من هو بول ويلان العنصر السابق في المارينز والمحتجز في روسيا؟
رجل الأعمال كندي المولد دين من جانب محكمة في موسكو بتهم تجسس مشكوك فيها بعد اعتقاله في عام 2018 والحكم عليه بالسجن 16 عاماً
بول ويلان معتقل في روسيا من أواخر عام 2018 بتهمة التجسس (أ ف ب)
تم الترحيب بالإفراج عن بريتني غراينر نجمة “الرابطة الوطنية الأميركية لكرة السلة للسيدات” WNBA من سجن روسي، في إطار صفقة تبادل للأسرى، على أنه إنجاز دبلوماسي بالغ الأهمية، ما يبعث على الأمل بالنسبة إلى أميركيين آخرين تعتبر واشنطن أنهم “محتجزون بشكل خاطئ” من جانب حكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكان قد جرى القبض على السيدة غراينر البالغة من العمر 32 سنة في مطار موسكو في السابع عشر من فبراير (شباط) بتهم مشكوك فيها تتعلق بتهريب مخدرات، بعد أن تبين أنه كان في حوزتها زيت القنب لاستخدامه في جهاز السجائر الإلكترونية “فيبس”. وجاءت الحادثة قبل أسبوع واحد فقط من شن روسيا غزوها غير القانوني على جارتها أوكرانيا.
وجرت مبادلة نجمة كرة السلة الأميركية، التي حكم عليها بالسجن تسع سنوات في شهر أغسطس (آب) الماضي، بتاجر أسلحة روسي يدعى فيكتور بوت – يلقب بـ”تاجر الموت” – بعد أشهر من المفاوضات بين الحكومتين وهو الآن على متن طائرة العودة إلى بلاده.
الرئيس الأميركي جو بايدن الذي بدا مغتبطاً في غرفة روزفلت داخل البيت الأبيض، مع شيريل غراينر زوجة اللاعبة ونائبة الرئيس كامالا هاريس ووزير الخارجية أنطوني بلينكن، قال، “لم نتوان أبداً عن الضغط من أجل إطلاق بريتني غراينر”.
وأضاف “تطلب الأمر إجراء مفاوضات مضنية ومكثفة، وأود أن أشكر جميع الموظفين الحكوميين الذين عملوا بكد وبلا ملل في مختلف وحدات إدارتي، على ضمان إطلاق سراحها”.
وأكد الرئيس الأميركي أن إدارته “لن تتخلى أبداً” عن سعيها إلى إطلاق مواطنين أميركيين آخرين قامت موسكو خطأ باحتجازهم، بمن فيهم العنصر السابق في مشاة البحرية الأميركية بول ويلان، الذي ما زال محتجزاً في روسيا منذ اعتقاله بعد عيد الميلاد مباشرة في عام 2018، في شأن ما وصفها مسؤولون أميركيون بأنها تهم زائفة بالتجسس.
وكان ويلان البالغ من العمر 52 سنة، قد أدرج في بداية الأمر ضمن مقترحات المبادلة التي تقدمت بها الولايات المتحدة، لكنه لم يكن جزءاً من الاتفاق الذي تم التوصل إليه هذا الأسبوع، مما اضطر الرئيس بايدن إلى نفي أن يكون قد أعطى الأولوية لعودة بريتني غراينر على حسابه. وقال للصحافيين إنه “لم يكن هناك خيار لتحديد أي أميركي يمكن إعادته إلى الوطن”.
ويلان علق على هذه الأخبار في مقابلة أجرتها معه شبكة “سي أن أن” من زنزانته في سجن روسي قائلاً إنه “يشعر بخيبة أمل كبيرة” لأنه ترك خارج صفقة التبادل. وأشار إلى أنه في الوقت الذي يرحب فيه بإطلاق السيدة غراينر من الاحتجاز في روسيا، فإن الجهود التي بذلت لتأمين الإفراج عنه “دفعته إلى الاعتقاد أن الأمور كانت تسير في الاتجاه الصحيح”.
وقال، “لا أفهم لماذا ما زلت قابعاً هنا”، واصفاً نفسه بأنه ضحية “ابتزاز سياسي”. وأضاف، “لطالما اعتبروني في مستوى أعلى من المجرمين الآخرين من نوعي، ولأي سبب كان، فأنا أعامل بشكل مختلف عن أي شخص آخر هنا من دولة غربية، وجهت إليه أيضاً تهم التجسس”.
وناشد إدارة الرئيس بايدن القيام بكل ما يلزم لإعادته إلى الوطن، “بغض النظر عن الثمن الذي قد يتعين عليها دفعه”، على حد تعبيره.
وقال في المقابلة مع “سي أن أن”: “حقائبي موضبة. وأنا على أهبة الاستعداد للعودة إلى البلاد، ما أحتاجه فقط هو أن تأتي طائرة لتقلني”.
ديفيد ويلان الشقيق التوأم لبول ويلان، رحب في تصريح بعث به عبر البريد الإلكتروني إلى عدد من المؤسسات الإخبارية، بخبر الإفراج عن السيدة غراينر، لكنه قال: “لا يمكنني حتى أن أفهم كيف سيكون عليه شعور بول عندما يعلم بذلك، فقد عمل شقيقي بجد لتحمل نحو أربعة أعوام من هذا الظلم الذي يواجهه”.
