“نظام الإدارتين” يلُوح مجدداً في إقليم كردستان وأزمة الحزبين تتصاعد
المصدر: النهار العربي
لقاء سابق بين مسعود البارزاني وبافل الطالباني. (أرشيف)
A+A-بعد أسابيع من التوتر السياسي بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان العراق، حذر مراقبون وقياديون سياسيون في الإقليم من العودة إلى “نظام الإدارتين” الذي كان معمولاً به طوال السنوات التي أعقبت الحرب الأهلية ضمن الإقليم (1994-2003).
فقد كان “الحزب الديموقراطي الكردستاني” يحكم محافظتي أربيل ودهوك بينما كانت محافظتا السليمانية وحلبجة تحت حكم “الاتحاد الوطني الكردستاني”. أبرز التحذيرات صدرت عن رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، الذي أشار في مقابلة مع وسائل إعلامية مقربة من الحزب الديموقراطي إلى إمكان حدوث ذلك في المستقبل المنظور، مشدداً على أن ذلك “لن يكون من مصلحة أي من الطرفين، لكن سيُلحق ضرراً بالحزب الديموقراطي الكردستاني بالذات”. ورأى أن الأزمات السياسية والاقتصادية في عموم الإقليم، لكن تحديداً ضمن محافظة السليمانية، تعود إلى ما سمّاها “سياسات الحزب الديموقراطي الكردستاني المتفردة بالسلطة”. الأزمة علنيةالأزمة السياسية الداخلية الحادة بين الطرفين ظهرت للعلن منذ امتناع نائب رئيس الوزراء والقيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني قوباد طالباني عن حضور جلسات المجلس، والذي أعقبته تصريحات حادة من نائب رئيس الإقليم والقيادي الآخر في الاتحاد الوطني مصطفى شيخ جعفر، الذي اتهم الديموقراطي الكردستاني بـ”التحكم في إيرادات الإقليم من النفط والمعابر الحدودية… التهريب ينتشر في كل أنحاء كردستان، وحصة الأسد من نصيب الجهة التي تتهم الاتحاد الوطني الكردستاني بالتهريب”. كان مقتل العقيد في جهاز مكافحة الإرهاب هوكار جاف قد أحدث تحولاً في التهدئة السياسية التي كانت بين الحزبين. فالاتهامات التي تم توجيهها الى قياديين أمنيين مُقربين من رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بالوقوف وراء عملية الاغتيال، جرى رد فعل مباشر عليها من الحزب.
الكاتب والباحث شفان رسول شرح في حديث مع “النهار العربي” مستويات المزاحمة والصراع السياسي بين الحزبين الكرديين، وكيف أن تلك المستويات حينما تكون على أشدها، إنما قد تخرج عن التموضع التقليدي الحالي: “كان مفاجئاً عدم تمكن الحزبين من التوصل إلى مرشح مشترك لمنصب رئاسة الجمهورية العراقية، وهو أمر انسحب على عدم الاتفاق على تقاسم الوزارات الكردية التي لا تزال شاغرة في السلطة المركزية، الأمر الذي يعني أن ثمة خلافاً شديداً بينهما بشأن الاستراتيجية والرؤية السياسية، علماً أن هذه الخلافات كانت قائمة طوال سنوات ماضية كثيرة، حيث كان يختلف الحزبان في تفاصيل الحالة السياسية والحكومية في الإقليم، لكنهما كانا متفقين استراتيجياً”. وأضاف رسول: “إلى جانب ذلك، فإن الملف الاقتصادي منبع أساسي للخلاف بينهما. فنوعية الاقتصاد الريعي في الإقليم، حيث تعتمد الأحزاب الرئيسية على الموارد النفطية الثابتة، لخلق النفوذ ودائرة من الموالين والمرتبطين بالحزب، هو ما يدفع الحزبين للتزاحم والخلاف الدائم بشأن موارد الإقليم وطريقة إدارتها. إلى جانب الأمرين يمكن ملاحظة فشل إدماج المؤسسات الأمنية بشكل واضح وتام، رغم تحقيق بعض التقدم النسبي في ذلك، لكن بقاء وزارة البشمركة وأجهزة المخابرات مقسمة فعلياً، يثير حالة من عدم الثقة بين الحزبين”. دعوات الى التهدئة رئيس إقليم كردستان العراق ونائب رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني نيجرفان بارزاني دعا إلى عقد اتفاق استراتيجي جديد بين الحزبين، تذكيراً بما كان قد خُط بين الحزبين في العام 2005، والذي على أساسه تم وضع الأطر الأساسية لشكل استراتيجية العلاقة بينهما، سواء ضمن إقليم كردستان أم ضمن السلطة المركزية. بارزاني الذي كان قد شارك في مراسيم دفن ضحايا تفجير خزان الغاز في مدينة السليمانية، وجه رسائل سياسية إيجابية، متعهداً إجراء الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان خلال العام المقبل.
القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني ملا بختيار كان قد أشار خلال حلقة نقاشية مع وزير داخلية الإقليم والقيادي في الحزب الديموقراطي الكردستاني ريبر أحمد إلى أن المصلحة الكردية العليا يجب أن تطغى على شكل العلاقة والتواصل بين الحزبين الرئيسيين، مطالباً الحزبين الكرديين بالتنازل المتبادل، مُعتبراً أن ذلك سيكون أفضل بكثير مما قد يقمانه لأطراف إقليمية وداخلية أخرى من تنازلات. المعلومات الخاصة التي حصل عليها “النهار العربي” أكدت أن وساطات بذلتها بعض الشخصيات السياسية الكردية ضمن إقليم كردستان توصلت إلى نتيجة واضحة، هي اجتماع أعضاء المكتبين السياسيين لكلا الحزبين، لطرح مختلف الملفات الخلافية بشكل شفاف وواضح، والنقاش بشأنها، ثم رفع نتائج تلك الاجتماعات إلى قيادات الحزبين، لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، مع تعهدات مسبقة بالتهدئة الإعلامية والسياسية، واستبعاد أي نقاشات تتعلق بإمكان عودة نظام الإدارتين.