النزاعات العشائرية تتمدّد في العراق… سلاح متفلّت لا يلتفت لسلطة الدولة
01-10-2022 | 05:00 المصدر: النهار العربي
سلاح العشائر أكثر سطوة من سلاح الدولة في حالات عديدة.
A+A-عادت ظاهرة النزاعات العشائرية لتتصدر المشهد في العراق، مع استمرار الأزمة السياسية، وباتت تطبع حياة العراقيين خصوصاً في المناطق ذات الغالبية الشيعية، فيما ينتشر السلاح المتفلت في البلد إضافة إلى المشاكل السياسية التي أثرت بشكل مباشر في إمكان تطبيق القانون. وتفاقمت النزاعات العشائرية خلال العام الحالي، وباتت تقلق الحياة وتهدد السلم الأهلي في مناطق عدة والتي غالباً ما تكون وراءها تصفية حسابات، كما يقول مراقبون أمنيون. وتتسبب تلك النزاعات بوقوع ضحايا من طرفي النزاع كما تؤدي إلى إقفال مناطق كاملة لمدة يوم أو أكثر من دون أن تتدخل السلطات الأمنية لوقفها ميدانياً. تستخدم العشائر المتنازعة في المواجهات أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة وقنابل هجومية عادة ما تستهدف منازل أو سيارات تابعة للطرف المناوئ بين عشيرتين متنازعتين. ففي آذار (مارس) 2022، هاجم مسلحون تابعون لإحدى العشائر، منزلاً لعشيرة أخرى في بغداد، ما تسبب بمقتل فتاة وطفل وسقوط جرحى من أسرة واحدة، كما ذكر مصدر أمني. ويضيف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لـ”النهار العربي” أن “الحادثة حصلت بالقرب من دورية للشرطة الاتحادية”.ورغم محاولات القوات الأمنية فرض إجراءات مشددة حيال النزاعات العشائرية، الا أنها تقف عاجزة عندما يحدث نزاع عشائري في بغداد أو في مناطق جنوب العراق. ويقول الناشط الحقوقي علي ذهب، والذي يسكن في “مدينة الصدر” شرق العاصمة بغداد لـ”النهار العربي” إن “النزاعات العشائرية باتت تقلقنا كثيراً، فعندما يندلع الاشتباك العشائري لا نستطيع الخروج من المنزل بسبب استخدام الصواريخ والقذائف وغيرها من الأسلحة الثقيلة والخفيفة”، لافتاً الى أن “المواجهات تستمر أحياناً يومين أو ثلاثة أيام من دون توقف”.
ويؤكد أن “مدينة الصدر وحدها سجلت خلال شهر أيلول (سبتمبر) الجاري حوالى 20 مواجهة عشائرية. وهذا أمر كارثي… فأين الجهات الأمنية من تلك النزاعات التي أخذت تتفاقم بشكل كبير؟”. مناطق النزاعاتيتحدث مصدر أمني عراقي رفيع المستوى لـ”النهار العربي” عن مناطق انتشار ظاهرة النزاعات العشائرية في عموم مناطق البلاد، موضحاً أنها “تنتشر في محافظات البصرة، ميسان، ذي قار، ومدينة الصدر شرق العاصمة بغداد”. ويقول إنه “خلال النصف الأول من العام وبحسب الأرقام التي وصلت الى الجهات الأمنية المختصة فقد تسببت النزاعات بمقتل 16 شخصاً وإصابة نحو 32 آخرين”.كما تسببت بنزوح أسر من المناطق التي تنتشر فيها النزاعات العشائرية الى مناطق أكثر أمناً كمحافظات الديوانية، بابل، واسط، النجف وكربلاء. وغالباً ما تكون هذه النزاعات بسبب خلافات اجتماعية واقتصادية أو نتيجة جرائم جنائية وحوادث عرضية، سرعان ما تتحول إلى مواجهات بين عشيرتي الطرفين، ويفاقم ذلك انتشار السلاح، وعدم قبول أحد الطرفين بالاحتكام إلى القانون. ويقول المحلل الأمني أحمد الشريفي لـ”النهار العربي” إن “ملف السلاح الذي تملكه العشائر معقد وشائك ومن الصعب جداً السيطرة عليه من الحكومة العراقية”، مبيناً أن “غالبية العشائر تملك أسلحة ثقيلة وخفيفة لأن السلاح في العراق يباع في الشارع ويروج عبر مواقع التواصل الاجتماعي”. ويؤكد الشريفي أن “النزاعات العشائرية المستمرة في البلاد والتي ارتفعت خلال العام الجاري تسببت بهجرة العديد من الأسر نتيجة رعب المواجهات وأصوات الرصاص والاشتباكات”. ودعا المحلل الأمني “الجهات الأمنية العليا الى الضرب بيد من حديد لأجل إيقاف وردع العشائر المتنازعة ومنعها من استخدام السلاح وسط الأحياء السكنية”، لافتاً إلى أن “النزاعات باتت تهدد الحياة المدنية في البلاد التي تعاني من أزمة سياسية كبيرة وتربك الوضع الأمني”. وقبل أيام اندلع نزاع عشائري شرق العاصمة بغداد ليلاً، استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة والخفيفة. أما سببه فيعود الى مشاجرة بين طفلين كانا يلعبان في الشارع، بحسب ما أفاد مصدر أمني “النهار العربي”. وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد أصدر أوامر عسكرية بمصادرة الأسلحة في مناطق النزاعات العشائرية، ومن القرارات التي اتخذت، إجراء تفتيش واسع في كل المناطق التي تحصل فيها نزاعات عشائرية، وضبط الأسلحة ومصادرتها، سواء كانت خفيفة أو متوسطة. وفي وقت سابق، قال رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، إن “الأعراف العشائرية في العراق تحولت من الجانب الإيجابي إلى السلبي، إذ كانت سابقاً أحد أساليب فضّ النزاعات والخلافات قبل عرضها على المحاكم أو أحياناً في أثناء نظر الدعاوى يحصل صلح عشائري يؤدي إلى انتهاء الدعوى بالتنازل عنها”، مؤكداً أنه لا يوجد مصطلح “قانون عشائري” بل أعراف عشائرية”.