الكاظمي يبحث في نيويورك أزمات العراق والمنطقة
كرر عشية مغادرته بغداد دعوة القوى السياسية إلى حوار هادئالثلاثاء – 24 صفر 1444 هـ – 20 سبتمبر 2022 مـ
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ف.ب)بغداد – أربيل: «الشرق الأوسط»
يبحث رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ملفات عراقية وإقليمية.
الكاظمي، الذي سبق له أن رعى خلال الشهر الماضي جلستين للحوار الوطني شارك فيهما كل القوى السياسية في العراق باستثناء «التيار الصدري»، كرر عشية مغادرته بغداد إلى نيويورك، مساء الاثنين، الدعوة إلى حوار هادئ، وسرد في بيان ما قامت به حكومته على صعيد الملفات الخارجية، قائلاً: «عملنا خلال العامين الماضيين على إقامة أفضل العلاقات مع جيراننا ومع المجتمع الدولي، ورفعنا من مستوى حضور العراق في المحافل الدولية، وعززنا التعاون والشراكة مع الجميع؛ بما ينعكس إيجاباً على مصالح شعبنا بكل المستويات». وأضاف الكاظمي أن «تجربة الحكومة أكدت استطاعة العراق أن يؤدي دوراً مهماً في تثبيت الاستقرار بالمنطقة، وأن يكون ساحة لتقريب وجهات النظر بين الجميع، وهذا منهج يجب أن يأخذ مداه على كل المستويات».
وفي الشأن الداخلي، أشار الكاظمي إلى أن «الأزمة السياسية الحالية صعبة، لكن أبواب الحل ما زالت مفتوحة، وهذا يتطلب حواراً هادئاً وصريحاً يضع مصلحة العراق وشعبه فوق الجميع»، داعياً القوى السياسية إلى «التحلّي بالهدوء والصبر، والركون إلى لغة الحوار والعقل، والتسلح بإرادة صلبة، وروح وطنية عالية». وكرر الكاظمي القول: «لنعبر ببلدنا من هذه المرحلة إلى بر الأمان في هذه اللحظة التاريخية، عبر حوار وطني قادر على إنتاج حلولٍ تنهي الأزمة الراهنة».
وفي حين تأتي مشاركة الكاظمي في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة هذا العام في ظل أعقد أزمة سياسية يواجهها العراق بعد سقوط نظام صدام حسين قبل 19 عاماً؛ فإن المفارقة اللافتة للاهتمام أن الكاظمي، وهو رئيس وزراء انتقالي بخلاف أسلافه، تمكن من وضع العراق على خريطة الدول القادرة على الإسهام في حلحلة أزمات المنطقة. فالولايات المتحدة الأميركية التي رعت النظام الحالي في العراق والتي وجدت نفسها في اشتباك مع إيران من داخل أراضيه، وجدت نفسها الآن بحاجة إلى جهود الكاظمي على صعيد نقل الرسائل بينها وبين طهران، وهو ما كان من سبل التمهيد لمفاوضات فيينا النووية. كما أن الكاظمي؛ الذي نقل رسائل بين إيران والسعودية كانت سرية في بدايتها ومن ثم تلتها جلسات حوار عدة بين البلدين طوال العام ونصف العام الماضي، بدا عمله أيضاً مؤشراً على قدرة العراق على العودة إلى دوره السابق.
وقال الدكتور حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الكلمة التي سيلقيها الكاظمي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة «ستحدد بشكل واضح نهج السياسة الخارجية للبلاد، وهو نهج التوازن وحل المشاكل بالمساعي السلمية، بالإضافة إلى منظور الحكومة العراقية في صناعة مسارات السياسة الدولية في مجال التعاون الدولي والمناخ والتنمية والأمن الدولي والإقليمي وأمن الطاقة العالمي». وأوضح علاوي أن «أجندة الحكومة العراقية في اجتماعات الأمم المتحدة ستذهب إلى تعظيم دور العراق الإقليمي والدولي من خلال المساعي الحميدة لتطوير الحوارات الإقليمية في منطقة الخليج والشرق الأوسط».
في السياق نفسه، يرى أستاذ الإعلام في جامعة أهل البيت، الدكتور غالب الدعمي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الكاظمي تسلم مسؤوليته رئيساً للوزراء في وقت حرج جداً، وعمل على التواصل مع القوى والأحزاب السياسية، ومنحهم حرية التصرف، لكنهم؛ خصوصاً بعض قوى (الإطار التنسيقي)، عملوا على محاربته بينما كانوا هم من وافقوا عليه في ظل تلك الظروف الحرجة، وبالتالي؛ فإن دعواته للحوار تأتي من منطلق البحث عن حل بينما القوى السياسية الرافضة لن تستجيب إلا إذا شعرت بأن وجوده لصالحها، وإنها يمكن في النهاية أن تستجيب بعد أن يتبلور موقف دولي واضح يضع (الإطار التنسيقي) على المحك بحيث لا يسمح لهم بتشكيل حكومة تمثل طرفاً واحدا بعيداً عن التوازن». وكشف أن «التحالف الدولي يدعم الصدريين ليس لأنه يتفق معهم في التوجه؛ ولكن لأنه يشعر بأن الصدريين يحققون التوازن أمام (الإطار)».
على صعيد آخر ذي صلة، قال قيادي في «الحزب الديمقراطي الكردستاني» إن «التفاهم مع (الاتحاد الوطني) وصل لمرحلة متقدمة»، وإن الطرفين اتفقا على توحيد «الجبهة الكردية في بغداد عبر تقديم مطالب أساسية قبل الاشتراك في الحكومة، أبرزها مسألة النفط والشركات الأجنبية، وتسوية وضع المناطق المشتركة بين حكومتي بغداد وأربيل».
وأكد القيادي أن مسألة «منصب رئيس الجمهورية تركت لظرف آخر، على أن تتطور حالة التفاهم الحالية بين الحزبين للخروج بمرشح توافقي». وقال مصدر سياسي مقرب من بافل طالباني، زعيم «الاتحاد الوطني»، لـ«الشرق الأوسط» إن «المفاوضات لم تحسم ملف الرئاسة، وما زال الحزب متمسكاً بالمنصب»، لكن مصدراً آخر توقع «القبول بمرشح (الديمقراطي الكردستاني) إذا تولت شخصية قيادية من (الاتحاد الوطني) منصب رئيس حكومة الإقليم، لتوازن القوى بين الطرفين».