يتفاءل العديد من الخبراء والباحثين والمؤسسات بمستقبل الشركات الناشئة في المنطقة العربية في عام 2024، ومن بين هؤلاء، ترى الدكتورة يلينا يانغوسيفيتش، الأستاذة المشاركة في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة هيريوت وات دبي، أن “منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمتلك مشهداً جاذباً للاستثمار في الشركات الناشئة خلال عام 2024، حيث توفر القطاعات المدعومة بالتحول الرقمي والابتكار فرصاً عديدة، لكنها لا تخلو من التحديات”.
ويُلقي التقرير التالي الضوء على أداء الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عام 2023، والأداء المتوقع لعام 2024، كما يعرض أهم الخطوات لتأسيس شركة ناشئة ناجحة وأبرز التحديات التي تواجهها.
- خريطة استثمارات الشركات الناشئة بين 2023 و2024جمعت الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عام 2023، إجمالي تمويلات من جولات استثمارية – بما في ذلك الديون – تصل إلى 3.98 مليارات دولار، موزعةً على 498 صفقة، مقابل تمويلات بقيمة 3.95 مليارات دولار في عام 2022، موزعة على 802 صفقة، بنسبة زيادة أقل من 1%، وذلك بحسب تقديرات منصة ومضة المتخصصة في رصد تحركات الشركات الناشئة بالأسواق المحلية والعالمية.ورغم التوقعات بتراجع تمويلات الشركات الناشئة في 2024 جراء التشديد النقدي الذي يتبعه الفدرالي الأميركي عبر رفع أسعار الفائدة، ما يدفع المستثمرين لضخ أموالهم في السندات والعزوف عن الاستثمار المُغامر، بجانب التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا والبحر الأحمر وحرب غزة، إلا أن الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نجحت في جمع 86.5 مليون دولار عبر 33 صفقة خلال كانون الثاني (يناير) الماضي، بانخفاض قدره 34% على أساس سنوي.
- وفي تقرير بعنوان “نظرة إلى المستقبل: توقعات رأس المال المغامر لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2024″، أصدرته مؤسسة ماغنت، في 24 كانون الثاني (يناير) 2024، توقعت طفرة في الاستثمار بقطاع الخدمات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2024 الجاري، ومحتمل أن تؤدي هذه الطفرة إلى رفع حصتها من المتوسط التاريخي البالغ 13% لنحو 20%، كما رشح التقرير بقوة بعض القطاعات الواعدة لاستثمارات الشركات الناشئة مثل التجارة الإلكترونية والتجزئة، والرعاية الصحية وتكنولوجيا التعليم.
- وترى ماغنت أن عام 2024 يشهد ظهوراً قوياً لرواد الأعمال المتسلسلين الذين يجمعون الأموال من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث ينتقلون من مشاريعهم الأولى إلى إنشاء كيانات جديدة بخبراتهم.وتتوقع منصة ستاتيستا (Statista) المتخصصة في تحليل البيانات، أن يصل سوق برمجيات الذكاء الاصطناعي العالمي إلى 126 مليار دولار بحلول عام 2025.
- خطوات تأسيس شركة ناشئة
- 1- حدد فكرة شركتك واختر المشكلة قبل الحل عادة ما يفكر رواد الأعمال في إيجاد الحلول للمشكلات قبل تحديد المشكلة نفسها وتوضيحها، لذلك يقول الرئيس التنفيذي لشركة أويك للاستشارات والتدريب (Awake Consulting and Coaching)، غلين غوتيك، في حديثه مع صحيفة “بيزنس نيوز ديلي“، إن رائد الأعمال عليه أن يسأل نفسه أولاً “لماذا هذه الفكرة”؛ حتى يتمكن من إيجاد سبب مُقنع وواقعي لمشروعه يكون قابلاً للتنفيذ، ويميز صاحبه عن المنافسين. وعليه تحديد إذا كان المشروع يخدم مصلحة شخصية أم سوقاً كبيراً، فإن اتضح أن الفكرة تهم شريحة عريضة من الجمهور وتلمس احتياجات العملاء، هنا يمكنه الشروع في الخطوة الثانية وهي إعداد دراسة الجدوى.
