العراق: كرة خلاف الحزبين الكرديين بشأن الوزارات في ملعب السوداني
صورة وزعها مكتب رئيس الوزراء العراقي من لقاء رشيد والسوداني الشهر الماضيبغداد: «الشرق الأوسط»
اضطر الحزبان الكرديان الرئيسيان في إقليم كردستان إلى نقل خلافهما بشأن حقيبتي الإعمار والبيئة إلى بغداد، وبهذا يرميان الكرة في ملعب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وأبلغ مصدر كردي رفيع المستوى «الشرق الأوسط» شريطة عدم ذكر اسمه، أن «الحوار توقف حالياً بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم: (الديمقراطي الكردستاني) بزعامة مسعود بارزاني، و(الاتحاد الوطني الكردستاني) برئاسة بافل طالباني، بسبب الخلاف الذي لا يزال حاداً بشـأن حقيبتي الإعمار والبيئة».
وكان الحزبان الكرديان الرئيسيان قد أخفقا على مدار سنة كاملة في التوافق على مرشح كردي واحد لمنصب رئيس الجمهورية. وأصر «الاتحاد الوطني الكردستاني» برئاسة بافل طالباني على ترشيح الرئيس السابق الدكتور برهم صالح لولاية ثانية، ورشح الحزب «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني أول الأمر وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري، الذي أقصته المحكمة الاتحادية العليا من الترشح للمنصب. وعلى أثر ذلك رشح بارزاني وزير داخلية الإقليم ريبر أحمد للمنصب.
وبقي «الاتحاد الوطني» مصراً على ترشيح الرئيس صالح. واستمر الخلاف خلال التحالف الثلاثي الذي شكله زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قبل انسحابه من البرلمان في يونيو (حزيران) الماضي. وبعد انسحاب الصدر وتشكيل تحالف جديد بعنوان «ائتلاف إدارة الدولة» ضم القوى الشيعية (الإطار التنسيقي)، والقوى السنية (السيادة) استمر الخلاف حتى يوم توزيع الوزارات بعد تشكيل الحكومة.
بقيت تلك الخلافات بينما توصلت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي بوصفها الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً، إلى اتفاق على ترشيح محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء، وبذلك بدأت تضغط على الكرد لحسم مرشحهم لمنصب رئيس الجمهورية.
وكان الكرد -خصوصاً الحزب «الديمقراطي الكردستاني»- يؤكدون دخول البرلمان بمرشح واحد، والمقصود هو مرشح تسوية، بعدما سحب بارزاني مرشحه للمنصب مقابل أن يتخلى الاتحاد الوطني عن مرشحه برهم صالح، وهو ما بقي رئيس الحزب بافل طالباني يرفضه حتى لحظة التصويت على منصب رئيس الجمهورية، من خلال التنافس بين برهم صالح الرئيس السابق، وعبد اللطيف رشيد الرئيس الحالي الذي جاء بتوافق بين زعيم الحزب «الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، وزعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، من أجل إبعاد برهم صالح.
لكن بعد نجاح «الديمقراطي الكردستاني» و«دولة القانون» في ترجيح كفة عبد اللطيف رشيد، تراجع بافل طالباني عن موقفه السابق، معتبراً رشيد هو مرشح «الاتحاد الوطني»، وأن حزبه تمكَّن من «كسر» مرشحي «الديمقراطي الكردستاني».
عملياً، انعكس ذلك على حصة كل من الحزبين من 3 وزارات، تسلَّم اثنتين منها الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، مقابل تسلم «الاتحاد الوطني» وزارة واحدة ومنصب رئيس الجمهورية. وفي الحكومة الحالية استحدث رئيس الوزراء حقيبة جديدة، وهي البيئة، التي كانت مرتبطة بوزارة الصحة، لكي تصبح حصة الكرد 4 وزارات بدلاً من ثلاث. لكن إعلان طالباني أن رئيس الجمهورية هو مرشح حزبه، جعل من خصمه الحزب «الديمقراطي الكردستاني» يصر على أن تكون حصته 3 حقائب من الوزارات الأربع؛ حيث تبقى وزارة واحدة لـ«الاتحاد الوطني».
وبينما تسلم «الديمقراطي الكردستاني» حقيبة الخارجية؛ حيث بقي فؤاد حسين في موقعه، تسلم خالد شواني عن «الاتحاد الوطني» منصب وزير العدل. ويصر «الديمقراطي» على تسلُّم حقيبتي الإعمار والبيئة، ويصر «الاتحاد الوطني» على تسلُّم وزارة البيئة، لكي تكون الوزارات الأربع المخصصة للكرد مناصفة بين الحزبين.
وأوضح المصدر الكردي الرفيع المستوى أن «الحوار متوقف بهذا الشأن نهائياً، وكل طرف مُصر على موقفه، وبالتالي لم يعد أمامهما سوى رمي الكرة في ملعب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني» مبيناً أن «السوداني يرغب في منح (البيئة) لـ(الاتحاد الوطني الكردستاني)»؛ مشيراً إلى أن «رئيس الوزراء يجري مباحثات منفردة مع الحزبين لحسم الأمر؛ لكنه لن يحسم بسهولة».
وأدى عدم حسم حقيبتَي الإعمار والبيئة إلى تعطيل اختيار رؤساء اللجان في البرلمان. وقال عضو البرلمان العراقي محمد الزيادي، إن «اللجان النيابية ما زالت تعاني عدم تحقيق النصاب، بسبب عدم حسم رئاساتها، وهو ما يعيق إعداد التقارير الخاصة بمشروعات القوانين التي لم تُقرأ مطلقاً، من أجل إعادتها إلى الحكومة». وأضاف أن «هناك حاجة ماسة لإكمال رئاسات اللجان، من أجل حسم بعض القوانين المهمة، وكذلك مباشرتها العمل البرلماني الفعلي، وتحقيق النصاب المطلوب للتصويت على القوانين». وبيَّن أن «عدم حسم الأسماء المرشحة لوزارتَي الإعمار والبيئة يعد العائق الرئيس أمام حسم رئاسات اللجان، الأمر الذي يجعل الأحزاب الكردية تتحمل مسؤولية هذا التعطيل، في وقت ينبغي فيه مراعاة العرف السياسي بخصوص المناصب الوزارية والبرلمانية».