《الحضارة حوار والعراق بلد الحضارات》

1


حجي مراد

عادة تحتاج الشعوب الى سلطة لتسير شؤونها الحياتة والحفاظ على أمنها وأستقرارها ولكننا في العراق عادة ما تتحول السلطة الى أداة للتسلط .

السلطة الحقيقة هي السلطة التي تضع قواعد الأنضباط وتحرص على تطبيقها ، فبداية الانضباط يجب أن يبداء من السلطة نفسها ، فحين تخلوا السلطة من هذا الانضباط ويشعر الناس بهذا الخلو حينها تتحول السلطة بشكل تدريجي الى أداة تسلط وتفقد حب الناس وأحترامهم وتفقد كذلك شعورهم بالايمان بها والأنتماء لها .

من الطبيعي ان الانسان لا ينحني امام سلطة لايؤمن فيها ولايشعر بأنتمائه لها ولا بأنتمائها له ، ونتيجة لذلك تتشكل في نفوس الشعب طاعة صورية كاذبة لهؤلاء المتسلطين ، فتحدث عند ذلك أزدواجية في سلوك الناس من جهة وفي سلوك السلطة المتسلطة عليهم من جهة أخرى ، وتكون بذلك السلطة المتسلطة عليهم سبب في تفرقهم وتشتتهم بدل من ان تكون سبب لوحدتهم وأستقرارهم .

القادة والانبياء والمصلحين على وجه العموم هم من الأشخاص الذين ينجذب الناس لهم ويلتفون من حولهم ، ويكون لهم سلطة مطلقة على الناس وذلك لطرحهم مفاهيم أخلاقية و قواعد عدالة عظيمة وتراهم اول وأكثر الناس التزام بتلك الطروحات وأكثرهم حرص على تطبيقها ، ولذلك استطاعوا كسب حب الناس واحترامهم على مدى السنين وعلى مر الأجيال ، فكانوا للناس بذلك قدوة حسنة يقتدون بها .

على السلطة حتى تُطاع وتكون سلطة حقيقية ان تسمع الناس وتشاركهم حقائق الاوضاع المعاشية على حد سواء ، وان لا يقتصر سمعها على سماع أقوال المعتاشين عليها ، بحيث تكون المعلومة المنقولة لصاحب السلطة معلومة منتقاة ومفلترة ومحرفة لا هدف لها سوى خدمة مصالح ذوي النفوذ دون الأكتراث لحقيقة الأمور ومصالح الناس ، ومن واجب القائد الحقيقي أن يتجاوز معرفة ما يقال ويتردد على السن الناس الى محاولة الوصل الى ما يدور في قلوبهم وضمائرهم ليحضى بالحب الحقيقي والإحترام ، فالحضارة حوار والعراق بلد الحضارات .

الأمن الحقيقي للسلطة هو حب الناس لها وأحترامهم ، وامنها الوهمي هو تلك الأتلافات والتكتلات والعمالات الخارجية التي تؤسس على حساب مصلحة الشعب .

أكبر مشكلة نواجه السلطة في العراق هو عدم سماعها بشكل جيد وصحيح لمشاكل الناس وعدم أهتمام بحقائق الامور ، فتراها تسمع فقط لمن تريد ان يُسمعها ما تريد ، فأصبحت نُكَوّن قيادات داخلية وهمية تفرضها على المكونات الوطنية وتفترض بأن ما تقوله تلك القيادت هو ما يدور بضمائر أفراد تلك المكونات وكما يقول المثل تكذب الكذبة وتصدقها .

بهكذا تصرفات نفقد لغة الحوار ونعمل بلغة الصراع ، فهذه حقيقية ما معمول به في العراق على مدى عقود من تاريخه السياسي الحديث والمعاصر ، علينا التوجه نحو تصويب الأوضاع وأنشاء قاعدة حوار حقيقة نابعة من ضمير الشعب ومنتمية إليه ، وعلينا أن لا نكترث للتكتلات الخارجية المبنية على أساس التخابر والعمالة مع الأخرين ، وعلينا أن نغلب المصلحة الوطنية الحقيقية على كل المصالح .

التعليقات معطلة.