«الإطار» يستلم رسائل من شركاء التيار: لا حكومة بدون موافقة الصدر
بغداد/ تميم الحسن
ما لبث تفاؤل الاطار التنسيقي الذي ظهر عقب اعلان ما تبقى من «التحالف الثلاثي» الموافقة على تشكيل حكومة جديدة حتى تراجع بسبب رسائل مفادها ان لا حكومة بدون موافقة مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري.
وحتى الان لم يرد الصدر على الموقف الجديد لحلفائه (كتلة السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني) من عدم الاعتراض على استمرار البرلمان حتى اجراء انتخابات جديدة في ظل استمرار «الهدنة» التي فرضتها اجواء زيارة الامام الحسين.
بالمقابل يحتدم النقاش داخل الاطار التنسيقي مع شكوك باحتمال تجدد التظاهرات واقتحام انصار الصدر المنطقة الخضراء مرة اخرى، وهو ربما ما دفع السلطات الامنية الى تشديد الاجراءات ومنها البوابة الحديدية على جسر الجمهورية التي شاهد البغداديون هياكلها منذ ايام.
ويحاول «اطاريون» لتفادي «السيناريوهات» المقلقة التي قد تحدث بعد انتهاء مراسيم الزيارة الاربعينية، طرح عدة اقتراحات مثل استبدال اسم مرشح رئيس الوزراء، او تغيير موقع الاجتماعات الذي يصاغ فيه منذ ايام ما عرف بـ «خارطة الطريق».
ويعتقد اطراف في «التنسيقي» ان المنزل، وهو لاحد قادة القوى الشيعية، قد يكون «مستفزا» لزعيم التيار الصدري، خصوصا ان صاحب هذا الدار كان قد تسبب قبل اشهر بازمة في الحنانة حيث مقر اقامة الصدر في النجف.
وكان الموقف الاخير لحلفاء الصدر قد شجع على اتفاق شبه نهائي بين القوى السياسية على اجراء انتخابات مبكرة جديدة نهاية عام 2023، واستئناف جلسات البرلمان عقب انتهاء الزيارة الاربعينية.
وعن طبيعة تلك النقاشات داخل الاطار التنسيقي يشير قيادي في احد الاحزاب الشيعية، الى ان هناك «قناعة لدى اطراف في الاطار انه لا يمكن تشكيل حكومة جديدة باي حال من الاحوال بدون موافقة الصدر».
تلك القناعات التي كشف عنها القيادي ظهرت في بيان لرئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، عقب اعلان التحالف مع شريكه الحزب الديمقراطي عن موافقة مبدئية لتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات وهو خلاف ما يطلبه الصدر.
وقال الخنجر في تغريدة على «تويتر» ان: «إنقاذ الوطن وحماية السلم الأهلي أولويتنا في هذه المرحلة الحساسة، وهدفنا صياغة حوار وطني شامل ورؤية يتفق عليها الجميع من دون غلبة طرف على آخر أو كسر إرادات».
وأضاف، «ندعم انتخابات مبكرة حرة ونزيهة، في ظل حكومة قوية مقبولة من جميع الأطراف». وهنا يصف القيادي الذي تحدث لـ(المدى) شريطة عدم ذكر اسمه، ما قاله الخنجر بانه «ارتداد عن بيان يوم الاحد».
وكان البيان الاخير قد صدر عقب لقاء جمع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني في اربيل، لأول مرة بعد دعوة الصدر لتلك الاطراف بالاستقالة الجماعية لإسقاط شرعية البرلمان.
وشدد بيان اربيل على: «ضرورة اعتماد لغة الحوار البنَّاء؛ لتجاوز الخلافات والوصول إلى حلول تصبُّ في مصلحة الشعب العراقي، واتباع الأساليب الدستورية والقانونية في تجاوز تداعيات المرحلة الراهنة».
