فكرة وأدت في مهدها …
١ – محمد مكية شيخ المعماريين العراقييين ، وعلي الوردي الكاتب والباحث وعالم الاجتماع الأشهر ، وجميل الملائكة استاذ كلية الهندسة وعضو المجمع العلمي العراقي واللغوي المعروف ، ومعهم ثلاثة وعشرون رجلا آخر من وزراء ومهندسين واطباء ورجال مال واعمال يمثلون نخبة النخبة في عراق الستينات .
٢ – اجتمع هؤلاء القوم وأجمعوا الرأي على تأسيس جامعة أهلية تكون نواة لمدينة جامعية متكاملة وأسموها جامعة الكوفة تخليدا للدور العلمي والحضاري لهذه المدينة في التاريخ العربي الاسلامي وارتأوا أن يتخذوا من مدينة الكوفة في محافظة كربلاء(آنذاك) مقرا لهذه الجامعة .
٣ – السيد محسن الحكيم ، والسيد موسى الصدر ، محمد رضا الشبيبي ، والفيلسوف برتراند رسل ، والمؤرخ ألبرت حوراني عينة من النخب الروحية والعلمية على الصعيدين المحلي والعالمي التي دعمت الفكرة بشكل كبير وساهمت في دفعها للأمام .
٤ – في تشرين الثاني ١٩٦٧ حصلت موافقة وزارة الداخلية على تأسيس الجامعة وقامت محافظة كربلاء بتخصص مساحة ٢٥٠٠ دونم قريبا من الكوفة لهذه الجامعة ، وبدأ التنفيذ فورا على مخططات تصميمية ونظام دراسي إعدا على غرار الجامعات العلمية التي تتربع على قائمة التصنيف العالمي مثل هارفارد واكسفورد ، وارتأوا ان تكون النواة الاولى للجامعة هي كليات الهندسة والعلوم والزراعة على أن تلحق بها كلية الطب بعد حين خصوصا وإن هيئة الجامعة كانت تملك مستشفى ابن سينا (الأهلي آنذاك) .
٥ – اعتمدت الجامعة في التمويل على التبرعات النقدية والعينية شاملة الأراضي والكتب ، وقد تبرع السيد كاظم مكية بقطعة أرض بمساحة (٢٥٠٠) متر مربع وبمبلغ نقدي قدره (٥٠،٠٠٠) دينار وهو مبلغ مهول جدا في ذلك الوقت ، وكان من بين التبرعات بستان يحوي (مليون) نخله ، وعندما طرح المشروع للاكتتاب العام فقد جمع مبلغ (١٣٢،٠٠٠) دينار وهو وإن لم يكن يكفي لبناء المدينة الجامعية الطموح لكنه كان يكفي لبداية واعدة .
٦ – في تلك الفترة عاد البعثيون للسلطة بعد انقلاب تموز ١٩٦٨ واختير صالح مهدي عماش وزيرا للداخلية وعندما عرض عليه ملف الجامعة لم يرَ في اعلام المجتمع الذين تبنوا الفكرة ودفعوا بها الى الواجهة تحت النور الا انهم جميعا من طائفة واحدة ، فكان سؤاله الاول للاستاذ مكية عندما طلبه في مكتبه :
ليش كلكم شيعة ؟
٧ – في ١٩٦٩/١/٣٠ اصدرت الحكومة قرارها بإلغاء الموافقة على تأسيس جامعة الكوفة ومصادرة أموالها واصولها بحجة نقص التمويل في حين كانت قيمة ماصادروه على ماذكره المؤرخون اكثر من أربعة ملايين ونصف مليون دينار وهي تعني في ذلك الزمان ثروة تكفي لبناء مدينة جامعية متكاملة .
٨ – الاتهام بالرجعية والماسونية كانت تهمة جاهزة لكل من كان له دور في أمر جامعة الكوفة ، والتشريد والتهجير والاغتيال والاعدام كان مصيرهم ، وتصفية المشروع ومطاردة القائمين عليه كان موضع تباهي السيد عماش امام ضيوفه ، وبالتاكيد فإن ذلك لم يكن قرارا فرديا من الرجل وانما سياسة ثابتة لحكومة انقلاب تموز ١٩٦٨ التي جرت الويلات على البلاد والعباد وكان التعليم من أوائل ضحاياها .
أسعد الله أوقاتكم بالخير والعافية 🌷
ملاحظة : بعض المعلومات مأخوذة من بحث بأسم (علي الوردي ومشروع جامعة الكوفة للسيد سلمان رشيد الهلالي ) .