هل يكون إصلاح العملية السياسية العراقية عبر الدستور والقانون؟
النظام البرلماني يحتاج إلى مقومات أساسية ومهمة من أجل نجاحه وفي مقدمتها التطور الاقتصادي والرفاه المجتمعي
اندبندنت عربية الاثنين 19 سبتمبر 2022 3:22
دعوة لتعديل مواد في الدستور تسببت بحالة الانسداد السياسي التي يعيشها العراق (رويترز)
واصلت العملية السياسية في العراق طريقها المتأزم بعد كل عملية انتخابية إلا أنها تميزت هذه المرة بالانسداد والتجاوز على المدد الدستورية، وتواصل الكتل السياسية صراعاتها حول آلية تشكيل الحكومة منذ أن إجراء الانتخابات في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
تعديل مواد الدستور
ودعا رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، في 10 سبتمبر (أيلول) 2022، إلى تعديل مواد في الدستور “تسببت” بحالة الانسداد السياسي التي يعيشها العراق منذ الانتخابات التشريعية.
وقال زيدان في تصريحات صحافية إن “الخروقات الدستورية أو الأفعال غير المقبولة اجتماعياً وأخلاقياً لا يمكن للقاضي مساءلة مرتكبها سواء مؤسسات أو أفراد إلا بوجود نص صريح يعاقب عليها على وفق الشروط القانونية”.
وأضاف أن “دعوى طلب حل مجلس النواب رغم أن القضاء يتفق مع المدعي في تلك الدعوى واقعياً بوجود خروقات دستورية مرتكبة من قبل مجلس النواب وشخص تلك الخروقات بشكل واضح إلا أن القضاء الدستوري رد الدعوى بطلب حل مجلس النواب لأن جزاء هذا الخرق (حل المجلس) أوكلته المادة (64) من الدستور إلى مجلس النواب نفسه”.
وأوضح رئيس السلطة القضائية أن البرلمان “يحل بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه إما بناء على طلب من ثلث أعضائه أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية”.
وزاد بأن “اختصاصات المحكمة الاتحادية محددة دستورياً بموجب المادة (93)، ولا يوجد بينها صلاحية حل مجلس النواب”.
ورأى زيدان “توجب إعادة النظر بصياغة مواد الدستور المعرقلة لتشكيل السلطات الدستورية والتي سببت حالة الانسداد السياسي وما رافقها من أحداث مؤسفة بأن يتم النص على جزاء مخالفة أي نص دستوري بنفس النص بصياغة واضحة غير قابلة للاجتهاد أو التأويل”.
مقومات أساسية
في المقابل، أكد المتخصص القانوني علي التميمي، بأن النظام البرلماني يحتاج إلى مقومات أساسية ومهمة من أجل نجاحه وفي مقدمتها التطور الاقتصادي والرفاه المجتمعي، حيث أنه قد طبق ونجح في بريطانيا أولاً وبعدها الدول الاسكندنافية، ولكن عندما تم وضعه في بلد مثل العراق قيل بإنه سيؤدي إلى الحرب الطائفية والفتن، وهذا ما حصل فعلياً.
اقرأ المزيد
- “الإطار التنسيقي” متمسك بمرشحه لرئاسة الحكومة العراقية
- توافق كردي محتمل يقرب جلسة انتخاب رئيس جديد للعراق
- العراق يترقب عودة الاحتجاجات بعد تجاهل تحذيرات الصدر
التميمي أشار في تصريح صحافي بأن “الدستور العراقي قد جاء بمبادئ إيجابية تنسجم مع مبادئ النظام البرلماني، ولكنه لا يصلح في العراق ويحتاج لأن يكون أول التعديلات التي تجرى على الدستور هي شكل النظام السياسي ليكون إما رئاسي أو شبه رئاسي”.
ولفت إلى أن “النظام شبه الرئاسي هو الأصلح والأنجح للعراق في المرحلة الحالية، كما هو شكل النظام الحالي في فرنسا، حيث أن النظام البرلماني في العراق قد أوجد دكتاتوريات متعددة للأحزاب، وهذا هو الأخطر”.
الكتلة الأكبر
لكن المتخصص القانوني ضياء الدين البديري أشار إلى أن الكتلة النيابية الأكبر هي سبب المشاكل ويمكن تعديلها من دون تعديل الدستور، وبإمكان البرلمان تعديل قانونه والإشارة إلى هذه الفقرة إشارة صريحة بأن تصبح الكتلة الأكثر عدداً هي الكتلة الفائزة من حيث عدد نوابها، من دون اللجوء إلى تعديل الدستور وهو صعب أيضاً، لأن الدستور العراقي من الدساتير الجامدة والجافة جداً، ولا يمكن تعديله خصوصاً مع نظام المحاصصة.
في حين، أكد المتخصص القانوني حيـدر الصوفي بأن التعديل الدستوري يشترط أن تكون هناك لجنة تعرض التعديلات على البرلمان، وهو بدوره يجب أن يوافق عليها بالثلثين، ثم تعرض على الشعب للاستفتاء.
وأوضح الصوفي بأن الدستور الحالي يشترط مــن أجل الموافقة على التعديلات ألا ترفضه ثلاث محافظات، أي من الممكن إجراء تعديلات علــى الدستور بسهولة، ولكــن يجب ألا تعترض المحافظات على هذه التعديلات.
الالتزام بمواد الدستور
من جهته، يعتقد الباحث السياسي، صالح لفتة، بأن “الطريق الأسلم والأفضل والعادل لإصلاح العملية السياسية هو الالتزام بمواد الدستور وفقراته وعدم تجاوز الدستور لأي سبب وحل المشاكل حسب القانون، وما وصلنا لهذا الحال من الانسداد السياسي والفساد والتخبط بالقرارات إلا بسبب التجاوز على الدستور وعدم احترام القانون وترحيل المشاكل لإرضاء بعض الأطراف فلو تم الإلتزام بالدستور لتفسير الكتلة الأكبر لما تأخر تشكيل الحكومة لأي دورة انتخابية، ولو تم محاسبة المفسدين واللصوص لما تصدر العراق قائمة الدول الأكثر فساداً”.
وأضاف “لكن هناك مشكلة هي أن هناك فقرات بالدستور العراقي تحتمل أكثر من تفسير وحمالة أوجه فلو رضي طرف بتفسير تلك المادة ستعتبر أطراف أخرى نفسها أنها ظلمت بذلك التفسير كما حدث في انتخابات 2010 وتفسير المحكمة الاتحادية للكتلة الأكبر واعتبار القائمة العراقية الفائزة بالعدد الأكبر من المقاعد البرلمانية أنها ظلمت وسرق حقها”.
وأشار “نحتاج تفسيراً واضحاً لتلك المواد من دون اللجوء للمحكمة الاتحادية وتأخير الاستحقاقات الدستورية في كل دورة انتخابية وتعديل المواد التي تسبب مشاكل أو تم ترحيلها لسنوات عديدة”.