هل وصلنا للحلقة الأخيرة من مفاوضات نووي إيران؟
الثلاثاء – 16 صفر 1444 هـ – 13 سبتمبر 2022 مـ رقم العدد [15995]
مها محمد الشريف كاتبة سعودية مهتمة بالشأن السياسي
لقد استخدم الاتفاق النووي الإيراني كأداة حاسمة في الصراع الدولي، فمندوب روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف، يرى أن بيان الثلاثي الأوروبي الذي ينتقد برنامج إيران النووي جاء في توقيت خاطئ، وفي لحظة بالغة الأهمية في مفاوضات فيينا، ووزارة الخارجية الإيرانية تشير إلى أن البيان الثلاثي الصادر عن بريطانيا وألمانيا وفرنسا يدفع بمفاوضات إحياء الاتفاق النووي إلى الفشل، ويصب في مصلحة «الكيان الصهيوني»، وهذا كله يقودنا إلى شيطنة كل شيء حتى ظل العالم أسيراً وتائهاً.
سوف تستمر هذه المرحلة طويلاً لوجود لعبة التحالفات والتحالفات المتضادة لسنوات أخرى، لأن العالم يعج بعدد هائل من الأحداث المتشابكة، والأمر المفاجئ أن معظم الأحداث مستمرة منذ وقت طويل في عصر اتسم برتم سريع جداً، المسألة هنا ما زالت مسألة مؤشرات ولا يوجد دليل قوي يفسر هذا التراجع والتردد وتعثر المفاوضات التي استؤنفت خلال أبريل (نيسان) 2021 في فيينا لإحياء الاتفاق المبرم عام 2015 بين الدول الكبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا) مع إيران، الذي انسحبت منه واشنطن بعد ثلاث سنوات، في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
هنالك بلا شك طرق شتى لوجهات نظر مختلفة حول تحديات اليوم، ولأسباب تتعلق بإخلال إيران ببعض التزاماتها، التي تشكل تهديداً بالغ الخطورة يتهدد السلم العالمي أكثر من غيره، حتى بات إحياء الاتفاق يتضاءل، وعادت طهران تناور مجدداً في الوقت الحالي بأن تغلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملف المواقع غير المعلنة للسماح بإنجاز تفاهم في محادثات إحياء الاتفاق مع الأطراف التي لا تزال منضوية في الاتفاق، بما فيها الولايات المتحدة المشاركة بشكل غير مباشر.
ولكن البيان البريطاني الفرنسي الألماني يقول إن إيران تعرقل الوصول لاتفاق بشأن برنامجها النووي، وفشلها في عدم انتهاز فرصة دبلوماسية حاسمة، بل واصلت التصعيد ببرنامجها النووي، وطهران «تواصل التصعيد في برنامجها النووي بشكل يتجاوز أي مبرر مدني معقول»، فهل هذا المثلث فشل أم هو استهلاك إعلامي للمقايضة؟
من البديهي أن نتساءل أيضاً هل الغرب جاهز للخطة البديلة للاتفاق؟ وما هي العقوبات إذا لم يكن هناك عمل عسكري؟ وهذا يعني أن إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط مطلب تتفق عليه دول المنطقة، وهو السبيل الأمثل لمواجهة أي خطر تمثله إيران، ولا يغيب عن الذهن أن تغذية الفوضى وعدم الاستقرار بصور دراماتيكية، غيّرت الأولويات وكلف ذلك المنطقة الكثير من التراجع خطوات إلى الوراء، وخلق لغة جديدة ومفاهيم جديدة.
فبات من المألوف والمتعارف عليه أن السياسيين غالباً ما يظهرون القليل مما يخفون، كما لو أنها إرساليات أو إشارات. يؤكد بيان القوى الأوروبية الثلاث على تأكيد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن رد إيران الأخير على مسألة إحياء الاتفاق النووي يمثل خطوة «إلى الوراء» قائلاً: «لسنا على وشك الموافقة على اتفاق لا يفي بمتطلباتنا الأساسية»، فجميع الأطراف لها مطالب وأهداف ترمي بسياساتها إلى قوة غامضة الدوافع والغايات.
إذن، لا مجال هنا لأي تنصل من المسؤوليات في هذا السياق، فكل شيء يخبر بأن نزعة السيطرة تزداد شراسة، والمنطق يكشف لنا كيف يمكن أن تكون الأمور خلاف ما تبدو، فالبيت الأبيض ليس قريباً من إحياء الاتفاق النووي مع طهران لوجود ثغرات تعطل الصفقة كما أعلنوا، ولا غرابة إذا قلنا إن السماء الملبدة بالقلق تولد فوضى عارمة ومزيداً من الشياطين، التي تعمل من أجل استباحة دول متنافسة ومتحاربة ورثت قطعاً متناثرة يصعب جمعها فلن ينتقلوا إلى سلام دائم ويودعوا الحروب نهائياً، وبذلك كله فإن المهادنات المؤقتة تتحكم في نتائج اللعبة وتضع التسويات والمؤامرات في سلة واحدة.