وأضاف، “لقد انتعشت آماله عندما علم أن حكومة الولايات المتحدة كانت تتخذ خطوات ملموسة لمرة واحدة من أجل إطلاق سراحه. وكان قلقاً في شأن المكان الذي سيعيش فيه لدى عودته إلى الولايات المتحدة”.
السيد بول ويلان هو مواطن أميركي وكندي وبريطاني وإيرلندي، ولد في أوتاوا في مقاطعة أونتاريو في عام 1970، ونشأ في مدينة “آن أربور” في ولاية ميشيغان الأميركية، وقيل إنه عمل لدى جهاز الشرطة بدوام جزئي في مدينة تشيلسي ما بين عام 1990 وعام 1996، ثم عنصر شرطة في مدينة “كيغو هاربور” في الولاية نفسها في الفترة الممتدة ما بين عام 1998 وعام 2000.
وعمل بين الفينة والأخرى مديراً لتكنولوجيا المعلومات في شركة معلومات تدعى “كيلي سيرفيسز” Kelly Services على مدى الأعوام الخمسة عشر التالية، وأخذ إجازة للعمل مع “احتياط قوات مشاة البحرية الأميركية” US Marine Corps Reserve من عام 2003 إلى عام 2008، جرى نقله خلالها إلى العراق حيث تولى هناك مهام إدارية.
في يناير (كانون الثاني) من عام 2008، دانت محكمة عسكرية ويلان بتهم عدة “تتعلق بالسرقة”، وحكم عليه بالحبس لمدة 60 يوماً، وتم تخفيض راتبه، وتم الإفراج عنه بشهادة “سلوك سيئ” في سجله العدلي.
سافر مرات عدة إلى روسيا في رحلات عمل قبل أن يقبض عليه “جهاز الأمن الفيدرالي” الروسي في “فندق ميتروبول موسكو” في الثامن والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) عام 2018، عندما كان يزور العاصمة الروسية لحضور حفل زفاف صديق له، وكان في ذلك الوقت يعمل مديراً للأمن والتحقيقات في شركة “بورغ وارنر” BorgWarner، وهي شركة لتصنيع قطع غيار السيارات مقرها في ولاية ميشيغان.
وكان من المقرر أن يعود إلى الولايات المتحدة عبر مدينة سانت بيترسبورغ في السادس من يناير عام 2019. إلا أنه بدلاً من ذلك، وجهت إليه تهمة تسلم ناقل بيانات “يو أس بي” USB يحتوي على معلومات حساسة من الناحية الأمنية، إضافة إلى توجيه التهمة له رسمياً بالتجسس في الثالث من الشهر نفسه، وهو ما نفاه ويلان بشدة.
احتجز في سجن ليفورتوفو في موسكو، ودين وحكم عليه بالسجن 16 عاماً في الخامس عشر من يونيو (حزيران) عام 2020.
أثناء المحاكمة، رفع بول ويلان ورقة من خلف الحاجز الزجاجي، تحتوي على شعارات مثل، “محاكمة زائفة!” Sham trial!، “وحقوق إنسان معدومة!” No human rights!، و”حياة بول مهمة!” Paul ’ s life matters!. واستنكر الإجراءات في حقه معتبراً أنها محاولة من جانب روسيا لجعله أداة تستخدمها للضغط على الولايات المتحدة. وقال، “لقد أثبتنا براءتي… لقد أثبتنا وجود تلفيق. إنها سياسة روسية فاسدة، لا أكثر ولا أقل”.
محامي ويلان فلاديمير جيربينكوف، أشار إلى أن موكله لديه عدد من الأصدقاء الروس “معظمهم من العسكريين”، وقد تم تسليمه ناقل البيانات عن غير قصد من جانب أحد أصدقائه الذي “كان يعمل لأجهزة أمن خاصة” عندما أعطوه إياه.
وفي تعليق من محامي ويلان على الحكم قال، “كانت هناك آمال جدية في التوصل إلى نتيجة إيجابية، لكن في هذه الحالة طغى المنطق السياسي والسلبية تجاه الولايات المتحدة، وأدت الألاعيب التي تقوم بها أجهزة الأمن الخاصة إلى هذه النتيجة المحزنة”.
في وقت لاحق من ذلك العام، ناشد ويلان الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب التدخل، وأبدى وزير خارجيته مايك بومبيو اعتراضات أميركية، لكن نظيره الروسي سيرغي لافروف كرر الموقف الروسي، الذي يصر على أن ويلان جرى القبض عليه “متلبساً”.
قد يكون كلام جون سوليفان سفير الولايات المتحدة في روسيا آنذاك أفضل تعبير عن الموقف الأميركي، عندما أصدر بياناً يدين ما حصل بقوله، “إذا كان بإمكانهم أن يفعلوا ذلك ببول، فيمكنهم القيام بالأمر نفسه مع أي شخص كان. إنها محاكمة سرية يصبح فيها المتهم عاجزاً عن الدفاع عن نفسه… إنها استهزاء بالعدالة، إضافة إلى حقيقة أنه تعرض لسوء معاملة فظيعة للغاية”.
© The Independent