أنصار البشير يحذرون البرهان ويطالبونه بطرد المبعوث الأممي في السودان
نظموا مسيرة أمام مقر بعثة «يونيتامس» في الخرطومالأحد – 5 شهر ربيع الثاني 1444 هـ – 30 أكتوبر 2022 مـ رقم العدد [ 16042]
جانب من موكب «التيار الإسلامي» في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)الخرطوم: أحمد يونس
احتشد بضع آلاف من أنصار الرئيس السوداني المعزول عمر البشير وأتباع حزبه المنحل من «الإسلاميين»، أمام مقر بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان، المعروفة اختصاراً بـ«يونيتامس»؛ وذلك للمطالبة بطردها ورئيسها فولكر بيرتس، وأيضاً لتحذير رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان من توقيع اتفاقية تسوية ثنائية مرتقبة مع تحالف المعارضة «الحرية والتغيير»، وفقاً لمشروع دستور مجمع عليه، فيما حذرت جهات حقوقية من تهديد الشخصيات الدولية، واعتبرته مخالفاً للقانون الدولي الإنساني، وطالبت بمحاسبة المحتجين والتعامل مع كافة المحتجين بالمثل.
ونصب نحو أربعة آلاف من أنصار «الإخوان المسلمين» المنضوين تحت لواء «التيار الإسلامي العريض»، ومبادرة الزعيم المتصوف «الطيب الجد»، منصة ومكبرات صوت أمام مقر البعثة في ضاحية «المنشية»، خاطبوا من خلالها المحتشدين، مطالبين بطرد البعثة ورئيسها فولكر بيرتس، وحملوا لافتات مكتوب عليها «لا للتدخلات الأجنبية، ولا للرباعية»، وذلك في إشارة إلى الوساطة الدولية الرباعية، المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات.
وردد المحتجون هتافات «الإخوان المسلمين» المعروفة التي ظل أنصار الشير يكررونها عبر سنوات حكمهم، مثل: «فليعد للدين مجده أو تُرق كل الدماء، وخيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود» وغيرها. كما اعتبروا مشروع الدستور المعد من قبل نقابة المحامين وتوافقت عليه قوى سياسية مختلفة، دستوراً مستورداً، ومفروضاً على السودانيين. وهدد متحدثون في المنصة رئيس البعثة الأممية وطالبوه بالرحيل، فيما هم يحرقون صوره، ووجه متحدث آخر خطاباً للبرهان حذره فيه من توقيع اتفاقية ثنائية مع تحالف المعارضة، وطالبه بالاستقالة، أسوة بسلفه الفريق عوض بن عوف الذي استقال بعد ساعات من إطاحة الرئيس البشير في 11 أبريل (نيسان) 2019.
وقال متحدثون آخرون للمنصة، عبر مكبرات الصوت، إن الموكب يستهدف خلق توافق وطني يضم الجميع بما فيهم «حزب المؤتمر الوطني» المحلول، وحذروا مما أسموه «تسوية ثنائية» دون توافق وطني. وأضافوا: «السودان ليس سوقاً يتبضع فيه الأجانب»، ودعوا لقطع العلاقات مع من أسموهم أعداء السودان الاستراتيجيين، قبل أن يهتف أحد محدثيهم: «السودان دولة حرة».
وفي الأثناء تمركزت قوات الشرطة عند مدخل الطريق المؤدي لمكان التجمع أمام مقر «يونيتامس»، وأغلقت الطريق من الجانبين وسمحت للمحتجين، القادمين بالحافلات، بالوصول إلى المكان دون اعتراضهم، على عكس ما كانت تفعل مع المتظاهرين المعارضين الذين كانت تتصدى لهم بعنف لافت أدى إلى مقتل 119 محتجاً سلمياً، وإصابة الآلاف بجراح بعضها خطيرة، كما كانت تغلق الجسور والطرق المؤدية للمكان المعلن للتظاهر، وتقطع خدمة الإنترنت. وأعلن متحدثون في المنصة استعداد ما يطلقون عليه «التيار الإسلامي العريض» وسكان الخرطوم، لإغلاق الخرطوم بشكل كامل حال إعلان أي تسوية بين تحالف «الحرية والتغيير» والمكون العسكري.
ويتكون «التيار الإسلامي العريض» من أنصار نظام المؤتمر الوطني والإخوان المسلمين، ومجموعات متشددة وبعض المتصوفة، ويعمل تحت لافتة «مبادرة أهل السودان» بقيادة الزعيم المتصوف «الطيب الجد». ومنذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، دأب مئات الآلاف من المحتجين المطالبين بعودة مسار الانتقال المدني، على الخروج في مظاهرات شبه يومية، ما حال دون القيادة العسكرية من تنفيذ تعهداتها التي قطعتها عقب الإطاحة بالحكومة الانتقالية المدنية. وفي يوليو (تموز) الماضي، أعلن الفريق البرهان خروج القوات المسلحة من العملية السياسية، ودعا المدنيين للتوافق على تكوين حكومة مدنية، وهو ما اعتبرته المعارضة والحراك المدني «مناورة» للبقاء في السلطة.
وتجيء مظاهرات الإسلاميين على خلفية الإعلان عن قرب التوصل لاتفاق بين تحالف المعارضة «الحرية والتغيير» والعسكريين، يتم بموجبه تشكيل حكومة مدنية برئيس دولة ووزراء مدنيين، وأن يذهب البرهان ونائبه الفريق «حميدتي» إلى مجلس أمن ودفاع يترأسه رئيس الوزراء، وهو ما يعتبره الإسلاميون تراجعاً من قبل العسكريين يهدد وجودهم وامتيازاتهم.
من جهتها، رحبت المفوضية القومية لحقوق الإنسان بما أسمته «التدابير التي اتخذتها السلطات المختصة من أجل تأمين مظاهرات 29 أكتوبر»، وطالبت بتمكين الجميع من الحق في التجمع السلمي دون استثناء أو تمييز. وأشادت المفوضية، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط»، أمس، بتلك التدابير بما فيها ضمان انسياب حركة السير في الخرطوم، وضمان الوصول لشبكة الإنترنت، وحرية الحصول على المعلومات.
وطالبت، وفقاً للبيان، السلطات السودانية بـ«تمكين الجميع من الحق في التجمع السلمي دون استثناء أو تمييز»، ونددت بما أسمته استمرار خطاب الكراهية، وحذرت من تهديد شخصيات دولية عامة، واعتبرته جريمة وفقاً للقانون الدولي الإنساني. وقالت: «تلاحظ المفوضية القومية بقلق بالغ استمرار خطابات الكراهية في المظاهرات، ومن ذلك تهديد شخصيات دولية عامة بمصير غوردون»، واعتبرت التهديد الذي أطلقه المحتجون لرئيس البعثة الأممية فولكر بيرتيس «جريمة وفقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ووفقاً للقانون الوطني»، وطالبت الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة لوقف مثل هذه الخطابات ومحاسبة مرتكبيها.