اخبار سياسية

صحف عربية: قمة جدة.. هل عادت أمريكا للمنطقة..؟

عامان والإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس جو بايدن غائية عن منطقة الشرق الأوسط، إلا أنها أدركت دور المنطقة وأهميتها في تعزيز السلام فضلا عن الدور الاقتصادي الذي تلعبه دول الخليج عالمياً.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الأحد، طوت الولايات المتحدة الأمريكية صفحة الخلافات والتوترات بينها وبين دول المنطقة العربية لتبدأ انطلاقة جديدة سياسياً وأمنياً واقتصادياً لمواجهة المخاطر التي تحيط بالشرق الأوسط ولاسيما المخاطر الإيرانية التي يجب ايقافها في أسرع وقت.

مواجهة إيران
ورأى الكاتب خير الله خير الله أن هناك عودة أمريكيّة أكيدة إلى المنطقة تعبّر عنها جولة الرئيس جو بايدن الذي زار إسرائيل وانتقل منها مباشرة إلى السعوديّة. وقال الكاتب في صحيفة “العرب” السؤال الذي سيطرح نفسه عاجلاً أم آجلاً سيكون متعلّقاً بطبيعة هذه العودة الأمريكيّة التي فرضتها حاجة العالم إلى مصادر الطاقة من جهة وإلى التصدي الجدّي للمشروع التوسعي الإيراني من جهة أخرى.

وأوضح خير الله أن الجولة التي بدأت بتل أبيب ومحادثات بين بايدن وكبار المسؤولين الإسرائيليين، على رأسهم رئيس الوزراء يائير لابيد، جاءت في وقت اختلطت فيه الأوراق في العالم. ظهر بوضوح، ليس بعده وضوح، أن عالم ما قبل الغزو الروسي لأوكرانيا لا علاقة له بعالم ما بعد سعي الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يتحوّل بشكل تدريجي إلى نسخة عن الزعيم السوفياتي الراحل ستالين، إلى احتلال بلد أوروبي وتحويل نفسه إلى شخص منبوذ وروسيا إلى دولة معزولة.

وتابع الكاتب خير الله “ثمة نقطتان لا بدّ من التوقف عندهما مع مجيء بايدن إلى الشرق الأوسط والخليج. تتعلّق النقطة الأولى بالتركيز على إيران ودورها في المنطقة، بما في ذلك تدخلاتها عبر ميليشياتها المذهبيّة التابعة لـ”الحرس الثوري” في العراق وسوريا ولبنان واليمن. أمّا النقطة الثانية فتتعلّق بأهمّية المملكة العربيّة السعودية ودورها المحوري في مجالات مختلفة بدءا بموقعها الاستراتيجي وانتهاء بما تمثله كمنتج للنفط”.

وأشار خير الله إلى أنه في النهاية وجدت أمريكا نفسها في وضع لا تحسد عليه بعدما كانت بعثت قبل سنة بكل الرسائل الخطأ إلى حلفائها التقليديين في الشرق الأوسط والخليج. كانت تلك الرسائل الخطأ من خلال الطريقة التي انسحبت بها عسكريّا من أفغانستان، وهي طريقة أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها عشوائية. بات عليها إعادة فتح ملفات قديمة بينها الحلف الاستراتيجي القديم مع السعوديّة في محاولة لإعادة الحياة إليه.

وختم خير الله مقاله بأن انتهاء جولة أعادت أمريكا إلى المنطقة؟ وستكون مرحلة ما بعد جولة الرئيس الأمريكي مرحلة الأجوبة الصعبة، خصوصا أن ليس ما يشير، أقلّه إلى الآن، إلى مدى عمق التنسيق الأمريكي – الإسرائيلي في مواجهة المشروع التوسّعي الإيراني، بما في ذلك البرنامج النووي لـ”الجمهوريّة الإسلاميّة”. كذلك، ليس معروفا إلى أي حد ستذهب أمريكا في دعم حلفائها في مواجهة الخطر الإيراني الداهم. لا يتمثل هذا الخطر في تمكن “الجمهوريّة الإسلاميّة” من تحويل جزء من اليمن إلى قاعدة صواريخ ومسيرات تابعة لها فحسب، بل إن إيران لا تفوت أيضا فرصة كي تظهر مدى سيطرتها على العراق عن طريق تعطيل الحياة السياسيّة فيه. ما نفع العراق في سياق وضع استراتيجية دفاعيّة للمنطقة عندما يكون تحت السيطرة الإيرانيّة؟

