القمة الصينية العربية في الرياض: تعهدات بحماية أمن الخليج
واشنطن تفرض عقوبات على مسؤولين صينيين
تعهّد الرئيس الصيني شي جينبينغ في الرياض الجمعة إقامة علاقات وثيقة في مجالي الأمن والطاقة مع دول الخليج خلال اجتماعات مع قادة بلدان المنطقة، في ثالث وآخر أيام زيارة للمملكة سلّطت الضوء على التوترات مع واشنطن.
وشارك جينبينغ في رحلته الخارجية الثالثة منذ بدء جائحة فيروس كورونا، في اجتماع قمة مع زعماء وممثلين عن دول مجلس التعاون الخليجي الست واجتماع قمة آخر مع قادة الدول العربية. وجاءت المناقشات غداة محادثات أجراها مع المسؤولين السعوديين أسفرت عن بيان مشترك أكّد على «أهمية الاستقرار» في أسواق النفط، وهي نقطة خلاف مع الولايات المتحدة التي تحث السعوديين على زيادة الإنتاج.
وقال شي في بداية القمة الصينية-الخليجية «ستواصل الصين دعم دول مجلس التعاون الخليجي بحزم في الحفاظ على أمنها (…) وبناء إطار أمني جماعي للخليج».
وتابع «ستواصل الصين استيراد كميات كبيرة من النفط الخام من دول مجلس التعاون الخليجي»، متعهدا في الوقت نفسه بمجالات أخرى للتعاون في مجال الطاقة بما في ذلك واردات الغاز الطبيعي المسال.
من جهة أخرى فرضت واشنطن الجمعة عقوبات على مسؤولَين صينيَين كبيرَين على خلفية «انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان» في التيبت، بينها مزاعم عن عمليات تعذيب وإعدام سجناء وتعقيم قسري.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان تجميد أصول وو ينجتشي الذي كان قائدًا عينته بكين في التيبت بين 2016 و2021، وتجانغ أونغبو قائد شرطة هذه المنطقة الواقعة في الهيمالايا منذ 2018 والذي يُعتقد أنه لا يزال في منصبه، على خلفية اتهامات بعمليات تعذيب وإعدام سجناء وتعقيم قسري.h
وتأتي العقوبات في فترة هدوء نسبيّ بين بكين وواشنطن، أعقبت لقاء جمع الرئيسين الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ الشهر الماضي في بالي. واتفق الجانبان على تعزيز الحوار بين بلديهما.
وفي وقت سابق، تحدث بيان صيني سعودي مشترك عن ضرورة التركيز على الانبعاثات بدلاً من مصادرها في معالجة مسألة التغير المناخي، وهو النهج الذي أيدته دول الخليج الغنية بموارد الطاقة.
وتم الإعلان عن ستة وأربعين اتفاقية ثنائية ومذكرة تفاهم حول عدة قطاعات، من الإسكان إلى تدريس اللغة الصينية، بينما يسعى الجانبان إلى تحقيق منافع اقتصادية واستراتيجية من خلال تعميق التعاون.
ومع ذلك، لم تم الكشف عن الكثير من التفاصيل المرتبطة بالاتفاقيات، رغم تقارير وسائل الإعلام الحكومية السعودية الخميس التي أشار إلى أن الاتفاقيات التي توقع خلال زيارة شي تبلغ قيمتها نخو 30 مليار دولار.
وأكّدت الرياض وبكين «أهمية مواصلة العمل المشترك في كافة المجالات وتعميق العلاقات في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين والوصول إلى آفاق جديدة وواعدة».
وتأتي زيارة شي في وقت يشهد توترًا في العلاقة بين المملكة والولايات المتحدة، حليفتها التاريخية والضامن الأكبر لأمنها، على خلفية إنتاج النفط وقضايا حقوق الإنسان والأمن الإقليمي.
ويأتي ذلك بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى جدة في تموز/يوليو، قبل انتخابات التجديد النصفي، عندما فشل في إقناع السعوديين بضخ المزيد من النفط لتهدئة الأسعار.
- مسألة هيبة -
ألقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية البالغ من العمر 37 عامًا، كلمة أمام القمتين الجمعة وعد فيها بمواصلة التعاون العربي الصيني «لخدمة أهدافنا المشتركة وتطلعات شعوبنا».
ويعمل الخليج، الشريك الاستراتيجي لواشنطن، على تعزيز العلاقات مع الصين كجزء من تحول نحو الشرق يضمن تنويع اقتصاداته المعتمدة على الوقود الأحفوري.
في الوقت نفسه، تحاول الصين التي تضررت بشدة من عمليات الإغلاق المرتبطة بكوفيد-19، إنعاش اقتصادها وتوسيع نطاق نفوذها لا سيما من خلال مبادرة «الحزام والطريق» التي توفر تمويلا لمشاريع بنية تحتية في جميع أنحاء العالم.
وقدّم المسؤولون تفاصيل محدودة حول جدول أعمال محادثات الجمعة، لكن أحد أوجه التركيز هو اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي وهي قيد المناقشة منذ ما يقرب من عقدين من الزمن.
ويقول روبرت موجيلنيكي من معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن «الصين سترغب في إنهاء المفاوضات التي طال امدها، حيث تشكل اتفاقات التجارة الحرة مع تكتلات تجارية ضخمة تمثل مسألة هيبة لبكين».
وأضاف «الأمر ليس بهذه البساطة لدول مجلس التعاون الخليجي التي تبدو مهتمة أكثر بتقديم العلاقات الثنائية وتشارك بدرجات متفاوتة بمنافسة اقتصادية إقليمية مع الدول الاعضاء المجاورة لها».
ويمكن أن يساعد الاتفاق التجاري المملكة العربية السعودية، أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، على تنويع اقتصادها بما يتماشى مع أجندة «رؤية 2030» الاصلاحية التي طرحها الأمير محمد بن سلمان.
وقد صفت وزارة الخارجية الصينية رحلة شي بأنها «أكبر نشاط دبلوماسي بين الصين والعالم العربي» منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية.
لكن الزيارة ووجهت بتحذير من البيت الأبيض الذي تحدث عن «التأثير الذي تحاول الصين توسيعه حول العالم»، معتبرا ان «العديد من الأمور التي يسعون إليها، وطريقة سعيهم إليها، لا تتلاءم مع الحفاظ على النظام الدولي الذي تحكمه قواعد» محددة.