1

زيارة بيلوسي إلى تايوان “تستنفر” الصين في “أجواء حرب”

إعداد: شادية سرحان

أثارت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان، التي وصفتها وسائل الإعلام الأمريكية “بالتاريخية”، غضب الصين، ما أسفر عن إعلان بكين استنفار عسكري كبير وإجراء مناورات عسكرية ضخمة حول جزيرة تايوان.

وأعلنت وزارة الدفاع التايوانية، اليوم الأربعاء، أن التدريبات العسكرية الصينية التي أعلنت رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايبيه تنتهك بشكل خطير سيادة الجزيرة.

وقالت الوزارة إن المناورات الصينية تنتهك المياه الإقليمية والمجال الجوي لتايوان، وشكلت حصاراً بحرياً وجوياً عليها.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع التايوانية سون لي-فانغ في مؤتمر صحافي إن “بعض قطاعات المناورات الصينية تتداخل (…) مع المياه الإقليمية لتايوان”، مضيفاً أن “ذلك عمل غير عقلاني يهدف إلى تحدي النظام الدولي”.

وتأتي تصريحات الوزارة وسط توترات شديدة مع الصين بسبب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي للجزيرة.

وأكدت وزارة الدفاع التايوانية أن الجزيرة ستدافع بحزم عن أمنها وستواجه أي تحرك ينتهك السيادة الإقليمية، وسترفع من مستوى اليقظة بناء على مبدأ تجنب الحرب.

وأضافت الوزارة خلال مؤتمر صحافي، أن الصين تواصل شن حرب نفسية على تايوان، وأنه يجب على المواطنين عدم تصديق الشائعات وإبلاغ الحكومة بأي أخبار كاذبة.

ومن حهتها، قالت وزارة الخارجية التايوانية إن “إشعار الصين لتايوان بعدم دخول الطائرات لمناطق المناورات في المياه القريبة من الجزيرة، هو استفزاز يتحدى النظام الدولي”.

وأكدت أن “تايوان ستظل على اتصال مع دول من بينها الولايات المتحدة لتجنب تصعيد التوترات”.

غضب ورد صيني
وعبر القادة الصينيون عن غضبهم من زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي لتايوان التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها ووعدت بـ”إعادة توحيدها” بالقوة إذا لزم الأمر.

وأعلنت بكين عن سلسلة من التدريبات العسكرية بالذخيرة الحية حول الجزيرة رداً على الزيارة.

وقالت القيادة الصينية إنها ستجري “مناورات بحرية وجوية مشتركة في الأجواء البحرية والجوية الشمالية والجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية”.

وستشمل تدريبات جوية وبحرية مشتركة في شمال وجنوب غرب وشمال شرق تايوان، وإطلاق نار طويل المدى في مضيق تايوان، وإطلاق صواريخ في البحر شرق تايوان.

وحسب الإحداثيات التي نشرها جيش التحرير الشعبي الصيني، ستجري العمليات الصينية في بعض الأماكن على بعد 20 كيلومترا فقط عن الساحل التايواني.

حظر بضائع
أعلنت وزارة التجارة الصينية فرض عقوبات اقتصادية، قائلة إنها ستعلق تصدير الرمال الطبيعية إلى تايوان – وهي مكون رئيسي في تصنيع أشباه الموصلات أحد أكبر صادرات الجزيرة.

وأمس، أصدرت الصين قراراً استباقياً لزيارة بيلوسي، وقررت حظر الواردات من 35 شركة أغذية تايوانية تصدر لها البسكويت والمعجنات اعتباراً من الاثنين.

وذكرت وكالة الأنباء المركزية التايوانية الرسمية أمس أنه من بين 3200 شركة تايوانية مسجلة لدى الجمارك الصينية تحت فئة المواد الغذائية، تم إدراج 2066 شركة في لائحة تعليق استيراد.

وأدرجت الصين 35 شركة من شركات فئة البسكويت والمعجنات والخبز تحت لائحة “تعليق الاستيراد” من بين 107 شركات تعمل في هذه الفئة، وفقاً لحسابات رويترز بناء على بيانات التسجيل المنشورة على موقع الإدارة العامة للجمارك الصينية.

