البرلمان يبدأ بتشريع «خدمة العلم»: التهديدات تفرض تعزيز قدرات الجيش
بغداد/ فراس عدنان
يعتزم مجلس النواب البدء بالخطوات العملية لتشريع قانون خدمة العلم، وسط ردود فعل متباينة بين مؤيد ورافض، لكن إحدى اللجان المختصصة تحدثت عن عدم وجود اعتراض على المشروع الذي قالت إنه يحظى بدعم حكومي وسياسي وشعبي كبير، وعدته حاجة ملحة في الوقت الراهن لمواجهة الإرهاب وخروق دول الجوار.
ويستأنف البرلمان، اليوم الأحد، أولى جلساته بعد تشكيل الحكومة، ويتضمن جدول الأعمال أربع فقرات أهمها القراءة الأولى لمشروع قانون خدمة العلم، فضلاً عن القراءة الأولى لمشروعي قانون حماية الطفل وقانون الخدمة المدنية الاتحادي، وتأدية القسم لنواب جدد بدلاً عن آخرين جرى استيزارهم في حكومة محمد شياع السوداني.
وقد أثار الحديث عن القراءة الأولى لمشروع قانون خدمة العلم ردود أفعال متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ذهب إلى ضرورة تهيئة الشباب بإعدادهم على أسس عسكرية صحيحة، وآخر رافض يستذكر من خلال منشوراته معاناة الجنود المكلفين خلال مدة حكم النظام السابق.
كما حملت المنشورات الرافضة إشارات إلى أن هذا المشروع قد يكون أحد أبواب الفساد وابتزاز الشباب العراقي، ويقول الرافضون إن القانون يحمّل الدولة أعباء مالية كبيرة لا تستطيع تنفيذها، وشدد بعض الناشطين على أن أبناء الطبقة الغنية سوف يتخلصون من الخدمة العسكرية بدفع البدل النقدي الذي تضمنه القانون، فيما سيبقى الآخرون يواجهون هذه التجربة.
وقال نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية سكفان سندي، إن «البدء بتشريع قانون خدمة العلم بدأ بعد سلسلة من الاجتماعات التي عقدتها لجنة الأمن والدفاع النيابية مع الجهات ذات العلاقة».
وتابع سندي، أن «القانون قد يواجه بعض الصعوبات في التطبيق مع تشريعه لكن مع مرور الوقت سوف تنتهي هذه المشكلات، وذلك بتأمين جميع متطلباته بالتعاون مع الجهات الحكومية».
وأشار، إلى «الحاجة لمراكز تدريب ومدربين وموازنة مالية كبيرة»، مبيناً أن «تنفيذ القانون سوف يكون بعد مرور سنتين من إقراره داخل مجلس النواب ونشره في الجريدة الرسمية».
وبين سندي، أن «هذه المدة كافية من أجل تهيئة جميع متطلبات تنفيذ القانون سواء إذا كانت تلك المتطلبات على الصعيد المالي أم إنشاء البنى التحتية».
وشدد، على أن «العراق أمام تحديات كبيرة مثل التنظيمات الارهابية وغيرها من التهديدات التي تأتي من دول الجوار مثل عمليات القصف، وهذه التهديدات تستدعي سن هذا القانون، بإيجاد قوة احتياطية للجيش العراقي وتعزز الدماء في القوات المسلحة».
ويواصل سندي، أن «المشمولين بالخدمة، هم الرجال الذين من سن 18 إلى 45 سنة، وتكون المدة بحسب التحصيل الدراسي للمكلف».
وأفاد، بأن «مدة الخدمة بالنسبة لحملة الشهادة المتوسطة فما دون هي 18 شهراً، والإعدادية 12 شهراً، والبكالوريوس أو ما يعادلها أو المعهد 9 أشهر، والماجستير 6 أشهر، والدكتوراه 3 أشهر، مع وجود بعض التسهيلات لمن يكمل الخدمة من دون غياب أو ارتكاب جريمة بأن يعفى من آخر شهر».
وأوضح سندي، أن «لجنة الأمن النيابية سوف تستمع خلال المناقشات إلى وجهات النظر بشأن هذا القانون من أجل البحث فيها وتضمين المناسب منها».
ونوه، إلى أن «الكتل السياسية أبدت ارتياحها تجاه المشروع، ولم نسمع من أية جهة سياسية أو حكومية اعتراضا أو تحفظا».
