العراق: 82 ألف “فضائي” في “الحشد”… والسوداني مقيّد بسيطرة الميليشيات
المصدر: النهار العربي بغداد–محمد الجبوري
مقاتلون من “الحشد الشعبي” في العراق.
ترى أوساط عراقية، أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يواجه معضلة معقدة يصعب تفكيكها ومعالجتها في مسعاه لمحاربة آفة الفساد التي تضرب مفاصل الدولة العراقية منذ سنوات عدة. ويتساءل مراقبون عن قدرة السوداني على فتح ملف “الموظفين الفضائيين” داخل “هيئة الحشد الشعبي”، جازمين بعدم قدرته على ذلك. وكان رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي قد حاول فتح ملف “فضائيي الحشد”، أي الموظفين الوهميين، إلا أن مساعيه اصطدمت بجهات سياسية ومسلحة متنفذة ليُطوى بذلك الملف في زاوية بعيدة. وفي داخل أجواء “الحشد”، يوجد 82 ألف مقاتل “فضائي”، في حين أن العدد الفعلي 48 ألف مقاتل، لكن قادتهم يتقاضون رواتب 130 ألف مقاتل، بفارق 82 ألف “فضائي”. وإلى جانب هذا الملف، يشهد “الحشد الشعبي” صراعاً بين قادته للسيطرة عليه.
وفي تفاصيل الصراع، يسعى زعيم “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي لإبعاد “حزب الله العراقي” الذي يسيطر على “هيئة الحشد الشعبي” في كل المفاصل الإدارية داخل الهيئة. وفي المقابل يقود رئيس أركان “الحشد الشعبي” المعروف بأبو فدك المحمداوي حراكاً لإزاحة رئيس الهيئة فالح الفياض من منصبه إلا أن حراكه يواجه صعوبة بحكم علاقة الفياض بزعيم ائتلاف “دولة القانون” نوري المالكي. وفي خضم ذلك الصراع، دخل زعيم تحالف “الفتح” هادي العامري الذي يملك ألوية عدة داخل “الحشد”، على خط الأزمة في محاولة منه لإعادة توغل “منظمة بدر” فيه بعدما ضعف نفوذها في الهيئة بسبب العلاقة المتوترة مع “حزب الله العراقي”. وقبل يومين، استقبل السوداني العامري. وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء أنه “جرى التباحث بشأن مجمل الأوضاع العامّة في البلاد، والتأكيد على دعم البرنامج الوزاري للحكومة، وفقراته التي تنصّ على تقديم الخدمات للمواطنين وتقليل مؤشرات الفقر”. وأكّد الجانبان وفق البيان “أهمية إسناد الحكومة في المضيّ بتنفيذ المشاريع الاستراتيجية والمهمّة للبلد، ودعم الإجراءات في محاربة الفساد وفق القانون”. استغلال المقاتلينويقول الخبير الاستراتيجي، ظافر الشمري لـ”النهار العربي” أن “قادة فصائل الحشد يستغلون المقاتلين حيث يقومون بإعطاء عناصر الحشد راتباً لا يتجاوز مقداره 500 دولار في حين أن الراتب الفعلي لمقاتل الحشد هو 900 دولار”. ويضيف أن “عدد الفضائيين داخل الحشد الشعبي أكثر من 80 ألفاً موزعين على مختلف فصائله”، لافتاً إلى أن “هذا الملف يصعب على السوداني فتحه بسبب وقوف جهات عدة مسلحة ومتنفذة خلفه”. من جهته، يقول الناشط السياسي عمر زياد لـ”النهار العربي” إن “مشكلة الحشد الشعبي الذي يشهد صراعاً حالياً في داخله لا يمكن حلها إلا بإجراء عملية التسكين الوظيفي فيه وإعطاء أصحاب الشهادات الذين يعملون في مؤسساته أهمية، ولا يمكن مقارنتهم وإعطاء رواتب بالمقدار نفسه للذين لا يملكون شهادات جامعية”. وأضاف أن “السوداني في حال طبق آلية التسكين داخل الحشد يمكن جداً أن يحد من عمليات الفساد الحاصلة فيه والقضاء على ملف فضائيي الحشد”، مبيناً أن “قادة الحشد يرغبون في أن يبقى هذا الملف بعيداً من الدولة لأجل استمرار عمليات الفساد والحصول على الأموال”. ودعا زياد “الى دمج عناصر الحشد الشعبي بوزارتي الدفاع والداخلية منعاً لاستغلاله من الموالين لإيران”، لافتاً إلى أن “غالبية عناصر الحشد مظلومون من القادة وأمراء الألوية ويتعرضون لأبشع عمليات الاستغلال التي تخص رواتبهم”. وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دعا في أكثر من مناسبة فصائل “الحشد الشعبي” إلى إبعاد ما وصفهم بـ”العناصر السيئة” عنها من أجل المساهمة في حفظ هيبة الدولة. وفي تغريدة له، قال الصدر “أدعو إخوتي في الحشد الشعبي إلى ترك الدنيا والابتعاد عن المهاترات السياسية، كما أدعوه إلى تصفية عناصره من السيئين، والعمل على اندماج العناصر الجيدة في القوات الأمنية لتحقيق شعار حفظ هيبة الدولة”. وكان السوداني أصدر في وقت سابق أمراً بتشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد.وذكر بيان لمكتبه أنه بتوجيه مباشر من رئيس الوزراء، و”بهدف مكافحة الفساد، طبقاً للمنهاج الوزاري، بآليات غير تقليدية تتجاوز السلبيات السابقة، شكلت هيئة النزاهة، الأربعاء الماضي، تشكيلاً استثنائياً بعنوان “الهيئة العليا لمكافحة الفساد”، بغية تسريع مواجهة ملفات الفساد الكبرى واسترداد المطلوبين بقضايا الفساد والأموال العامة المعتدى عليها”. كما قرر السوداني وفقاً للبيان “تشكيل فريق مساند بصلاحيات واسعة، وذلك لتقديم الإسناد الكامل للهيئة العليا لمكافحة الفساد في فتح تلك الملفات، على أن يترأس الفريق المدير العام في وزارة الداخلية عبد الكريم عبد فاضل”.