الاقرار بالخطأ
فيما اعتبرت صحيفة “الشرق الأوسط” أن قمة جدة للأمن والتنمية، ومعها البيان الخليجي – الأمريكي، أطلقت بوادر عهد جديد من الشراكة بين أمريكا ودول خليجية وعربية. وتُرجم ذلك من خلال مقاربات مشتركة للتهديدات والأزمات في المنطقة ومن خلال التأكيد على الحلول السياسية والدبلوماسية للأزمات وعلى قواعد القانون الدولي واحترام المصالح.

وقال مصدر مواكب لقمة جدة التي انعقدت أمس للصحيفة إن العودة الأمريكية إلى المنطقة ثمرة مراجعة فرضتها ذيول الحرب في أوكرانيا وقلق الرئيس جو بايدن من ترك فراغ في الشرق الأوسط تملأه الصين وروسيا وإيران”، وأكد أن الشراكات الواسعة، وفي مجالات عدة، توفر فرص استقرار واستثمار وتجعل العهد الجديد مفتوحاً على المستقبل.

وشهدت جلسة المباحثات التي عقدها الأمير محمد بن سلمان والرئيس بايدن في جدة، أول من أمس، مباحثات شاملة لم تخلُ من المصارحة والمكاشفة وفق مصدر سعودي، ذكر أن الرئيس بايدن تطرق للقيم المشتركة، وكان جواب ولي العهد السعودي: “كل دول العالم وبالذات الولايات المتحدة والمملكة لديها كثير من القيم التي تتفق بشأنها، وعدد من القيم التي نختلف فيها، إلا أن القيم والمبادئ الصحيحة والجيدة دائماً ما تؤثر على شعوب الدول الأخرى بالذات في الوقت الذي نرى فيه ترابطاً بين شعوب العالم بشكل غير مسبوق”.

وفي المقابل، فإن محاولة فرض هذه القيم بالقوة لها نتائج عكسية كبيرة كما حدث في العراق وأفغانستان والتي لم تنجح فيها الولايات المتحدة، ولذا فإن من المهم معرفة أن لكل دولة قيماً مختلفة ويجب احترامها”.

وبدوره، أقر الرئيس بايدن ضمناً بارتكاب الولايات المتحدة أخطاء. وقال “لا توجد دولة تتصرف بشكل صحيح طيلة الوقت بما في ذلك الولايات المتحدة”.

نقلة إيجابية
ومن جانبه قال الكاتب حمود أبو طالب إن زيارة الرئيس بايدن إلى المملكة السعودية جاءت لتنهي كثيراً من الجدل والتكهنات التي امتلأت بها وسائل الإعلام على مستوى العالم حول ما سيسفر عنها من نتائج، وقد أضاف لها المناخ الإعلامي المحموم الذي سبقها قدراً كبيراً من الترقب والإثارة إلى حد اعتقاد بعض المراقبين أنها لن تتم، وعندما تأكدت رسمياً ذهب بعض المراقبين إلى أنها ستكون زيارة مشوبة بالتعقيد عطفاً على الفتور الذي طرأ على علاقات البلدين والاختلاف في وجهات النظر حول بعض القضايا والملفات بعد دخول الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض.

وأوضح أبو طالب في صحيفة “عكاظ” أن المفاجآت بدأت عندما ذكر الرئيس بايدن في مقاله بصحيفة واشنطن بوست قبيل بدء زيارته للمنطقة أنه سيزور المملكة لإعادة توجيه العلاقات وليس قطعها، في إشارة واضحة إلى شعور الطرف الأمريكي، بل اعترافه، بأن العلاقات كانت تسير في وجهة خاطئة بسبب سياساته تجاه المملكة، وأنه من الضروري إعادة هذه العلاقات الإستراتيجية التأريخية إلى مسارها الصحيح.

وفي مفاجأة تالية ذكر الرئيس بايدن في مؤتمر صحافي قبل مغادرته إسرائيل إلى المملكة أن زيارته لها ليست محصورة على ملف النفط والطاقة بل لتعميق الشراكة الإستراتيجية معها.

