سرطان الثّدي يضرب في العراق… “أكتوبر الوردي” للتوعية والحكومة تسابق الوقت
10-10-2022 | 05:20 المصدر: النهار العربي
حملات التوعية تزداد لمواجهة سرطان الثدي مبكراً.
A+A-تشعر العراقية خلود (40 عاماً) بالخوف كلما تذكرت آلام والدتها التي توفيت عام 1997 إثر إصابتها بسرطان الثدي، فهي لا تنسى تلك اللحظات ولا يزال الخوف يطاردها من تلقي المصير ذاته بسبب العوامل الجينية.
تقول خلود، وهي ربة منزل وأم لثلاثة أطفال لـ”النهار العربي”: “كلما سمعت عن إصابة امرأة بسرطان الثدي تصيبني حالة من الفزع”.
ويعتبر سرطان الثدي من أكثر السرطانات شيوعاً عند الإناث في العالم بصورة عامة، وفي إقليم شرق المتوسط والعراق بصورة خاصة، حيث تبلغ نسبة الإصابة به 23% من مجموع السرطانات التي تصاب بها المرأة في العالم. ورغم اعتقاد البعض أنّ ذلك السرطان هو من أمراض العالم المتقدّم، إلا أنّ معظم الوفيات الناجمة عنه (69%) تحدث في البلدان النامية، بحسب ندى عبد الصاحب، الباحثة في قسم بحوث علم الأمراض التابع للمركز الوطني الريادي لبحوث السرطان.
وتوضح عبد الصاحب لـ”النهار العربي” أنه “في العراق يمثل سرطان الثدي نحو ثلث نسبة السرطانات التي أصيبت بها المرأة العراقية (32%) وفقاً لما هو مدوّن في سجل السرطان العراقي الأخير، الذي يبين أن سرطان الثدي يحتل المرتبة الأولى بين السرطانات التي يصاب بها الفرد العراقي”. كما لوحظ خلال السنوات الأخيرة تزايد واضح في نسبة الإصابة بهذا المرض، إذ بيّنت الإحصائيات والدراسات المحلية أن معظم الحالات التي تصيب المرأة العراقية، عادةً ما تُكتشف في مراحل متأخرة يصعب التحكم فيها بواسطة العلاج، وأن كثيرات من ضحايا هذا المرض هنّ في مقتبل العمر، وهذه حالة نادرة الحدوث في المجتمعات والدول الغربية، بحسب عبد الصاحب. الكشف المبكروتؤكد أنه “من أهمّ الاستراتيجيات السكانية للكشف المبكر عن سرطان الثدي إذكاء الوعي العام بالمشكلة التي يطرحها هذا المرض، وبآليات مكافحته، والدعوة إلى وضع السياسات والبرامج المناسبة في هذا المجال. لذا فقد بادرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى استحداث برنامج وطني ريادي لبحوث السرطان، يستهدف توعية النساء من كل أوساط الشعب العراقي بمرض السرطان بصورة عامة، وسرطان الثدي بصورة خاصة، إلى جانب إجراء الدراسات والبحوث حوله، وتدريب الكوادر الطبية والعاملين في الحقل الصحي على التقنيات المستخدمة عالمياً في الكشف المبكر عن سرطان الثدي، والتي تشمل طريقة الفحص السريري والذاتي للثدي، والفحص الشعاعي، والتشخيص الخلوي بواسطة الرشف بالإبرة الدقيقة”.
وتشرح الاختصاصية في أمراض السرطان سرى مجيد أن الفئة العمرية بين 40 عاماً و50 هي الأكثر عرضة للإصابة بالمرض.
وتضيف مجيد لـ”النهار العربي” أن “أعراض هذا المرض الخبيث تختلف من مريضة إلى أخرى بسبب تداخل العوامل الجينية، لأن الطفرات الجينية الأكثر شهرة التي تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الثدي هي BRCA1 و BRCA2”.
وتشير إلى أنه “بحسب متابعاتي بشأن هذا المرض، فإن أعداد الإصابات من النساء بسرطان الثدي تزداد سنوياً، إذ وصلت إلى 38 في المئة بسبب عدم توافر أجهزة كافية وخاصة بالتشخيص والكوادر الخاصة، بالإضافة إلى ذلك ليس هناك أي اهتمام حكومي بل حتى من المنظمات الإنسانية المعنية بالمرأة العراقية”. وتلفت مجيد إلى أن “ارتفاع معدل الإصابة بسرطان الثدي لدى العراقيات يعود إلى التلوث الإشعاعي وقلة العناية والوعي الصحي، لذا يجب على الجهات المعنية تنظيم ورش وندوات تثقيفة حول هذا المرض الخطير”.
