اخبار سياسية

خلافات الحزبين الرئيسيين تهدّد انتخابات إقليم كردستان العراق

27-07-2022 | 06:15 المصدر: النهار العربي

رستم محمود

برلمان إقليم كردستان العراق.

برلمان إقليم كردستان العراق.

A+A-فيما يقترب موعد إجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق، في الأول من شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وفق القرار الإقليمي الذي أصدره رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني في شهر شباط (فبراير) الفائت، حصل “النهار العربي” على معلومات خاصة، تفيد بوجود خلافات عميقة بين الأحزاب السياسية في الإقليم، تتعلق بقانون الانتخاب وتوزيع الدوائر حسب المحافظات أو المناطق، وإعادة تحديد الدوائر المخصصة لمقاعد كوتا الأقليات الدينية والقومية، إلى جانب إصرار بعض الأطراف السياسية على حسم ملف الثروة الغازية في الإقليم قبل إجراء الانتخابات، التي بات موعدها مهدداً في ظل هذه المعطيات. تفاصيل الخلافيطالب الاتحاد الوطني الكردستاني بتغيير قانون الانتخابات الساري في الإقليم، فيما يرفض الحزب الديموقراطي الكردستاني ذلك. يرى الاتحاد الوطني أن القانون الحالي يعود لمرحلة أوائل التسعينات من القرن الماضي، حينما كانت كردستان إقليماً ذاتياً غير معترف به، وكانت القوى السياسية آنذاك تسعى لإجراء الانتخابات بأي شكل، لنيل الشرعية؛ فيما هو راهناً إقليم فيدرالي مكرس، طرأت عليه الكثير من التحولات الديموغرافية والسياسية والقانونية، وبذلك صار لزاماً أن يتغير قانونه الانتخابي، بالضبط كما تغيّرت القوانين الانتخابية في العراق طوال السنوات الماضية. في هذا السياق، يتركز الخلاف بين الحزبين الرئيسيين على ما إذا كانت كردستان ستبقى دائرة انتخابية واحدة، وتوزيع المقاعد حسب المحافظات، أم ستتحول إلى دوائر أصغر، على مستوى المناطق والنواحي، كما يطالب الاتحاد الوطني الكردستاني. الباحثة السياسية نوال تماري، شرحت في حديث لـ”النهار العربي” كيف أن الخلاف بين الخيارين لا يتعلق بالسعي لإيجاد أوسع مظلة تمثيل سياسي للقواعد الاجتماعية، حسبما يقول الاتحاد الوطني ويدفع نحو تصغير حجم الدائرة الانتخابية إلى أقصى حد ممكن، أو حتى خلق وحدة حال سياسية، عابرة للجهويات ومناطق النفوذ، حسبما يدافع الحزب الديموقراطي الكردستاني عن مبدأ الدائرة الواحدة، بل يشكل الدعاية والماكينة الانتخابية لكل من الحزبين، التي تملك كل واحدة منهما خصائص بذاتها. تضيف تماري: “في وقت يرى الديموقراطي الكردستاني أن خطابه القومي التعبوي قادر على إيجاد خطاب عمومي يجمع أكبر عدد من الأصوات في مختلف مناطق الإقليم، تستطيع بمجموعها أن تؤمن له قرابة نصف مقاعد برلمان الإقليم، فإن توقعات الاتحاد الوطني الكردستاني، بناءً لحسابات دقيقة لثلاث عمليات انتخابية جرت في الإقليم منذ عام 2018، تؤكد أن الدوائر الأصغر حجماً قد ترفع عدد مقاعده البرلمانية بمقدار الثلث، على الأقل”. مقاعد الأقلياتالمستوى الثالث من الخلاف يتعلق بتوزيع مقاعد الأقليات الدينية والقومية في الإقليم، الذين يملكون 11 مقعداً. فراهناً، ثمة خمسة مقاعد برلمانية لمواطني الإقليم التركمان، فيما يحصل مسيحيو الإقليم، بمختلف مذاهبهم وقومياتهم، على خمسة مقاعد، والأيزيديون على مقعد واحد. وجميع مقاعدهم مخصصة لمحافظتي أربيل ودهوك، وتحصل عليها قوى سياسية مقربة من الحزب الديموقراطي الكردستاني. يطالب الاتحاد الوطني بأن تكون تلك المقاعد البرلمانية موزعة على مختلف المحافظات، وإن بشكل غير متساوٍ، لأنه يعتقد أن بقاء تلك المقاعد في محافظتين فحسب، يخضعها لنفوذ الحزب الديموقراطي الكردستاني، ويحولهما ميكانيكياً إلى قوة برلمانية لمصلحة الديموقراطي الكردستاني. كذلك فإن عدد مقاعد الأقليات غير متناسب مع الكتلة الديموغرافية التي يشكلونها من سكان الإقليم. ففيما ثمة 10 في المئة من المقاعد البرلمانية مخصصة لهم، فإن تعدادهم لا يتجاوز 5 في المئة. مصدر سياسي من الحزب الديموقراطي الكردستاني شرح لـ”النهار العربي” رؤية حزبه لهذه المسألة، مركزاً على أن تجاوز نسبة مقاعد كوتا الأقليات لتعدادهم السكاني إنما يأتي لتثبيت مبدأ جوهري يسعى الحزب وإقليم كردستان إلى تثبيته، ألا وهو التمييز الإيجابي لمصلحة الأقليات، بعد عقود طويلة كان الأكراد فيها ضحايا التمييز السلبي الذي طالهم في العراق، وفي عدد من الدول الأخرى. أضاف المصدر أن تخصيص هذه المقاعد لمصلحة محافظتي أربيل ودهوك مردّه إلى أن أكثر من 90 في المئة من أبناء هذه الأقليات العرقية والدينية تسكن هاتين المحافظتين.مصير التوافقيةالقوى السياسية الكردية الأخرى، ترى أن خلاف الحزبين الرئيسيين في الإقليم يتركز راهناً حول إدارة ملف استخراج وتصدير الغاز استراتيجياً من الإقليم، وأن تأثيره على خيارات الحزبين يتجاوز باقي الخلافات التفصيلية، السياسية والتشريعية في الملف السياسي.  المعلق والناشط ريواز رشيد شرح لـ”النهار العربي” كيف أن ثمة خلافاً على بنية العمل التشريعي في الإقليم، وكيف أن القوى السياسية راهناً مجبرة على الاختيار بين البقاء على التوافقية التقليدية بين الحزبين الرئيسيين، أو التغيير الجذري والذهاب إلى مبدأ المنافسة المباشرة. ويقول: “في كردستان، كان العمل البرلماني دوماً لاحقاً ومبنياً على التوافق والمحاصصة السابقة التي كان يدخلها الحزبان الرئيسيان في الإقليم. واللعبة البرلمانية كلها كانت على الدوام ضمن ذلك السقف المؤطر سلفاً. راهناً، ثمة استعصاء في إمكان اجتراح توافق حديث بين الطرفين، لأسباب معقدة، وفي المقابل ثمة شبه استعصاء في تحويل الحالة البرلمانية إلى مواجهة، وتنافس سياسي واضح وحاد بين الطرفين، ومن هنا بالضبط يتأسس الاستعصاء الثاني”.