وفي عام 2021، سجلت واردات الصين من تايوان رقماً قياسيا بلغ 189 مليار دولار، وفقاً لبيانات رسمية تايوانية.

قلق ياباني
وأعربت اليابان، اليوم، عن قلقها من “التحركات العسكرية المحددة الأهداف” التي توعدت الصين بالقيام بها رداً على زيارة بيلوسي، موضحة أن بعضها سيجري داخل المنطقة الاقتصادية اليابانية.

وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية، هيروكازو ماتسونو، للصحافيين إن “المناطق البحرية التي أعلن الجانب الصيني أنها ستستخدم في المناورات العسكرية اعتباراً من ظهر الرابع من أغسطس (…) تشمل المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان”.

وأضاف أن طوكيو “عبرت عن قلقها للصين نظرا لطبيعة النشاطات العسكرية” التي تشمل “إطلاق ذخيرة حية”.

وتابع ماتسونو أن “السلام والاستقرار في مضيق تايوان مهم ليس فقط لأمن بلادنا ولكن أيضا لاستقرار المجتمع الدولي”، مشدداً على أن “موقف اليابان الثابت كان دائما أنه يتوقع حل القضايا المتعلقة بتايوان بشكل سلمي عبر الحوار”.

أعمال استفزازية
ومن بدوره، علق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على زيارة بيلوسي الى تايوان، اليوم، قائلاً: “لا نرى أسباباً للقيام بأعمال استفزازية من هذا النوع خاصة للجانب الصيني”، مؤكداً على أن أمريكا ترغب في تأجيج التوتر مع الصين.

وتابع لافروف: “ليس لدي شك في أن هذا يعكس المسار ذاته الذي نتحدث عنه فيما يتعلق بالوضع الأوكراني – هذه هي الرغبة الأمريكية في الإثبات للجميع إفلاتهم من العقاب: أصنع ما يحلو لي”، بحسب ما نقلته وكالة “سبوتنيك” الروسية.

رفع مستوى التأهب
ومن جانبها، قالت وزارة الدفاع التايوانية، أمس، إن جيشها “يقوم بأنشطة جوية وبحرية بالقرب من تايوان ولديه القدرة على الدفاع عن الأمن الوطني”، بعد التقارير عن تحركات صينية قرب الجزيرة.

وأضافت الوزارة أن “جيشها يراقب الموقف عن كثب، وقد عزز مستوى التأهب وسوف يتفاعل في الوقت المناسب وبشكل مناسب”.

وقالت وزارة الدفاع التايوانية إن “تدريبات الصين حول تايوان تظهر نيتها تدمير السلام والاستقرار الإقليميين”.

بيلوسي في تايوان
وقالت بيلوسي خلال مناسبة جمعتها مع رئيسة تايوان، تساي إينغ وين، في تايبيه، الأربعاء، إن زيارتها للجزيرة توضح “بشكل لا لبس فيه أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن تايوان”.

وأشارت بيلوسي إلى أن تضامن الولايات المتحدة مع تايوان أمر بالغ الأهمية الآن أكثر من أي وقت مضى، مضيفة أن عزم واشنطن على الحفاظ على الديمقراطية في تايوان وبقية العالم لا يزال صلباً.

ومن جهتها، أعلنت الرئيسة التايوانية أن بلادها “لن تتراجع” بينما بدأت الصين بإجراء مناورات عسكرية بالذخيرة الحية حول الجزيرة رداً على زيارة بيلوسي.

وقالت تساي: “في مواجهة التهديدات العسكرية المتصاعدة بشكل متعمد، تايوان لن تتراجع (…) وسنواصل تشبثنا بخط الدفاع عن الديمقراطية”.

وأدت زيارة بيلوسي، أرفع مسؤولة أمريكية منتخبة تصل تايوان منذ 25 عاما، إلى تصاعد التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم، إذ اعتبرتها بكين بمثابة استفزاز كبير.

ووصلت بيلوسي إلى تايوان مساء أمس في تحد لتحذيرات وتهديدات شديدة اللهجة من الصين.

