العراق: تغيير قادة الأمن يثير شبهة «التطهير السياسي»
«الإطار التنسيقي» يدافع عن «مهنية حكومة السوداني»السبت – 10 جمادى الأولى 1444 هـ – 03 ديسمبر 2022 مـ رقم العدد [ 16076]
السوداني ورئيس «تحالف الفتح» هادي العامري خلال لقائهما أمس (وكالة الأنباء العراقية)بغداد: «الشرق الأوسط»
خلال فترة قياسية، أجرى رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، تغييرات إدارية غير مسبوقة، بإقالة مئات المسؤولين في الأجهزة الأمنية، وتعيين آخرين من بطانة سياسية واحدة؛ «الإطار التنسيقي». وتصدر الجنرال أحمد أبو رغيف، وكيل الاستخبارات في الداخلية، أسماء عشرات الضباط الذين شملتهم الإقالة، إلى جانب قائد حرس الحدود ووكيل الشرطة وجهاز مكافحة المخدرات، وعشرات القيادات في الشرطة الاتحادية.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن مجمل التغييرات التي شهدها الشهر الأول من حكومة السوداني شملت أكثر من 900 منصب، في الداخلية والأمن الوطني والمخابرات، لكن مصادر مقربة من الحكومة تقول إن «تناول هذه الأرقام ينطوي على مبالغة سياسية».
وتعهد السوداني، منذ أن تولى منصبه مطلع الشهر الماضي، بأن تكون «قرارات حكومته تحت مظلة القانون والدستور». لكن التغييرات الأخيرة، وبسبب عددها الكبير دفعة واحدة، تثير تساؤلات ذات طابع سياسي في الرأي العام العراقي.
ومن الواضح أن المسؤولين الأمنيين المقالين أخيراً، محسوبون على رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي. وفيما تتوقع مصادر موثوقة «إصدار مذكرات بحق عدد منهم»، تتحدث عن «عمليات تطهير متعمدة داخل الحكومة لصالح جهات حزبية نافذة في الإطار التنسيقي».
وقال قياديان في «حركة عصائب أهل الحق» و«الدعوة الإسلامية»، إن «الإطار التنسيقي لا يتدخل في هذه القرارات»، لكنهما تحدثا عن «ضرورة تصويب العمل الحكومي بتعيين شخصيات كفؤة بدلاً من آخرين ارتكبوا مخالفات قانونية وإدارية ومالية خلال العامين الماضيين». وتسوّق شخصيات من «الإطار التنسيقي» اتهامات مختلفة لمسؤولين بارزين في حكومة الكاظمي، لكنها لا تزال في سياق إعلامي، من دون أن تتولى جهات التحقيق التحكم بالمعلومات والحقائق. والحال، أن الشخصيات التي عيّنتها حكومة السوداني، كبديلة للمقالين بالجملة من مناصبهم، كانت تنشط في حكومات نوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي، وخسرت مواقعها خلال فترة ولاية الكاظمي.
وسمحت الصبغة الحزبية الواحدة للمسؤولين الذين عينهم السوداني، بتأويلات سياسية عن نية «الإطار التنسيقي» الاستحواذ بالكامل على مفاتيح الأمن والمخابرات في البلاد، وهو يغطي على هذا المشروع بإطلاق حملة شرسة ضد الحكومة السابقة.
ولا يبدو أن هذه التغييرات تثير قلق اللاعبين الغربيين في المنطقة، لا سيما الأميركيين، وفقاً لقيادات في «الإطار التنسيقي»، وبالتزامن مع زيارات منتظمة ومكثفة للسفيرة إلينا رومانويسكي، التي كان جدولها حافلاً بالاجتماعات في بغداد، آخرها مع وزير الدفاع العراقي وسفير طهران كاظم آل صادق.
ورغم محاولاته بأن يكون إدارياً محنكاً، فإن آليات رئيس الوزراء العراقي في الحكم تتضمن تناقضات سياسية، ففي الوقت الذي يعبر عن رغبته في إعادة التوازن بين واشنطن وطهران في العراق، فإن حكومته تتحول تدريجياً إلى نقطة ارتكاز لنفوذ القوى الشيعية المقربة من الفصائل المسلحة.