- 2- دراسة السوق والمنافسين بدقةقبل خوض تجربة تدشين شركة جديدة، لا بد من دراسة السوق جيداً لمعرفة حجم السوق على المستوى المحلي والعالمي، وحصة شركتك منه، ومعرفة من هم المنافسون، وما الذي تتميز به شركتك عنهم، وذلك يتم من خلال جمع وتحليل بيانات حول السوق المستهدفة واحتياجاتها والمنافسين.وهذا يقودنا لنقطة مهمة، وهي تقييم فكرتك من خلال البحث، فبدلاً من البحث عن اسم أو نشاط شركتك بين المنافسين (وغالباً لن تجده وستشعر أنك لا تقدم شيئاً جديداً)، ابحث أولاً عن المشكلة نفسها عبر الإنترنت والزيارات الميدانية للأسواق، وابحث عن الخبراء وأصحاب التجارب السابقة، واسأل إذا كان هناك أحد واجه المشكلة نفسها وتوصل لحل لها، وفتش عن الثغرات حتى تتمكن من إيجاد حلول لها، من هنا تجد السبيل لفكرة مشروعك الخاص.
- 3- حماية حقوق الملكية الفكريةقبل العصف الذهني لإعداد نموذج العمل الخاص بك، عليك التأكد أولاً من تسجيل حقوق الملكية الفكرية لفكرتك أو منتجك، وتحذر صاحبة مركز كوفيشن (Covation Center) ستيفاني ديسولنييه، رواد الأعمال من كتابة خطة عمل أو تبادل الأفكار حول اسم تجاري قبل تحديد قيمة الفكرة وهوية العملاء المستهدفين، ومعرفة سبب رغبتهم في شراء السلعة أو الخدمة التي تقدمها الشركة.
- 4- اختيار اسم للشركةعند اختيار اسم للشركة لا بد أن يُعبّر عن هويتك ويكون سهل الحفظ والنطق والكتابة، مثل غوغل (Google)، تويتر (Twitter)، فايسبوك (Facebook) وغيرهم من الأسماء السهلة في النطق والكتابة وتُعبّر عن سمة رئيسية.
- 5- اختيار شريك مؤسسحتى لو كان لديك مهارات لإدارة الشركة الناشئة والتعامل مع كل الإجراءات والعمليات واتخاذ القرارات، فلن تستطيع الصمود طويلاً بمفردك، لذلك عليك من البداية البحث عن شريك يملك مهارات تكميلية لما تملكه من مهارات يشاركك الرؤية والتفاني في النجاح، ويمكن أن يكون شريكك متخصصاً في مجال مختلف عنك لتكملوا بعضكما البعض.
- 6- كتابة خطة العملعقب الانتهاء من دراسة السوق واختيار الشريك المؤسس واسم الشركة، تأتي مرحلة وضع خطة محكمة تحدد أهدافك وخطوات تحقيقها، وهو ما يُعرف بنموذج العمل (Business Model) هو الهيكل الأساسي والقانوني للعمل الذي يحدد كيف ستحقق الشركة إيرادات وكيف ستعمل، ويشمل عرض ما توصلت له من نتائج أثناء دراسة السوق وحجمه، وشرح ما تقدمه الشركة من منتجات أو خدمات والمزايا الفريدة لها، وحدد استراتيجية التسويق الخاصة بشركتك، قدم توقعات مالية واقعية للإيرادات والتكاليف والاستثمارات المطلوبة والربحية المتوقعة، ولا تنسَ كتابة وصف دقيق لشركتك ولفريق العمل.
- 7- تمويل المشروععقب الانتهاء من نموذج العمل، تأتي مرحلة البحث عن الممول من خلال عرض نموذج العمل على المستثمرين، وذلك يتم عبر 3 طرق هي اللجوء لحاضنات الأعمال وهي عبارة عن ورش عمل توفرها الشركات أو الحكومات لدعم مشروعات الشركات الناشئة من خلال دعمهم بالتكنولوجيا والأدوات والعلاقات اللازمة لنجاح المشروع، والطريقة الثانية هي التعاون مع مُسرّعات الأعمال وهي آلية تتبعها شركات رأس المال المغامر في دعم الشركات الناشئة عبر دعمها بخبراء وبتمويل لتسريع عملها ونموها، والطريقة الثالثة والأخيرة هي الحصول على تمويل مباشر من البنوك في هيئة قرض مثل قروض المشروعات الصغيرة.