وانتهى سندي، إلى أن «رواتب المكلفين ستكون ما بين 600 ألف إلى 700 ألف دينار، وبهذا ستكون الخدمة لقاء بدل مالي، وسنعالج جزءا من مشكلة البطالة التي يعاني منها العراقيون».
من جانبه، ذكر الباحث الأمني أحمد الشريفي، أن «تشريع القوانين ليس عملية كافية في النظم الديمقراطية بل ينبغي أن تحظى تلك القوانين بقبول جماهيري لاسيما تلك التي تقترن بصفة الالزام».
وتابع الشريفي، أن «القانون ينبغي أن يحاكي تطلعات الشعب بوصفه مصدر السلطات، وثم المؤسسات يكون العمل فيها على أساس التطوع وليس التكليف أو السخرة».
ولفت، إلى أن «الضرورة تقضي على الدولة أن تبحث في أسس وقابلية إنفاذ قانون خدمة العلم»، وتحدث، عن «جوانب سلبية ينبغي التركيز عليها، أبرزها التعامل مع الممتنع عن أداء خدمة العلم».
وأورد الشريفي، أن «معالجة ميوعة الشباب والبطالة التي يستند إليها البعض في سن الخدمة الإلزامية، يمكن أن تحصل من خلال سن قوانين لتفعيل القطاع الخاص، وبهذا نحول المجتمع من اتكالي يعتمد على المؤسسات إلى مجتمع منتج».
وبين، أن «العراق يشكو فائضاً في القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها، والبحث عن الدماء الجديدة في إسناد هذه القوات يمكن أن يحصل من خلال آليات التطوع».
ودعا الشريفي، إلى «اعتماد الجيوش الذكية التي تعتمد على النوع وليس الكم، باعتبار أن التحديات التي تواجه العراق غير تقليدية، أما الآليات التي يجري البحث عنها حالياً فهي تحتاج إلى سقف عال من الوقت والانفاق».
وأوضح، أن «عسكرة المجتمع أمر غير صحيح، لأننا بحاجة إلى تحويل المجتمع إلى منتج، لاسيما أننا نمتلك موارد طبيعية بالإمكان توظيفها في هذا المجال وعدم اعتماد حلول تقليدية في معالجة المشكلات الاجتماعية من خلال التجنيد الالزامي وغيره».
وانتهى الشريفي، إلى أن «الإصرار على تشريع القانون يولّد فكرة بأن لدينا خططا نحو خوض حروب وليس الدخول في دائرة الانتاج والبحث عن دولة الرفاهية».
وعلى صعيد متصل، قال المختص بالشأن الاقتصادي نبيل المرسومي في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتابعتها (المدى) إن «الأمراء والأغنياء يدفعون البدل النقدي في التجنيد الإلزامي، والفقراء وحدهم من يشملهم القانون كونهم المعنيون بالوطن والقيم والمبادئ».
وأضاف أن «عدد العاملين في الأجهزة الأمنية عدا البيشمركة يصل الى نحو 1.313 مليون موظف وهذا يكفي للدفاع عن البلد والمحافظة على أمنه».
ولفت المرسومي، إلى أن «الإنفاق العسكري يفوق الاجتماعي في موازنة 2021، حيث بلغت تخصيصات الإنفاق العسكري 19.7 تريليون دينار، وكانت حصته من الانفاق العام نحو 15.2% وحصته من الناتج المحلي الإجمالي 6.5%».
وأكد، أن «تخصيصات الإنفاق الاجتماعي (التربية والتعليم والصحة) بلغت نحو 7.335 تريليون دينار أي أن التخصيصات العسكرية تفوق الاجتماعية بنسبة 269%».
وأورد المرسومي، أن «تطبيق قانون خدمة العلم سيؤدي إلى زيادة عدد العاملين في الأجهزة الأمنية بنصف مليون شخص على الأقل، وسترتفع تخصيصات الإنفاق العسكري الى خمسة تريليونات دينار على الأقل لتبلغ نحو 26 تريليون دينار».
وأكمل المرسومي بالقول، إن «قانون التجنيد الإلزامي سيعمق من تعزيز عسكرة المجتمع، وسيخفض من الإنفاق الاجتماعي والاستثماري، فضلا عن كونه مدخلا جديدا للفساد في بلد أصبح الفساد فيه صلفا ووقحا وتحول الى فرهود علني».
وكانت الخدمة الإلزامية قد ألغيت بعد سقوط النظام السابق، لكن الدستور العراقي نص في المادة (9/ ثانياً) على أن تنظيم خدمة العلم تكون بقانون، وهذا القانون لم يشرع لغاية الوقت الحالي.