1

خيارات التبعية العراقي

حمادة فراعنة

نجحت أحزاب الاطار التنسيقي برئاسة نوري المالكي وحلفائه الموالين لإيران في انتخاب الكردي عبد اللطيف رشيد رئيساً للجمهورية، واختيار محمد السوداني رئيساً للوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة، وتم ذلك بعد تحالف الضرورة من قبل أحزاب الإطار مع نواب المجموعتين الكردية والسنية في البرلمان العراقي.
وبهذا يكون العراق بإدارته الجديدة قد واصل خياره في استمرار التبعية لطهران، وتحكم الأغلبية البرلمانية في مواصلة الانحياز للسياسات غير المستقلة.
لقد رفع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر شعار لا غربية ولا شرقية، أي التحرر من سياسة التبعية نحو واشنطن وطهران، ولكنه فشل في ذلك، حتى وهو يملك الكتلة الأكبر في البرلمان، وعبر تحالفه مع الحزب الديمقراطي الكردستاني ومع مجموعة رئيس البرلمان السني محمد الحلبوسي.
لقد ارتكب مقتدى الصدر خطيئة سياسية لن تعوض في ظل المعطيات القائمة وهيمنة خصومه على كل من البرلمان والحكومة، فقد فرض على كتلته البرلمانية 73 عضواً الاستقالة، كأداة ضغط متوهماً أنه بهذه الخطوة سيترك فراغاً دستورياً لدى البرلمان، ويفرض إجراء انتخابات جديدة، ولكن الإجراء الذي تم أن كتلة أحزاب الإطار التنسيقي «عبوا» الفراغ وشغلوا مقاعد البرلمان، كبدلاء لنواب كتلة الصدر المستقيلة، وهكذا قدم لخصمه السياسي نوري المالكي هدية لم يكن يحلم بها، أو يتصور أنها ستتحقق، وبدلاً من هزيمته، تحول إلى المنتصر الأكبر الذي يشغل المكان ويحتل المشهد السياسي، ويفرض مرشحه لرئاسة الحكومة العراقية محمد السوداني.
لم تكن خطيئة مقتدى الصدر مقتصرة على فرض استقالة كتلته البرلمانية، بل فرض على قواعده الشعبية عدم التحرك نحو الشارع، وعدم التظاهر، وعدم الاحتجاج، فرضخوا لتعليماته بمرارة وهم يشاهدون خصومهم يحتلون المواقع ويشغلون المناصب القيادية بيسر وسهولة بلا عوائق.
كتلتا الكرد والسُنة في البرلمان، الذين كانوا حلفاء الصدر، تخلوا عن التحالف معه، بسبب إصراره على إجراء انتخابات جديدة، وتحالفوا مع خصومه كتلة أحزاب الإطار التنسيقي، وهكذا تمكنوا من عقد البرلمان وانتخاب رئيس الجمهورية واختيار رئيس الوزراء بالتوافق فيما بينهم.
تعليمات الصدر الآن عدم مشاركة أحد من جماعته في عضوية حكومة السوداني الذي أعلن أن حكومته ستتشكل من 12 وزيراً شيعياً، وأربعة من الكرد، وستة من السنة، وهكذا ستبقى قيم المحاصصة هي السائدة، بدلاً من قيم المواطنة والوحدة الوطنية.
الشيء الأكبر أن الصدر سيترك لخصومه تشكيل الحكومة وستنال الثقة، ويمنحها الوقت لمدة ثلاث أشهر، ويتركها وحدها تقع في مطبات التعثر، وبعدها لن يبقى صامتاً كما هو اليوم، وسيدرك أن الأخطاء التي وقع بها سيدفع ثمنها إلى حين عودة حضوره وتحركه وتأثيره على المشهد السياسي العراقي. 

التعليقات معطلة.