وأعرب حمود أبو طالب أن تكون نتائج الزيارة نقلة إيجابية حقيقية في العلاقات بين البلدين، وأن تكون درساً لبعض الذين يحاولون إفسادها في مطبخ السياسة الأمريكية لصالح أجندات هامشية ودوائر تفكير ضيقة دون النظر إلى المصالح المشتركة الكبرى، عليهم أن يعرفوا جيداً أهمية وحتمية أن تكون علاقات أمريكا مع المملكة متزنة ومتوازنة وإيجابية يسودها التعاون والاحترام والثقة، لضمان تحقيق مصالح البلدين والاستقرار والأمن والازدهار في المنطقة.

الإمارات مفتاح حل الأزمات
وفي تحليل آخر بصحيفة “العرب اللندنية” رأى أن دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن لرئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد لزيارة الولايات المتحدة والتباحث بمختلف الشؤون الاستراتيجية والاقتصادية إشارة إلى أن إدارة بايدن لا تزال تنتظر من يعينها على فهم علاقتها بدول المنطقة.

وأدركت الولايات المتحدة عمق ورطتها في عدم فهم مشاكل الشرق الأوسط وحساسياته عندما واجهت موقفا باردا من دول المنطقة الرئيسية في التجاوب مع دعوات سياسية ونفطية للوقوف إلى جانبها ضد روسيا بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.

ويرى متابعون للشأن الخليجي أن الرئيس الأمريكي وقف خلال قمة جدة على حقيقة أن هناك تغييرات كثيرة وقعت في الخليج، وأن قياداته باتت مختلفة عمّا ألفه الأمريكيون في عقود ماضية، وأن استضافة أحد أهم القادة في المنطقة إلى واشنطن يمكن أن يساعد إدارة بايدن على فهم ما يجري وتعديل سياستها في الخليج على ضوء ذلك.

ويقول المتابعون بحسب الصحيفة إن توجيه بايدن دعوة للرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد لزيارة واشنطن ومواصلة الحوار هي تأكيد على أن الرئيس الأميركي قد تفاجأ بالتغييرات التي حصلت لدى حلفائه، وتفاجأ بوجود قيادات جديدة تحمل تفكيرا مغايرا عما توقعه، لافتين إلى أن الرئيس الأميركي يحتاج إلى سماع صوت مختلف يدافع عن فكرة الشراكة الأمريكية الخليجية بمنطق
المصالح المتبادلة.

ويشير هؤلاء إلى أن الحوار القائم على المصالح، والذي يتخلى عن تأثير اللوبيات وخططها، سيمكن واشنطن من فهم طبيعة التحولات لدى حلفائها، يوفر لها فرصة للتراجع عن أخطائها وفهم ما يجري من حولها، فالخليجيون لم يبقوا بانتظار تراجع واشنطن عن خطواتها خاصة بعد سحب بعض أنظمتها الدفاعية من المنطقة، بل سارعوا إلى البحث عن بدائل وبناء شراكات وتحالفات جديدة قائمة على الندية والتنوع.

وأشارت الصحيفة إلى أن الزيارة كانت فرصة للرئيس الأمريكي ليقف عن كثب على استراتيجية تصفير المشاكل التي تتبناها الإمارات في علاقاتها الإقليمية والدولية، وهي تجربة يمكن أن تكون نموذجا لبناء علاقات متينة في الشرق الأوسط، ويمكن أن يستفيد منها الأمريكيون في تصويب استراتيجيتهم بالمنطقة.

وأكدت صحيفة “العرب” أن الإمارات تعمل على تنقية منطقة الخليج من عناصر التوتر عبر الحوار خاصة مع إيران، لأن الوضع الملتبس القائم على التوترات المستمرة ودون أفق للحل سيعيق دول المنطقة عن أداء دورها الأساسي، وهو العمل على تطوير إمكانياتها اقتصاديا وعلميا، واستثمار طاقاتها وإمكانياتها للحاق بالدول المتقدمة ومزاحمتها. وتعتبر أن علاقاتها الخارجية مهما كانت أهميتها لا ينبغي أن تكون على حساب مصالحها.