مبادرات بلا أفق في العراق: الصدر يرفض شروط “الإطار”
بغداد عادل النواب
08 اغسطس 2022
أنصار الصدر أمام البرلمان، الخميس الماضي (أحمد الربيعي/فرانس برس)
على الرغم من تراجع المخاوف من انتقال الأزمة السياسية العراقية إلى الشارع بعد قرار قوى “الإطار التنسيقي”، إلغاء فكرة التظاهرات المضادة وسحب أنصارهم من أمام المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد، التي ينتشر فيها أنصار التيار الصدري، إلا أن أي بوادر لحل قريب للأزمة العراقية لا تلوح في الأفق.
وتحول الشروط المتباعدة بين طرفي الأزمة، خصوصاً في ما يتعلق بالمضي في خيار حل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة، دون أن تجد أي من أفكار الوساطات المحلية والخارجية طريقها إلى النجاح.
وتضع قوى “الإطار التنسيقي”، التحالف السياسي المدعوم من طهران في العراق شروطاً أمام قبولها حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة، بحسب مطالب التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، والذي ما زال الآلاف من أنصاره يعتصمون داخل المنطقة الخضراء، ضمن محيط مبنى البرلمان الذي أعلن عن تعليق عمله إلى إشعار آخر.
وفي حراك واسع هو الأول من نوعه لبعثة الأمم المتحدة في العراق، منذ بداية الأزمة السياسية في البلاد والتي تدخل شهرها العاشر منذ إجراء الانتخابات التشريعية في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، أجرت رئيسة البعثة جنين بلاسخارت في الأيام الأخيرة سلسلة لقاءات مع قيادات سياسية شيعية، أبرزها مقتدى الصدر في النجف، وهادي العامري زعيم تحالف “الفتح” في بغداد، بغية تهيئة أجواء حوار جديدة بين التيار الصدري وقوى “الإطار التنسيقي”.
وكانت مصادر سياسية مطلعة تحدثت لـ”العربي الجديد” عن أن “مبادرة المبعوثة الأممية تتركز على دعم إجراء الانتخابات المبكرة التي يريدها الصدر، لكن وفق اتفاق سياسي على موعدها ومن يديرها وبأي قانون”.
الصدر يرفض شروط “الإطار”
لكن هذه المهمة تبدو معقدة، خصوصاً في ظل الشروط المتباعدة بين طرفي الأزمة. وفي السياق، قال عضو بارز في التيار الصدري، وهو أحد النواب الذين قدموا استقالتهم من البرلمان أخيراً، لـ”العربي الجديد”، إن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تلقى موقفاً جديداً من قوى “الإطار التنسيقي”، كمبادرة لحل الأزمة السياسية، تنصّ على تشكيل حكومة مؤقتة يكون رئيسها بالتوافق ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، وتكون مهمة الحكومة إجراء الانتخابات المبكرة في موعد لا يتعدى شهر سبتمبر/ أيلول من عام 2023، ولتسيير أمور البلاد، خصوصاً مسألة إقرار موازنة العام الحالي والمقبل، لكن هذه المبادرة رفضها الصدر.
عضو في التيار الصدري: الأزمة تكمن في عدم وجود ضامن لأي اتفاق مع (الإطار التنسيقي)
ولفت العضو في التيار الصدري إلى أن “الأزمة تكمن في عدم وجود ضامن لأي اتفاق مع قوى (الإطار التنسيقي)، خصوصاً مع تاريخ غير مريح من الاتفاقيات والتفاهمات التي تنصل منها أعضاء هذا التحالف سابقاً”.
وأشار إلى أن الصدر “رفض فتح أي قنوات تواصل مباشرة مع قادة الإطار التنسيقي، وهو مصر على موقفه في حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة خلال سنة واحدة من الآن، على أن تجري العملية الانتخابية بإشراف حكومة مصطفى الكاظمي”.
وأضاف أنه “لا يوجد أي انفراج في الأزمة وقد تطول أكثر من المتوقع، وهذا يعني استمرار الصدريين في الاعتصام المفتوح داخل المنطقة الخضراء، وهذا الاعتصام لن يُفَض إلا بعد اتخاذ موقف رسمي من حل البرلمان وتحديد موعد الانتخابات المبكرة، خصوصاً أن هذا التوجه له قبول كبير لدى بعض الأطراف السياسية المختلفة، حتى ضمن الإطار التنسيقي نفسه”.
من جهته، قال عضو تحالف “الإطار التنسيقي”، سعد السعدي، في حديثٍ مع “العربي الجديد”، إن “القبول بإجراء الانتخابات من قبل حكومة الكاظمي، المتهمة بعمليات تلاعب في الانتخابات السابقة أمر مستحيل”.تقارير عربية
العراق: اعتصامات أنصار الصدر في يومها الخامس وسط اتساع الدعم الشعبي
ولفت إلى أن “أول خطوة نحو الانتخابات الجديدة، تكون من خلال تشكيل حكومة جديدة“. وبيّن السعدي أن “إجراء الانتخابات يتطلب حواراً يجمع كل الأطراف السياسية لمناقشة الاستعدادات لهذه العملية فهي تحتاج إلى وقت ومخصصات مالية، كما تحتاج إلى استقرار سياسي حتى تجري العملية الانتخابية بشكل عادل ونزيهة، بعيداً عن أي تهديدات”.
