السفير الأميركي في ليبيا يهدد بمعاقبة «معرقلي الحلول السياسية»
السفير نورلاند خلال زيارته المقبرة الأميركية في العاصمة طرابلس (السفارة الأميركية)القاهرة: خالد محمود
اختتم ريتشارد نورلاند، السفير والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، زيارته للعاصمة طرابلس، بالتلويح مجدداً باحتمال إقدام بلاده على معاقبة معرقلي الحلول السياسية. وفي غضون ذلك، رصدت وسائل إعلام محلية تحركات عسكرية مفاجئة مساء أول من أمس في طرابلس لميليشيات محسوبة على حكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وفى تهديد واضح، لفت السفير الأميركي بعد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين حكوميين وشركاء دوليين ومجتمع المانحين، إلى أن الولايات المتحدة «قد تعيد تقييم علاقاتها مع الجهات الفاعلة والمؤسسات، التي تؤخر وتعرقل التقدم نحو الحلول السياسية». وأكد عقب محادثات مع ممثلين عن حكومة «الوحدة»، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والبنك الدولي، والمجلس الرئاسي، وكذا المجلس الأعلى للدولة، والمفوضية القومية للانتخابات، على «الضرورة الملحة لاتخاذ خطوات ملموسة لإنشاء قاعدة دستورية، تفضي لانتخابات موثقة وشفافة، بما يتماشى مع تطلعات الشعب الليبي».
وبعدما ناشد جميع القادة والمؤسسات الليبية استخدام نفوذهم للدفع نحو هذا الهدف، حذر من أن «الوضع الراهن لا يُمكن أن يستمر»، معتبراً أن التمديد الأخير الذي تمت الموافقة عليه بالإجماع لولاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، «هو فرصة لإعادة تحديد خريطة طريق موثوقة لإجراء الانتخابات، وتحقيق المشاركة اللازمة من الجهات الفاعلة الرئيسية، ووضع رزنامه معقولة لكي تحظى بدعم المجتمع الدولي». كما كرّر دعم بلاده لرئيس البعثة الأممية، السنغالي عبد الله باتيلي، في مهمته، ولحق الشعب الليبي في العيش في «ليبيا ديمقراطية وذات سيادة، يدافع عنها جيش ليبي موحد لا يعتمد على قوى أجنبية».
في سياق ذلك، رأى نورلاند أن التهديد المستمر بقطع النفط، والاشتباكات الأخيرة بين الميليشيات، والغضب الشعبي عقب صدور تقرير ديوان المحاسبة، «يبرز الحاجة إلى مزيد من الشفافية المالية والمساءلة لصالح جميع الليبيين وازدهارهم»، مشيراً إلى اختيار الولايات المتحدة ليبيا كدولة رئيسية في استراتيجيتها لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار.
وقال إن بلاده «ملتزمة بالشراكة مع الليبيين لدعم مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً، بقيادة حكومة منتخبة وموحدة توفر الخدمات اللازمة، وتبني على الموارد الطبيعية للبلاد».
كما قام نورلاند بمناسبة الاحتفال بـ«يوم المحاربين القدامى»، بزيارة المقبرة الأميركية في طرابلس، لافتاً في بيان إلى أنه «منذ تأسيس جمهوريتنا، عاش الجنود والبحارة ومشاة البحرية والدبلوماسيون الأميركيون وماتوا في طرابلس… وبينما نحتفل اليوم بذكرى المحاربين القدامى، نتذكر أولئك الذين خدموا وضحوا من أجل أمتنا، ونحيي أولئك الذين يواصلون حمايتنا».
وكان مجلس النواب قد اعتبر على لسان نائب رئيسه الأول، فوزي النويري، أن تصريحات بعض الدبلوماسيين، دون تحديد هويتهم، من شأنها أن تقوض أي تقارب بين الليبيين، وتهدد الأمن القومي للبلاد، معلناً رفضه لها «بشكل قاطع». وقال النويري إن «بعض التصريحات الصادرة عن دبلوماسيين، سواء كانوا مبعوثين خاصّين أو سفراء، أو حتى رؤساء لبعض الدول، تأتي في وقت تقترب فيه البلاد من تسوية وطنية ليبية – ليبية، وأعتبرها تدخلات سافرة في الشأن الليبي، يمنعها القانون الوطني والقانون الدولي».
وأضاف النويري، موضحاً أن هذه التصريحات «أصبحت ظاهرة تتكرر من أولئك المبعوثين والدبلوماسيين، وتتناول قضايا اقتصادية وسياسية تمثل الشأن الداخلي الليبي، التي يجب أن يقتصر تناولها على الليبيين وحدهم دون سواهم، وبالتالي لا يصح قانونياً ودبلوماسياً وسياسياً تناول هذه القضايا، ومناقشتها من قبل أي طرف خارجي، كما لا تتدخل ليبيا في شؤون دولهم».
في غضون ذلك، رصدت وسائل إعلام محلية تحركات عسكرية مفاجئة مساء أول من أمس في العاصمة طرابلس لميليشيات محسوبة على حكومة «الوحدة» المؤقتة، مشيرة إلى تصاعد أعمدة الدخان بمحيط معسكر الـ«77» عقب سماع إطلاق نار ودويّ انفجارات في المنطقة. كما رصدت المصادر ذاتها انتشار عناصر «جهاز دعم الاستقرار»، بقيادة الميليشياوي غنيوة الككلي، وسط شوارع طرابلس، ونقلت عن شهود عيان أن انتشاراً أمنياً واسعاً عمّ شوارع تاجوراء من قبل عناصر الميليشياوي بشير خلف الله، الشهير بـ«البقرة». وجاءت هذه التطورات، التي تجاهلتها مجدداً حكومة الدبيبة، عقب اجتماع لوزير داخليتها المكلف عماد الطرابلسي، مع بعض رؤساء الأجهزة ومديري الإدارات والمكاتب بالوزارة، بقصد مناقشة تفعيل دورها للمجاهرة بالأمن وضبط الشارع العام، بالوجود بقوة على مدار الساعة، حيث شدد الطرابلسي على ضرورة التعاون مع وزارة الدفاع من أجل ما وصفه بحفظ الأمن وفرض السيطرة الأمنية.