السيـــــــد زهـــــــره
جرائم باسم الديمقراطية
تحدثت أمس عن بعض الحقائق المتعلقة بالديمقراطية بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية الذي احتفل به العالم.
من أكبر الحقائق المتعلق بالديمقراطية، أن الديمقراطية لا يمكن أن تجتمع مع الأطماع والمخططات الإمبريالية، ولا مع أجندات تدمير وتخريب الدول. كما أن الديمقراطية لا يمكن أن تجتمع مع الطائفية والعنصرية والتطرف الديني والسياسي.
على امتداد العقود الماضية ارتكبت الدول الغربية أشنع الجرائم بحق الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.
تحت ذريعة عنصرية بأن الديمقراطية الغربية هي نموذج يجب أن تحتذيه دول العالم، وتحت دعاوى كاذبة بالحرص على نشر الديمقراطية في مختلف الدول، قامت أمريكا والدول الغربية بغزو دول وتدميرها، وقامت بتدبير انقلابات عسكرية أطاحت بنظم حكم ديمقراطية.. وهكذا.
بالطبع دعاوى الحرص على نشر الديمقراطية وحماية الحريات وحقوق الإنسان لم تكن في يوم من الأيام سوى ذريعة لتنفيذ مخططات إمبريالية غربية، وأجندات لتخريب وتدمير الدول.
وقد رأينا ما حل ولا يزال يحل بالدول العربية من جراء هذه المخططات الغربية التي بدأت بغزو العراق وبلغت ذروتها مع أحداث ما أسمي الربيع العربي في 2011، وما زالت مستمرة إلى اليوم.
الغرب بما فعله قام بأكبر عملية تدمير في التاريخ للديمقراطية وكل ما يمت إليها من قيم ومبادئ. الذي حدث أن الغرب بتدميره لدول مثل أفغانستان والعراق وغيرهما في العالم وإغراقها في الفوضى والطائفية دمر أي احتمال للتقدم نحو الديمقراطية في هذه الدول لعقود طويلة قادمة، وجعل الشعوب نفسها تفقد الأمل في الديمقراطية وجدواها.
الغرب يفعل هذا عن عمد وسبق إصرار خدمة لمصالحه الإمبريالية العالمية.
في الوقت نفسه فإن القوى والجماعات الطائفية والجماعات المتطرفة دينيا تفعل نفس ما يفعله الغرب بالضبط فيما يتعلق بقضية الديمقراطية.
نعني أن هذه القوى والجماعات لا تؤمن بالديمقراطية أصلا ولا مكان لها على أجنداتها، لكنها مع ذلك تستخدمها أداة للتخريب والتدمير وصولا إلى محاولة تحقيق أجنداتها.
نعني أن هذه القوى والجماعات تعتبر أن مزاعمها بالمطالبة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وما يرتبط بذلك من عمليات تخريب تقوم بها هي مجرد وسيلة للوصول إلى إقامة نظم طائفية دينية استبدادية لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالديمقراطية ولا بحقوق الإنسان.
وهذه القوى والجماعات لا تتورع عن العمالة لأي قوى أجنبية والتآمر معها ضاربة عرض الحائط بأي معنى للوطنية أو الولاء الوطني.
ما ذكرناه أمس واليوم هي بعض الحقائق المتعلقة بالديمقراطية من المهم الإشارة إليها.
لكن يبقى أمر في غاية الأهمية لا بد من تأكيده.
صحيح أنه ليس مقبولا أبدا الزعم بأن الديمقراطية الغربية نموذج يجب أن تأخذ به دول العالم، وأن لكل بلد خصوصيتها وتاريخه أو تقاليدها وبالتالي يجب أن تكون لها تجربتها الديمقراطية الخاصة.
وصحيح أن الغرب ارتكب أشنع الجرائم بحق الدول والشعوب باسم الديمقراطية وقتل الآمال في الديمقراطية في عديد من الدول.
وصحيح أن دولنا تواجه تهديدات من القوى والجماعات الطائفية والمتطرفة دينيا وأجنداتها باسم الديمقراطية.
لكن كل هذا لا يجوز أن يكون مبررا أو ذريعة في أي دولة لعدم الإقدام على إصلاحات ديمقراطية حقيقية وملموسة.
ولا يجوز أن يكون كل هذا ذريعة للتضييق على الحريات العامة أو العصف بحقوق الإنسان على نحو ما يحدث فعلا في عديد من الدول العربية.
بالعكس، تقوية دعائم الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والحريات من أكبر حوائط الصد وحماية الدولة والمجتمع في مواجهة المخططات والأجندات باسم الديمقراطية.