سفن أمريكية
وجابت سفن أمريكية عدّة منطقة تايوان أمس، مع وصول رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها، وفقاً لمصادر عسكرية أمريكية.

وفي الوقت الذي توعّدت فيه الصين بشنّ “أعمال عسكرية محدّدة الأهداف” رداً على زيارة بيلوسي، أعلن الأسطول الأمريكي السابع في تغريدة أن حاملة الطائرات “يو اس اس رونالد ريغان” التي تجوب المنطقة منذ بداية يوليو (تموز)، موجودة في بحر الفليبين جنوب تايوان. 

استدعاء السفير
والصين استدعت أمس السفير الأمريكي لديها احتجاجاً على الزيارة التي تقوم بها بيلوسي لتايوان، وأعرب نائب وزير الخارجية الصيني شيه فنغ خلال حديثه مع السفير نيكولاس بيرنز عن “احتجاجات قوية” لبلاده على زيارة بيلوسي للجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبرها الصين جزءاً من أراضيها.

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن شيه قوله “هذه الخطوة شنيعة للغاية بطبيعتها وعواقبها وخيمة جداً”، مضيفاً “الصين لن تقف مكتوفة اليدين”.

كما أدانت وزارة الخارجية الصينية، أمس، زيارة  بيلوسي إلى تايوان قائلة: “من يلعب بالنار سيحرق نفسه حتماً”.

وفي بيان نشرته “شينخوا”، اعتبرت وزارة الخارجية أن “زيارة بيلوسي تدعم موقف تايوان في تغيير الوضع القائم، ويعزز التواصل الرسمي بين الولايات المتحدة وتايوان، ويؤازر ويدعم الأنشطة الانفصالية لـ”استقلال تايوان”، وأن “هذه التصرفات خطيرة للغاية شأنها شأن اللعب بالنار، ومن يلعب بالنار سيحرق نفسه حتماً”.

وكانت وزارة الدفاع الصينية أيضاً حذرت من “سحق” أي مخطط لاستقلال تايوان، مؤكدة أن بكين لن تتردد في شن حرب بسبب الجزيرة، ما اعتبره محللون “نذر تصعيد جديد يفاقم التوترات بعد حرب أوكرانيا، ويشعل المواجهة بين الغرب والصين.

خلاف وتصعيد خطير
ولا تزال قضية تايوان من بين أكثر القضايا إثارة للجدل بين الولايات المتحدة والصين، فقد برزت كنقطة صراع خطيرة، يخشى المسؤولون الأمريكيون من تحرك صيني وشيك في الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي.

ومنذ نشر خبر زيارة بيلوسي إلى تايبيه، تدفع تحذيرات من بكين وجهود منسقة من قبل إدارة بايدن إلى منع التوترات المتصاعدة من الخروج عن نطاق السيطرة، وظهر هذا واضحاً في المكالمة الهاتفية التي استمرت ساعتين و17 دقيقة الأسبوع الماضي حين وجه الرئيس الصيني شي جين ينغ تحذيراً ينذر بالسوء إلى بايدن.

ونقلت مجلة “بوليتيكو” Politico الأمريكية عن مصادر دبلوماسية غربية، أن الدول الأوروبية تستعد لتداعيات التصعيد الخطير بين واشنطن وبكين على خلفية زيارة بيلوسي.

وأفاد مصدر مطلع للمجلة أن الحرب الكلامية المتدهورة بين الولايات المتحدة والصين بخصوص تايوان تثير قلق الدول الأوروبية بسبب مخاطر تصعيد عسكري محتمل.

وأكدت المصادر أن الاتحاد الأوروبي يعتبر أي مواجهة عسكرية بين الصين وواشنطن نزاعا خارجا عن السيطرة. وحذر نائب رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن بوريس روغ، الدول الأوروبية من عدم الاستعداد لسيناريو مواجهة أمريكية صينية وذلك بدعم تايوان، إضافة للمحافظة على اتصال وثيق مع بكين بهدف تهدئة التوتر.

التعليقات معطلة.