- 8- توظيف فريق العمليقول الشريك العام في شركة أبيريام لرأس المال المغامر (AperiamVentures) جو زوادزكي، إن رواد الأعمال بحاجة إلى إعطاء عنصر – الأشخاص – في أعمالهم الاهتمام نفسه الذي يولونه لمنتجاتهم؛ لأن الناس يبنون منتجك، لذلك فتحديد الفريق المؤسس للشركة، وفهم الفجوات الموجودة، وتحديد كيف ومتى ستعالجها يجب أن يكون أولوية قصوى.
- ومن الأولويات أيضاً عند اختيار الفريق المؤسس، معرفة كيفية عمل الفريق معاً، وتحديد الأدوار والمسؤوليات، وتقسيم العمل، وكيفية تقديم الملاحظات.
- 9- الاهتمام بخدمة العملاءأثبتت التجارب التسويقية عالمياً أنه كلما شعر العميل بأهميته وتلبية احتياجاته والرد على تساؤلاته بعناية، كلما زاد ولاؤه للشركة ورشحها لعملاء جدد، لذلك أصبحت الشركات تعتمد في خطتها التسويقية على تقديم خدمة عملاء بجودة فائقة.
- 10- تنفيذ الوعود ومواكبة التطور التكنولوجيينتظر العميل باستمرار أن يرى تطوراً ملحوظاً في العلامة التجارية التي يفضلها، وذلك يتطلب من الشركة أن تكون على قدر المسؤولية بشأن تنفيذ الوعود التي وعدت بها العميل عند التعاقد على السلعة أو الخدمة، وثانياً العمل على تطوير منتجها ومواكبة ثورة التطور التكنولوجي الراهنة؛ لأن ذلك سيضمن المحافظة على تحقيق الربح المطلوب.
- 5 تحديات تنتظر الشركات الناشئة في 2024
اجتمعت المواقع العالمية المتخصصة في أسواق رأس المال المُغامر والشركات الناشئة على 5 تحديات تواجه الشركات الناشئة خلال عام 2024 وهي:
- 1- تحدي التمويل: بما أن أغلب رواد الأعمال من الشباب فذلك تحد كبير لكسب ثقة المستثمرين؛ نظراً لنقص الخبرة، لذلك يتعين عليهم للتغلب على التحدي المالي الاهتمام بأربع نقاط هي: تنويع مصادر الدخل، وضع سيناريوهات بديلة من بينها سيناريو كيفية الخروج وقت الأزمات، تأمين التكاليف الثابتة، ورابعاً الحفاظ على الاحتياطيات النقدية حتى تتمكن من إدارة الأزمات المالية المحتملة.
- 2- تحدي التكنولوجيا: ويتلخص في 3 نقاط هي: مواكبة التغيرات التكنولوجية السريعة، تكامل الذكاء الاصطناعي، وتهديد الأمن السيبراني (وأبرز مثال هو انهيار شركة كوداك المتخصصة في صناعة الكاميرات وأفلام التصوير، بعدما رفضت التحول إلى التصوير الديجيتال، وكذلك انهيار شركة نوكيا الكورية لصناعة الهواتف بعد رفضها التحول لنظام التشغيل أندرويد).
- 3- تحدي الجودة: للتغلب على تحدي الحفاظ على الجودة لا بد من مراعاة 4 نقاط هي: فهم احتياجات العملاء عبر الاستبيانات والأبحاث السوقية، تقديم خدمة عملاء فائقة الجودة ومميزة، ملاءمة المنتج للسوق، وأخيراً الالتزام بالابتكار والتطوير المستمر.
- 4- تحدي التسويق: للتغلب على هذا التحدي لا بد من الاستفادة من التكنولوجيا في ابتكار طرق جديدة للوصول للجمهور المستهدف، وتطوير استراتيجيات التسويق لتصبح أكثر فاعلية، وخلق وعي جماهيري بالعلامة التجارية.
- 5- تحدي الصبر: يتطلب هذا التحدي الصبر على العقبات التي تواجه الشركة وعدم اليأس والاستسلام، خصوصاً في ظل منافسة قوية مع شركات عملاقة تُهيمن على السوق المحلي والعالمي بدعم من نظام العولمة واختفاء الحدود التجارية بين الدول.