وتابع ان «الجانبين أكدا على أهميةَ إجراء انتخابات مبكرة بعد تهيئة المتطلبات القانونية ومستلزماتها وفق الآليات الدستورية، يسبقها تشكيل حكومة تتمتع بكامل الصلاحية وتحظى بثقة واطمئنان الجميع ببرنامج حكومي متفق عليه، مع التأكيد على ضرورة استمرار مجلس النواب بعمله لحين موعد الانتخابات».
ويكشف القيادي الشيعي عن انه بعد بيان الخنجر واربيل وصلت رسائل الى الاطار التنسيقي تفيد بان «شركاء الصدر لن يقبلوا باي حل لا يرضي زعيم التيار الصدري، وبالتأكيد لن يقبلوا بمرشح مثل محمد السوداني الذي رفضه الاخير».
وطرحت اطراف في «التنسيقي» خلال اليومين الأخيرين اسماء اخرى الى جانب السوداني مثل محافظ البصرة اسعد العيداني ومؤخرا اعيد طرح اسم النائب السابق عدنان الزرفي، والذي كان مرشحا لتولي الحكومة عقب استقالة عادل عبد المهدي نهاية 2019.
ويبدو تسرب هذه الاخبار وراء بيان نفي سحب ترشيح السوداني الذي أغضب الفريق الذي يسيطر على «التنسيقي» والذي يصوغ اغلب بيانات المجموعة الشيعية منذ حزيران الماضي، عقب اعلان الصدر انسحابه من عملية تشكيل الحكومة.
وبدأ نوري المالكي زعيم دولة القانون بفرض رؤيته تدريجيا على اقطاب الاطار التنسيقي، ومرر اسم السوداني على مضض من بعض اطراف «الاطار» وخاصة حيدر العبادي زعيم النصر وهادي العامري زعيم تحالف الفتح الذي كان متحمسا لاسم قاسم الاعرجي مستشار الامن القومي والذي انسحب من المنافسة في الساعات الاخيرة قبل تسمية السوداني.
واعلن بيان «الاطار» عقب تسريبات تغيير المرشح الاخير عن أنه يقدر ما وصفه بـ»الموقف الكبير والوطني والدستوري لتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني بعد اجتماعهم في اربيل» والذي أعلن فيه الطرفان تمسكهما بالخيار الدستوري في اجراء الانتخابات المبكرة بعد خلق المناخات المناسبة لها وتحت اشراف حكومة كاملة الصلاحيات وعودة المؤسسات الدستورية لممارسة عملها، بحسب ما ذكره البيان.
وأكد البيان «استمراره في الحوار مع جميع الاطراف لتنفيذ الاستحقاقات الدستورية وعودة المؤسسات الى أداء مهامها وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات حرصا منه على تجنيب البلاد مزيدا من الازمات»، مشددا على أنه «سيبذل كل ما يستطيع من اجل الاسراع في تهيئة الظروف المناسبة وضمان مشاركة الجميع».
وكشف البيان في ختامه عن «وصوله الى تفاهمات متقدمة مع القوى الوطنية»، مؤكداً «تمسكه الكامل بمرشحه لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني».
لكن بالمقابل فان كواليس الاجتماعات تشي بأشياء مختلفة، اذ يذكر القيادي في الخط الثاني ان «ما يجري هو استفزاز للصدر خصوصا وان الاجتماعات الاخيرة لما يعرف بلجنة صياغة خارطة الطريق والتي تجمتع في منزل احد قيادات الاطار الثانوية».
القيادي اكد ان «هناك غموضا وراء اختيار هذا المنزل بالتحديد لاسيما وان صاحبه (تحفظ على ذكر اسمه) كان قد اغضب تواجده في نيسان الماضي خلال زيارة هادي العامري الى الحنانة للقاء الصدر حينها، والذي اعتبره زعيم التيار بانه من الموالين الى طهران».
وانتقد عضو الحزب الشيعي اختيار منازل القادة لعقد الاجتماعات في اسلوب «يذكرنا باجتماع البعثيين ايام الحروب»، مشيرا الى انه «من الافضل الاجتماع في قاعات معروفة وليست منازل شخصية».