وتوضح أن “الكشف المبكر عن المرض يعد الخطوة الأولى للعلاج، حيث يتم استئصال الورم بعد تحديده، وبالتالي يتعافى المريض”، مشيرة إلى أن “هناك محافظات عراقية ليس فيها مراكز مختصة بسرطان الثدي ولا حتى توعية للنساء بأهمية هذا المرض الذي يستهدف المرأة من دون أي رحمة، خصوصاً في القرى والأرياف والنواحي”. نصائح وتوعيةوقدمت نصائح إلى المرأة، ومنها استشارة الطبيب كل ثلاثة أشهر بعد سن الـ30، ومناقشة إمكان القيام بصورة الماموغرافي في الوقت المناسب، وممارسة الرياضة على الأقل 30 دقيقة يومياً، والحفاظ على وزن صحي وتقليل كمية السعرات الحرارية المستهلكة واتباع نظام غذائي صحي غني بزيت الزيتون والمكسرات والأطعمة النباتية، مثل الخضر والفواكه والحبوب الكاملة والبقوليات والأسماك. كذلك “يجب ألا يكون هناك تردد في زيارة الطبيب عند الإحساس بأي أعراض أو كتل أو تغير في حجم الثدي والحلمة، أما إذا كان سن المرأة من 35 سنة فما فوق وجبت عليها زيارة المراكز الصحية للكشف المبكر عن سرطان الثدي”.
وأطلق ناشطون ومدوّنون عراقيون، حملة عرفت باسم “أكتوبر الوردي” من أجل تعزيز الوعي بالكشف المبكر بسرطان الثدي بين النساء، لا سيما أن هذا المرض أصاب، بحسب منظمة الصحة العالمية، 2.3 مليوني امرأة عام 2020. وتقود الإعلامية العراقية آن صلاح حملة وطنية لمكافحة سرطان الثدي، قائلة في تعليق لـ”النهار العربي” إن “هذه الحملة تهدف إلى توعية النساء العراقيات واتباع الطرق والعادات الصحية، كما تهدف إلى التضامن مع النساء اللواتي أصبن بسرطان الثدي”.
السياسة الصحية الحكوميةوكانت وزارة الصحة العراقية قد أعلنت عن بشرى لمرضى السرطان بإدخال تقنيات جديدة للعلاج، وحددت أنواع المرض الأكثر انتشاراً في العراق.وقال وزير الصحة هاني العقابي في تصريح إن “لدى وزارة الصحة مراكز صحية للتعامل مع مرض السرطان ومعالجته والوقاية منه”، مبيناً أنَّ “الأنواع الأكثر شيوعاً هو سرطان الثدي وبعده سرطان القولون وبعده الرئة”.وأضاف: “في ما يخص سرطان الثدي، لدينا مراكز للأشعة والتصوير، وهناك مركز في كل محافظة ودائرة تشخيص مبكر، إضافة إلى التوعية الصحية بخصوص الفحص المبكر والذاتي”. وأشار إلى أنه “بالنسبة إلى سرطان القولون، يمكن السيطرة عليه عن طريق التوعية والأكل الصحي، ولدينا برنامج في المراكز الصحية بهذا الخصوص، وسوف ندخل الكشف المبكر عن سرطان القولون ونحن في نقاش مع الصحة العالمية”، مذكراً بأن “الأهم للوقاية من السرطان الأكل الصحي واستنشاق الهواء النقي وتجنب العادات المضرّة، كالتدخين وما شابهه”.
من إحدى حملات التوعية. ولفت إلى أن “كل الذين يتعالجون من السرطان في الخارج من العراقيين في لبنان والأردن ترسل أدويتهم من العراق لأنها مرتفعة الثمن هناك”، لافتاً إلى أن “مشكلتنا الأساس في التعامل مع مرض السرطان في العراق هي نقص أجهزة الإشعاع، حيث إن هناك 20 جهازاً وأدخلنا 6 أجهزة أخرى خلال عامي 2021 – 2022، ولدينا في كربلاء جهازان وفي النجف جهازان وفي الناصرية سيكون هناك جهاز الأسبوع المقبل، إضافة إلى أربعة أجهزة متطورة في بغداد”. وقال إن “مريض السرطان كان في الفترة السابقة يحتاج إلى ستة أشهر كموعد للكيّ في بغداد، إلّا أننا نبشِّر المرضى بأنه ابتداءً من الأسبوع المقبل سيكون الموعد شهراً بفضل اعتماد تقنيات إضافية”. وأوضح أنه “في محافظة البصرة مثلاً فإن منح الموعد سيكون بعد أسبوعين وفي كربلاء والنجف في اليوم نفسه، لكن في بغداد سيحتاج إلى شهر”، مبيناً أن “هناك تطوراً رغم وجود النقص، والوزارة ترسل كل مريض يتأخر في علاج السرطان أكثر من شهرين إلى الخارج وعلى حسابها الخاص”.