وأضاف أنه “حتى اللحظة لا توجد أي بوادر لحل الأزمة السياسية بسبب تمسك الصدر بموقفه وكذلك تمسك الإطار التنسيقي بموقفه، وهناك مساع مستمرة للوصول إلى حلول في الأيام المقبلة، بعد بدء وساطات لحل الأزمة من قبل أطراف صديقة للطرفين، بالإضافة إلى الأمم المتحدة في العراق”.
بدوره، قال القيادي في تحالف “الإطار التنسيقي”، النائب محمد الصيهود، في حديثٍ مع “العربي الجديد”، إن موقفهم في التحالف “وفقاً لمخرجات الاجتماع الأخير أول من أمس السبت، هو أن الذهاب لإجراء الانتخابات المبكرة، يتطلب أولاً تشكيل حكومة جديدة، تُكلف بهذه المهمة. ولا يمكن القبول بأن تكون حكومة الكاظمي هي المشرفة على العملية الانتخابية من جديد، خصوصاً أنها فشلت سابقاً وكانت النتائج عليها الكثير من الشبهات”.
محمد الصيهود: قبل الذهاب لإجراء الانتخابات وحل البرلمان يجب تعديل قانون الانتخابات
وأضاف الصيهود: “قبل الذهاب لإجراء الانتخابات وحل البرلمان، يجب تعديل قانون الانتخابات، وإجراء تغييرات مهمة في مفوضية الانتخابات الحالية، لأن القانون والمفوضية الحالية كانا سببا رئيسيا للأزمة الحالية، وهذه الإجراءات تمثل شروطاً لقوى الإطار التنسيقي وقوى أخرى خارجها”.
وشدّد على أنه “من دون تحقيق هذه الشروط لا يمكن الذهاب نحو انتخابات برلمانية مبكرة جديدة، فهذا يعني تكراراً للأزمة وتفاقمها، ولهذا يجب مناقشة هذه الشروط مباشرة مع القوى السياسية كافة، بما في ذلك التيار الصدري، للوصول إلى اتفاق”. واعتبر أنه “من دون تحقيق هذه الشروط التي تتفق مع القانون والدستور، لا يمكن إجراء انتخابات من قبل حكومة ناقصة للصلاحيات”.
من جانبه، رأى عضو تحالف “السيادة”، حسن الجبوري في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “العملية السياسية وصلت لطريق مغلق تماماً ولا حل لهذه الأزمة إلا بحل البرلمان وتحديد موعد للانتخابات الجديدة، وبخلاف ذلك لا حلول، بل ربما تتعمّق الأزمة بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة”.
واعتبر أن “إجراء الانتخابات الجديدة، يتطلب الكثير من الإجراءات، منها الاستفسار حول الإمكانية القانونية لإجراء انتخابات كهذه في ظل حكومة تصريف الأعمال، كما تتطلب مخصصات مالية كبيرة يجب أن توفر من خلال تشريع لها من قبل البرلمان حتى تصرفها الحكومة”. وكشف الجبوري عن “مساع لإعادة الحوار بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، لكن حتى اللحظة لا نتائج لهذه المساعي مع تمسك كل طرف بموقفه”.
لا حل قريباً للأزمة
في المقابل، توقع المحلل السياسي علي البيدر، في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “لا حل قريباً في المشهد، بل إن الأزمة قد تتعمق بسبب انعدام الحلول، التي ترضي أطراف الصراع، ولهذا سيبقى الوضع على ما هو عليه لفترة طويلة”.
وأشار إلى أن “مساعي إيجاد الحلول والتوافق مستمرة من قبل أطراف داخلية وخارجية، لكن لا حلول على الرغم من كل الوساطات، خصوصاً أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مصرّ على موقفه بحل مجلس النواب ورفض أي حوار مع الإطار التنسيقي”.
ولفت البيدر إلى أن “حل مجلس النواب والذهاب نحو الانتخابات المبكرة، إجراء لا بد منه لحل الأزمة، لكن هذا الإجراء لا يمكن أن يقبل به الإطار التنسيقي من دون الحوار مع الصدر والاتفاق على الحكومة التي ستدير الانتخابات، خصوصاً أن قوى الإطار تريد إجراء تغييرات في قانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات، وهذا قد يكون خلافاً آخر سوف يندلع ما بين الصدر والإطار في المرحلة المقبلة”.
وبلغت حدّة التصعيد بين طرفي الصراع في العراق، ذروتها، الاثنين الماضي، خلال تظاهرات شعبية من قبل الطرفين في بغداد، رافقتها إجراءات واستنفار أمني غير مسبوق، خشية وقوع صدامات بين أنصار الجانبين، قبل طلب “الإطار التنسيقي” من أنصاره الانسحاب، على الرغم من نصبهم خياماً واسعة أمام المدخل المؤدي للمنطقة الخضراء.
ويجري ذلك في ظل دعوة قوى سياسية عراقية عديدة إلى إجراء انتخابات مبكرة، كحل لإنهاء الأزمة الحالية ومنع تطور الخلافات، فيما يتحرك رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لعقد اجتماع يضم الأطراف كافة لوضع حل للأزمة الحالية، التي انعكست على الشارع العراقي.