حجي مراد
منذ أن كنا أطفال ونسمع من أبائنا بخيانة ملك الاردن عبدالله الأول للعرب في حربهم ضد الصهاينة في فلسطين ، ونسمع ونقرأ كذلك كيف قام الملك الأردني الخائن عبدالله الأول بمنع القوات العربية والقوات العراقية خصوصاً في ذلك الحين من التقدم نحو القدس ، وما أن بلغ فينا العمر ذروة الشباب حتى رأينا بأم أعيننا كيف كان حفيد الملك الخائن عبد الله الأول الملك اللا حسين يخون القضية العربية الكبرى مرة أخرى ، فعلى غرار ما فعله جده وربما أكثر رأينا الملك الأردني الخائن اللا حسين يشق الصفوف تلو الصفوف لغرض الفوز بالمرتبة الأولى على باقي خونة الأمة والدين ، حيث ختم للا حسين خياناته للدين والأمة في كامب ديفيد ، حيث أحتفل مع شركائه فيها وبحضرة أسياده الصهاينة ووقع على أتفاقية بيع القضية العربية الكبرى وذلك وفق الخيار الأردني بموجب أتفاقات أوسلو ، والتي من المؤكد أنها كانت اتفاقات سلام بين اسرائيل وأعوانها من عصابات الحكم في المنطقة ولا علاقة لفلسطين في تلك الأتفاقات ، ففلسطين أسلامية عربية لا تقبل ولا تتصالح وفق أنصاف الحلول أو وفق رغبات الخونة .
واليوم مع من سيكون موقف الملك عبدالله الثاني أبن اللا حسين ، وأقصد مع من سيكون موقفه بالعلن ، إذ أن موقفه الحقيقي والسري معلوم للجميع ، فكما قال عنه المحلل السياسي الكويتي عبدالله النفيسي أن الأردن ليس بدولة ، وأنما الأردن شركة أمنية خاصة مؤسسة من قبل الصهيونية العالمية لحماية حدود دولة أسرائيل الشرقية ، وأن ملك الأردن عبدالله الثاني أبن اللا حسين ما هو إلا رئيس لمجلس أدارة هذه الشركة ، وهو بذلك جندي صهيوني من الطراز الأول ، ومواقفه ومواقف أسلافه التاريخية واضحة وتؤكد ذلك ، فتحالف أجداده مع الأنجليز ضد الدولة العثمانية المسلمة ثابتة تاريخياً ، ولتحالفهم ذلك أثاره على خارطة الصهيونية العالمية ، والحال كذلك مع جمهورية مصر العسكرية الحديثة .
حقاً ان عملية طوفان الاقصى شكلت مفاجئة كبيرة ليس للاسرائيليين فحسب ، بل أنها كانت مفاجئة لعموم دول المنطقة والعالم أجمع ، فسرية توقيتها وأسلوبها الخاص وكمية الصواريخ المستخدمة فيها وتركيزها على كمية الأسرى فكلها أمور تشكل المفاجئة تلو المفاجئة لأسرائيل وأعوانها في المنطقة ، فطوفان الأقصى وكما قال عنها المحلل السياسي العراقي البارز الأخ حسن فليح تُعَد بمثابة ١١ سبتمبر جديدة في العالم ، حيث أنها ستكون معركة لتأسيس ثوابت جديدة في قواعد الصراع الفلسطيني الأسرائيلي ، أو ربما أنها ستكون معركة لتأسيس ثوابت جديدة لخارطة التحالفات العالمية ككل .
اليوم تشهد قظية فلسطين تحول غريب ومرير على الصهاينة (لعنهم الله) ، فاليوم لم تعد القضية الفلسطينية قضية العرب فحسب ، فاليوم أصبحت القضية الفلسطينية قضية الأمة الأسلامية ككل ، بعد أن كانت ولقرابة القرن الكامل تعتبر قضية عربية بحتة ، فبدخول أيران على خط الصراع في فلسطين تجاوزت بذلك هذه القضية حدود العرب الى حدود الأمة الإسلامية ككل ، وهذا ما سينجم عنه حتما تغيرات في ستراتيجية أبناء صهيون في المنطقة ، وما سيرافق ذلك من أعادة تنظيم وأنتشار لمواقع شركاتهم الامنية وتحالفاتهم السياسية ككل .
وكذلك لابد من التَمعُن والتفكير في أمكانية وجود مخطط عالمي سري لجعل فلسطين ساحة حرب جديدة وبديلة عن ساحة حرب أوكرانيا ، لما في أوكرانيا من خصوصية في قربها من روسية من جهة ومن جهة أخرى لقربها من دول الغرب عمومً ، وما يشكل ذلك من خطورة على طرفي الصراع الحقيقي هناك ، فربما سيكون الصراع بين الشرق والغرب الجديد على أراضي فلسطين وسوريا ولبنان والاردن ، وربما سيكون ذلك بمباركة أسلامية من قبل أيران ، فكل شيء محتمل ومتوقع ، وساحة الصراع مفتوحة ، وعصر تفرد أمريكا وسياسة القطب الواحد في العالم قد أنتهت بدخول روسيا ساحة الصراع في سوريا أو ربما بسيطرة روسيا على القرم ، وقد عاد بذلك الصراع بين الشرق والغرب ، وهذه المرة سيكون الصراع أعقد مما كان عليه قبل أنهيار الأتحاد السوفيتي ، وربما ستشهد المنطقة برمتها عملية أعادة تقسيم وأعادة توزيع للنفوذ بين الاقطاب المتصارعة ، فالأنظمة السياسية بعموم المنطقة هشه ومتهالكة ولابد من وجود مفاجئات ، فاليوم لابد من أعلان المواقف بشكل صريح وحازم من قيادات المنطقة ، فالحرب بطبيعتها كاشفة للغموض ، فالأيام القادمة ستظهر الكثير من المتغيرات الغير المتوقعة .