“قيمر العرب” من حليب جواميس الأهوار إلى شوارع بغداد… قصة كفاح يومي
07-09-2022 | 05:45 المصدر: النهار العربي
تمضي بائعة القيمر السيدة أم رضا ساعات طويلة يومياً على الطريق للوصول من منزلها في بابل إلى بغداد ثم العودة.
A+A-في شوارع بغداد الشعبية، غالباً ما تجد نسوة يتخذن من الأرصفة مورداً للرزق عبر بيع القيمر العراقي الشهير.
ويعد القيمر أو ما يسمى في العراق “قيمر العرب” من وجبات الفطور الرئيسية رغم وجود أنواع عديدة من القشطة المستوردة والخيارات الأخرى، بفضل طعمه المميز وفوائده الصحية. وعادة ما يتناوله العراقيون مع خبز التنور الساخن و”الكاهي” والعسل والمربى والشاي. ويصنع “قيمر العرب” في كل أنحاء العراق وهناك نوع مشهور يسمى “قيمر السدة” نسبة إلى السدة الهندية في محافظة بابل، وأيضاً “قيمر القلعة” بالإضافة الى قيمر الأهوار في محافظة ذي قار.
وتقول بائعة القيمر أم علي لـ”النهار العربي” في بغداد إن “القيمر الذي نبيعه يصنع يدوياً بلا مساعدة من الآلة”، موضحة أن “قيمر العرب لا يمكن صنعه من حليب الأبقار أو الأغنام بل من حليب الجاموس”. وتضيف أنه “بعد حلب الجاموس يتم وضع الحليب في قدر كبير وتحت نار قوية لمدة 15 دقيقة، وبعد إطفاء النار يترك الحليب مع وضع قطعة قماش على القدر حتى الصباح الباكر”. كفاح يوميوفي الساعة الرابعة فجراً، تستيقظ أم علي التي تسكن في محافظة ذي قار وترفع قطعة القماش من فوق القدر، ثم تقوم بتقطيع القشطة (القيمر) في صحون كبيرة وتنتظر أمام منزلها سيارة الأجرة التي تقلها مع نساء أخريات يمتهن المهنة نفسها الى العاصمة بغداد لبيعه. والمسافة بين بغداد ومحافظة ذي قار جنوب العراق نحو 360 كلم تقطعها بائعات القيمر منذ أربعة أعوام يومياً.
ولأمّ علي ثلاثة أطفال وهي المعيلة الوحيدة لهم بعد وفاة زوجها. وتقول: “نملك 8 جواميس إلا أننا في الفترة الأخيرة بتنا نعاني بسبب الجفاف الذي لحق بالأهوار لأن الجاموس يعتبر المياه والبحيرات الصغيرة البيئة المفضلة لديه”. ويعتبر الجاموس الذي يصنع منه “القيمر العربي” أحد أهم الأركان الأساسية للحياة في أهوار الناصرية وبقية المسطحات المائية جنوب العراق، وقد سجّلت الحفريات الأثرية وجوده في هذه المناطق منذ 4600 سنة على الأقل. إلا أنه وبسبب الجفاف الذي ضرب أهوار جنوب العراق، نفقت أعداد كبيرة منه ولم يبقَ منه اليوم سوى نحو 300 ألف جاموس، بسبب شح المياه، بحسب تصريحات الاتحاد الدولي لمربي الجواميس في العراق. وإلى جانب قصة أم علي، تتحدث بائعة أخرى عن معاناتها في البيع. وتقول أمّ رضا التي تسكن محافظة بابل وسط العراق: “لم اتخذ منطقة محددة لبيع القيمر بل انتقل يومياً من منطقة الى أخرى بسبب المضايقات من أصحاب المحال التجارية”. وتأتي أمّ رضا يومياً الى العاصمة بغداد، الساعة السادسة صباحاً ثم تعود الى منزلها في بابل الساعة العاشرة صباحاً. وتبيع يومياً نحو ثلاث صوان، وتقول إن “المواطنين يرغبون في شراء قيمرنا بسبب نظافته ونوعيته على عكس القيمر التجاري”. ويبلغ سعر الكيلوغرام من القيمر العراقي الطازج نحو 24 ألف دينار عراقي أي 17 دولاراً اميركياً، بشكل عام، وتختلف أسعاره بحسب مناطق العراق إلا أنه لا يقل بأي من الأحوال عن 15 دولاراً.