«ندرة الوظائف» تُفقد العراقيين الثقة في الوعود السياسية
عراقيون في ساحة التحرير ببغداد في أكتوبر 2019 للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية (أ ف ب)
«الثقة تراجعت بعد جملة من التجارب».. بهذه العبارة بدأ محمد، الذي ناهز عمره الخامسة والثلاثين عاماً، حديثه، وهو يحاول أن يجمع أقرانه ممن حصلوا على شهادة الماجستير للاحتجاج على عدم إيجاد فرص عمل لهم رغم كل الوعود التي قطعت على مدى السنوات العشر الماضية.
محمد وأقرانه من حملة الشهادات العليا فقدوا الثقة بالحصول على مكانتهم العملية التي حصلوا عليها بجهد سنوات طويلة، فجميع الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق بعد عام 2003 كانت تعد بفرص العمل لهم واستثمار خبراتهم العلمية لتطوير البلاد، لكن لاشيء تحقق من تلك الوعود، مما اضطر الكثير منهم إلى مغادرة العراق لإيجاد فرص للحياة والعمل في بلاد الغربة. ويشير فائق محمد علي وهو يعمل في سوق وسط بغداد في حديثه لـ«الاتحاد»، إلى أن كثرة الوعود مع عدم التنفيذ أفقدت العراقيين الثقة بالحكومات، إلى أن أصبح صامتاً إزاء أي قرار تتخذه الحكومة لأنه في قرارة نفسه يعلم أنه لن ينفذ.
أكد أحد طلبة الدكتوراه في الجامعة المستنصرية أنه يعد العدة بعد أن ينهي دراسته إلى السفر خارج البلاد، مشيراً إلى أن أصدقاء له سبقوه في هذا التوجه لأن إيجاد فرصة عمل في العراق باتت شبه مستحيلة وأن «رشاوى» تقدم تصل إلى 10 آلاف دولار من أجل الحصول على تلك الفرصة وأحياناً كثيرة لا يتم الأمر وتذهب مبالغ الرشاوى في جيوب الفاسدين، حسب تعبيره.
وفي وقت سابق، أكدت الحكومة العراقية الحالية برئاسة محمد شياع السوداني على قرارها إيجاد فرص عمل للخريجين خصوصاً الأوائل وحملة الشهادات العليا.
وكانت وزارة التخطيط قد أكدت في آخر إحصائية لها أن نسبة البطالة في العراق بلغت 16.5%.
وأوضحت الوزارة أنها أجرت أول مسح وطني متخصص للقوى العاملة في العراق أظهر أن معدل بطالة الإناث قد بلغ 28.2%، وهو ضعف معدل بطالة الذكور والبالغ 14.7%.
وأشارت إلى أن معدل بطالة الشباب للفئة العمرية بين 15 و24 سنة بلغ 35.8% والذي هو أكثر بثلاث مرات من معدل البطالة للأعمار 25 سنة وأكثر والبالغ 11.2%.
وأضافت الوزارة أن نسبة القوى العاملة «النشطين اقتصادياً» في العراق شكلوا 39.5% من إجمالي عدد السكان في سن العمل.
ولم تكن فرص العمل الضائعة هي فقط من أفقدت العراقيين ثقتهم بالحكومات السابقة، بل تقريباً جميع الملفات التي تحتاج إلى حلول كأزمة السكن والجفاف والأمن ورفع المستوى المعيشي.
ويقول «أبو حيدر»، وهو من سكان مدينة الصدر شرق العاصمة بغداد، إنه يعيش مع أفراد أسرته المكونة من 14 شخصاً في بيت مساحته 40 متراً، وثلاثة من أفراد هذه العائلة يعملون فقط ضمن أجور يومية لا تكاد تكفيهم، مؤكداً في حديث لـ«الاتحاد» أنه يشعر باليأس كلما سمع بقرار من أي حكومة لأنها قرارات لا تنفذ.