيفاً أن الاجتماعات التي تعقدها الجهات والمؤسسات في الإقليم مع الأطراف الكردية الإيرانية هي بغرض تجاوز الحالة الراهنة. وأضاف: “حكومة إقليم كردستان تحترم الأحزاب الكردية المعارضة لإيران في إطار القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان والمواطنة؛ لكن لا تسمح بخلق المشكلات للجمهورية الإسلامية الإيرانية”. الكاتب والباحث الكردي الإيراني وهيب أورمياني شرح، في حديث مع “النهار العربي”، كيف أن الأغلبية الواضحة من القوى السياسية الكردية الإيرانية تتفهم الضغوط التي تتعرض لها حكومة إقليم كردستان العراق، مذكراً بالحسابات الدقيقة التي تتخذها القوى الكردية الإيرانية في هذا الوقت بالذات، والتي تتقصد عدم منح النظام الإيراني أي فرصة لتصدير أزمته الداخلية وتفجيرها بوجه اللاجئين الأكراد الإيرانيين وإقليم كردستان العراق.
مساومةوأضاف أورمياني: “تثق القوى السياسية الإيرانية بأن التهديدات الإيرانية الراهنة مرتبطة بالملف الداخلي، خصوصاً ملف المناطق الكردية شمال غربي البلاد، والهدف الرئيسي لهذه الضغوط هو خلق مساومة مع القوى السياسية الكردية الإيرانية، تتضمن إيقاف الهجمات العسكرية مقابل تدخل القوى السياسية الكردية وتهدئة الشارع الكردي في إيران. وفي حال عودة الهدوء إلى الشارع الإيراني، فإن قواعد التوازن ستعود إلى ما كانت عليه من قبل، فلا إيران تستطيع أن تتجاوز مرحلة القصف المدفعي والهجوم بالطيارات المسيرة بين فترة وأخرى، ولا القوى السياسية الكردية قادرة على تنفيذ أي هجمات عسكرية ذات تأثير انطلاقاً من إقليم كردستان”. المعلومات التي نقلها العديد من المراقبين المتابعين لملف العلاقة بين إيران وإقليم كردستان قالت إن السلطات الإيرانية “منزعجة للغاية” من طريقة تعامل وسائل الإعلام في الإقليم مع التظاهرات والانتفاضة في إيران، بالذات لأنها ناطقة باللغة الكردية، وتحصل على متابعة واسعة من المواطنين الإيرانيين الأكراد، مذكرة بأن قنصلية إيران وموظفيها ضمن إقليم كردستان قد أوصلوا معلومات تفصيلية في ذلك المسار إلى الجهات في الإقليم تفصيلاً. الناشط المدني عزيز بهلوي شرح في حديث مع “النهار العربي” كيف أن الطرف الإيراني يستفيد راهناً من الاستجابة العراقية الخجولة رداً على هجماته، مذكراً بسعي إيران لخلق واقع عسكري ميداني على أرض الواقع، بغية خلق مساومات عليها مستقبلاً، في حال تواصل الانتفاضة الشعبية في المناطق الكردية من إيران. وأضاف بهلوي: “يعتقد النظام الإيراني أن رد فعل الطرف العراقي كان بمثابة قبول بالأفعال الإيرانية، فاجتماع أقل من ثلثي أعضاء البرلمان، وانحصار مناقشاتهم في مجال تشكيل لجان ووفود تحقيقية، كانت بمثابة إعطاء ضوء أخضر للطرف الإيراني، والإيحاء بأن المسألة إنما هي بين إيران وإقليم كردستان فحسب. وبما أن إيران ستستغل ذلك فسوف لخلق مناطق تمركز وسيطرة ضمن الإقليم، لتحويلها إلى أداة ضغط في حال حدوث تطورات مستقبلية في ملف الانتفاضة الداخلية، فإنها في المحصلة متأكدة من مدى تأثير القوى السياسية الكردية المتمركزة في الإقليم في المجتمع الكردي الإيراني، وهي ذات تجارب واضحة طوال السنوات الماضية”.