1

استفتاء الانفصال عن العراق.. «محل فخر»!

| أحمد ضيف الله

الإثنين, 14-11-2022

في ختام مؤتمره الرابع عشر، أصدر الحزب الديمقراطي الكردستاني في الـ12 من تشرين الثاني 2022 بياناً، أشار فيه إلى كلمة رئيسه مسعود بارزاني في بداية أعمال المؤتمر الذي سلط الضوء «على نقطتين تعدان محل فخر لسيادته خلال شغله منصب رئيس إقليم كوردستان، الأولى، هي إرسال قوات البيشمركة لدعم كوباني، والثانية، إجراء استفتاء استقلال كردستان»، موضحاً أن «أسباب تأخر عقد المؤتمر وإلى جانب الأسباب التي أشار إليها الرئيس بارزاني أعلاه، كان الاستفتاء وخيانة 16 تشرين الأول وتداعياتها»، بحسب البيان.

الحزب الديمقراطي الكردستاني، عقد مؤتمره الرابع عشر في الثالث من تشرين الثاني الجاري في مدينة دهوك، بعد انقطاع استمر نحو 12 عاماً عن أعمال مؤتمره الثالث عشر الذي عقد خلال الفترة 11-18 تشرين الثاني 2010، وسط تخبط تنظيمي بيّن، فبعد أن كان مقرراً أن يكون المؤتمر لثلاثة أيام، أعلن في اليوم الثاني له، انتهاء أعماله مع بدء التصويت الإلكتروني على مرشحي اللجنة المركزية، إلا أن إخفاق التصويت الإلكتروني لأسباب «فنية» بحسب المؤتمر، أدى إلى تمديد أعمال المؤتمر إلى الـ6 من تشرين الأول الجاري لإجراء الاقتراع يدوياً.

في اليوم الأول للمؤتمر أعيد انتخاب مسعود بارزاني رئيساً له بالإجماع وبرفع الأيدي، الذي طلب «المصادقة على اختيار نيجيرفان ابن كاك (أخي) إدريس نائباً لرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني»، وبدوره شكر نيجيرفان بارزاني في كلمة له، انتخابه، طالباً اختيار ابن عمه مسرور بارزاني نائباً ثانياً لرئيس الحزب.

مسعود بارزاني طلب من أعضاء المؤتمر الـ1061، قبول 10 أعضاء في اللجنة المركزية للحزب من أصل 51 عضواً، من دون التصويت عليهم، بينهم هوشيار زيباري وفؤاد حسين وفاضل ميراني، تاركاً بقية أعضاء اللجنة المركزية للتصويت السري الذي استمر نحو 20 ساعة لـ129 مرشحاً.

مسعود بارزاني وحزبه، مازالا يعتبران استفتاء الانفصال عن العراق الذي أجرياه في الـ25 من أيلول 2017، «محل فخر»!، والذي أجرياه مستغلين حالة الانقسامات الحادة بين القوى السياسية عموماً، والفوضى الأمنية السائدة في العراق آنذاك، لانهماك الدولة العراقية في الحرب على تنظيم داعش، لفرض أمر واقع يُجبر الحكومة العراقية على قبوله، ضاربين عرض الحائط بكل التحذيرات والنصائح الداخلية والإقليمية والدولية، بعدم الإقدام على خطوة الاستفتاء هذه، لتجنيب العراق والمنطقة مخاطر جمة.

القوات العراقية وفي الساعات الأولى من صباح الـ16 من تشرين الأول 2017، قامت بالتقدم نحو كركوك لاستعادتها من قوات البيشمركة الكردية، ما أدى إلى انسحابهم منها. وقد عدّت وزارة البيشمركة والحزب الديمقراطي الكردستاني الانسحاب مؤامرة وتواطؤاً لمسؤولين في الاتحاد الوطني الكردستاني مع الحكومة العراقية، بالمقابل اتهم الاتحاد الوطني الكردستاني رئيس الإقليم مسعود بارزاني بتعريض كركوك لمخاطر لا طاقة لها بتحملها بانسحاب قوات البيشمركة التابعة له من المدينة قبلاً، و«سرقة» النفط من أجل تعزيز نفوذه، وهذا ما عناه مسعود بارزاني بعبارة «خيانة 16 تشرين الأول» الواردة في البيان الختامي للمؤتمر.

فشل محاولة مسعود بارزاني وحزبه في الانفصال عن العراق، واضطراره إلى إعلان ترك منصبه كرئيس للإقليم في كلمته المتلفزة في الـ29 من تشرين الأول 2017، تسبب باندلاع موجات من العنف في محافظتي أربيل ودهوك على مدى أيام، حيث قام أنصاره باقتحام مبنى برلمان الإقليم، وحرق مقرات الأحزاب المنافسة، ومحاصرة قادة معارضين للبارزاني في منازلهم، واختطاف مواطنين وشخصيات سياسية. فعن أي «فخر» يتحدث مسعود بارزاني؟!

ذاكرة العراقيون بعربهم وكردهم لمحاولة الانفصال الفاشلة، ما زالت حية، فمشهد الأعلام الإسرائيلية التي غزت مهرجانات استفتاء الانفصال، لم تنس بعد، ومشاهد الفيديو لمواطنين أكراد يبصقون على قوات البيشمركة المنسحبة أمام تقدم الجيش العراقي ورشقهم بالحجارة والأحذية، ما زالت حتى اللحظة على شبكة الانترنت، فلولا خطوته بإجراء استفتاء الانفصال لظلّت محافظة كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها، إضافة إلى الحقول النفطية الأخرى المورد الاقتصادي الأساس للإقليم في قبضة بيشمركته. فعن أي «فخر» يتحدث مسعود البرزاني؟!

استفتاء الانفصال عن العراق أدى إلى خسائر فادحة للإقليم على مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية، وعلى مستوى الثقة مع العرب والحكومة المركزية، متسبباً أيضاً في انقسامات حادة في أوساط القادة والنخب الكردية، وإلى حدوث شرخ عميق في العلاقة ما بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وأغلب القوى السياسية الكردية الرافضة أو تلك المتحفظة على إجراء الاستفتاء حتى تاريخه، كحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، والجماعة الإسلامية، وحركة التغيير، و«التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة» الذي كان يقوده آنذاك رئيس جمهورية العراق السابق برهم صالح، وحركة «كلا للاستفتاء في الوقت الراهن» التي ترأسها شاسوار عبد الواحد.

التعليقات معطلة.