صرخة الكاتب غازي ربيهواي: الشّعب الإيراني يحتاج حقاً إلى المساعدة
17-11-2022 | 04:50 المصدر: “النهار العربي”روزيت فاضل
الكاتب غازي ربيهواي.
A+A-
من منفاه في لندن بعيداً من بلده الأم إيران منذ 25 عاماً، يكرّس الروائي الإيراني غازي ربيهواي المولود في عبادان عام 1956 نفسه لعمله ويخرج أيضاً أفلاماً قصيرة، غالباً ما تكون الزوجة موضوعها الرئيسي، ودائماً في ما يتعلق ببلده الأصلي.
في جديده، ترجمة روايته “ابتسامة مريم” من الفارسية إلى الفرنسية، وهو كتبها قبل 25 عاماً في إيران ومنع من إصدارها.
تدور حوادث روايته حول زوجين، عزرا وزوجها عيسى، يسعيان إلى استعادة حبهما السابق الذي تضرر بسبب الظروف المعيشية البائسة في مبنى متهالك في طهران.
إنه المكان الوحيد الذي وجده هذان الزوجان اللاجئان من جنوب البلاد يحتميان إليه، مع طفلتهما الصغيرة ذات الحاجات الخاصة مريم، الضحية الجانبية للحرب الإيرانية العراقية (1980-1988). ينعكس فيه الحنين إلى الماضي، وهي اللحظات السعيدة في وقت دراستهما، لحظات الحب والتشدد. إنها صفحة في تاريخ إيران تترافق مع مجموعة من العواطف، التي لم تكن حزينة أبداً في الأيام الأولى للجمهورية الإسلامية، ويزداد صداها اليوم في ضوء الوضع في إيران.
العدالة والوحشيّةhttps://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.546.0_en.html#goog_3856334620 of 30 seconds, Volume 0%
في العودة إلى المؤلف ربيهواي، الذي عقد لقاءات عدة مع الإعلام الفرنسي بعد ترجمة كتابه إلى الفرنسية، فقد شدد على أن “شخصيتي عزرا وعيسى مستوحاة من أشخاص أعرفهم عن كثب، أصبحوا فريقاً كاملاً شكلناه في الجامعة، عندما كانت الفتيات والفتيان يعيشون عيشاً طبيعياً..”.
وحدد السياق الذي كتب فيه هذه الرواية في طهران قبل نفيه، مشيراً إلى أنه “أراد أن يكتب عن اللاجئين الذين وصلوا إلى طهران في أوائل 1980 بعد مضي ثماني سنوات من الحرب بين إيران والعراق”.
ولفت إلى أن “الناس الذين عاشوا في جنوب البلاد لم يتمكنوا من البقاء هناك بسبب الحرب، ما دفعهم إلى ترك منازلهم ومدنهم للبحث عن مكان للعيش في العاصمة من دون أي دعم حكومي، محاولين كسب لقمة العيش بصعوبة، وغالباً ما وجدوا أنفسهم في غرفة واحدة لجميع أفراد الأسرة لفترة طويلة جداً، وتم تجاهلهم تماماً”.
وشرح أنه كتب عن هذين الزوجين “للحديث عن هؤلاء المنسيين وتركت الإيرانيين يدافعون عن أنفسهم، لأن الجمهورية الإسلامية لم تكن تريد التحدث عن هذا الجانب من الحرب”.
واعتبر أن هذه الرواية التي تُرجمت من الفارسية إلى الفرنسية، لم تصدر في إيران لأنه في بداية عام 1990، أرسله الناشر إلى الوزارة المسؤولة عن إعطاء التفويض، “رغم أننا، نحن المؤلفين الإيرانيين، كنا نمارس رقابة ذاتية، حتى قبل إرسال النص”. وأكد أنه “بعد أربع سنوات من الانتظار، رفضت التخفيضات التي طالبت بها الرقابة، ما أدى إلى عدم نشر الكتاب في إيران..”.
“في المنفى بدأت إعادة كتابة بعض المشاهد المثيرة على وجه الخصوص التي اهتممت بها، مكتوبة تماماً كما أردت من دون أي رقابة”، قال ربيهواي الذي لفت إلى أن “حلم أبطاله الشباب في روايته هم في الحقيقة أبناء جيله، الذي وفقاً له فشل، لأن الوضع ازداد سوءاً”.
وقال: “كنا نؤمن بالاشتراكية والعدالة والمساواة، مع حكومة دعمتنا، ونهاية النظام الملكي. لكن الأمر لم يكن على هذا النحو، وكنا محاصرين مع هذا النظام الديني”.
وقارن الفترة الماضية مع الحوادث التي تعيشها اليوم النساء اللواتي يتظاهرن في الشوارع في حركة غير مسبوقة في نطاقها، مشيراً إلى أنه “لطالما كانت النساء في إيران نشيطات، خلال ثورة عام 1979 برز ذلك من خلال محاولتهن الاحتجاج على الطريقة التي عاملهن بها هذا النظام، وإبقائهن محبوسات في المنازل”.
وفي رأيه أنهن الآن في الشوارع، “يقاتلن من أجل حريتهن. النظام هو العدو الأكبر، يمكن للمرء أن يأمل، لكن هذا ليس مشجعاً بالنظر إلى سياق البلاد”، مشيراً إلى أنه “تم إحياء الشعلة التي يمكن أن تسقط لتشتعل مرة أخرى”.
بالنسبة إليه، “الرجال موجودون في الساحات أيضاً، ينضمون إلى النساء ويساعدونهم كونهم أمة تقاتل”.
ووصف النظام الإيراني الحالي بـ”الوحشي جداً”، وقال: “لديهم الأسلحة، ويقتلون الناس، ولن يتوقفوا، لأنهم لن يتركوا السلطة. الناس يحتلون الشوارع، ويتم إطلاق النار عليهم. لم أر ذلك أبداً، لأنه عندما كنت شاباً في إيران، كان هناك قتلى في الشوارع، لكن الثورة كانت هادئة مقارنة بما نراه اليوم”.
ختاماً، تساءل: إلى متى سيُقتل الناس؟ مشيراً إلى أنه “أمر مرعب لأن الشعب الإيراني يحتاج حقاً إلى المساعدة…”.