الحقيقة القاسية عن الحروب الطويلة
لماذا لن ينتهي الصراع في أوكرانيا في وقت وشيك؟
الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي وهو يردد النشيد الوطني في خيرسون بأوكرانيا في نوفمبر 2022 (الخدمة الصحافية للرئاسة الأوكرانية/ رويترز)
عندما غزت روسيا أوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي، تصورت قلة من المعلقين أن الحرب ستبقى محتدمة إلى اليوم. فالمخططون الروس لم يحسبوا حساب مقاومة القوات الأوكرانية العنيفة، ولا الدعم الحماسي الذي قدمته أوروبا وأميركا الشمالية إلى أوكرانيا، أو وجوه قصور الجيش الروسي الكثيرة. واليوم أخذ كلا الطرفين موقعه الثابت وتمسك به، ويجوز أن يتواصل القتال لأشهر، هذا إن لم يدم لسنوات.
ولكن لماذا تستمر هذه الحرب؟ معظم النزاعات تدوم وقتاً قصيراً. وغالبية الحروب، خلال القرنين الماضيين، دامت، معدلاً متوسطاً، ثلاثة أو أربعة أشهر. ويعود السبب في قصر المدة إلى أن الحرب هي أسوأ وسيلة لتسوية خلافات سياسية. وعندما يتضح كم هي باهظة تكلفة القتال، يبدأ الخصوم عادة في البحث عن تسوية.
إلا أن كثيراً من الحروب تستعر مدة أطول، بطبيعة الحال. ولا تتحول التسويات إلى وقائع جراء أسباب استراتيجية رئيسة هي: اعتقاد القادة أن الهزيمة تهدد بقاءهم شخصياً، وضعف الإحساس الواضح لدى القادة بمدى قوتهم وقوة عدوهم، وخشية القادة من تعاظم قوة عدوهم لاحقاً. وفي أوكرانيا، تتضافر هذه الديناميكيات معاً لكي تُبقي الحرب محتدمة.
بيد أن هذه الأسباب الثلاثة توضح فقط جزءاً من القضية [التي تنطوي على سر استمرار الحرب]. فثمة جانب جوهري، وهو أن لهذه الحرب جذوراً أيديولوجية عميقة، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينفي مشروعية الهوية الأوكرانية المستقلة وتمتع دولة أوكرانيا بالسيادة. ويتحدث العارفون عن حكومة غارقة تماماً في معلوماتها الكاذبة ومتطرفة الرغبة في الاستيلاء على الأراضي. وأوكرانيا، من جانبها، تشبثت بشكل جريء بمُثلها العليا. وأظهر قادة البلاد وشعبها أنهم ليسوا مستعدين للتضحية بالحرية والسيادة والاستسلام أمام العدوان الروسي، مهما كلف الثمن. والذين يتعاطفون مع هذه القناعات الراسخة يصفونها بأنها قيم ثابتة. أما المشككون فينتقدون التمسك بقيم متصلبة وعقائدية. وأياً كان المصطلح، فغالباً ما يكون المضمون هو نفسه، أي أن كل جانب يرفض الواقعية السياسية ويحارب انطلاقاً من مبادئه.
وليست روسيا وأوكرانيا حالاً فريدة في هذا الباب، لأن الإيمان الأيديولوجي هو السبب في كثير من الحروب الطويلة. ويتعين على الأميركيين على وجه الخصوص أن يتعرفوا على سمة من سمات ماضيهم الثوري الذي طبعه صدام المعتقدات، مصدر اتقاد جذوة الحرب الأوكرانية، بطابعه. وعدد من الديمقراطيات يشبه أوكرانيا، حيث تجعل المُثل التي تتمتع بقبول شعبي تقديم بعض التنازلات أمراً بشعاً. وهذا التعنت هو سبب في كثير من الحروب التي خاضها الغرب في القرن الـ21، بما في ذلك غزو العراق وأفغانستان. وغالباً ما يبتعد السلام جراء المبادئ والقيم التي يتشبث الناس بها بقوة. وهذا أمر نادراً ما يُعترف به. والحرب في أوكرانيا هي أحدث مثال على قتال يتواصل ليس جراء قضايا استراتيجية عصية فحسب، بل لأن كلا المعسكرين يكره فكرة التسوية.
لماذا لا تنتهي بعض الحروب؟
وبعض الحروب تبدأ وتستمر إذا اعتقد القادة أن في وسعهم الحصول على نتائج أفضل بواسطة القتال بدلاً من إعمال الوسائل السياسية العادية. وتخوض الدول حروباً طويلة لثلاثة أسباب مفهومة. وأول هذه الأسباب خوف الحكام على مستقبلهم ومناصبهم، وتمسكهم بالحرب لأجل هذه المناصب. واعتقاد بوتين أن الهزيمة قد تقضي على نظامه لا شك يحفزه على الاستمرار في القتال، أياً كانت العواقب على الروس.
وثانيها أن الحروب تدوم في ظروف يسودها الشك والإبهام. فإذا داخل كلا الجانبين مجرد إحساس غامض بقوته النسبية استخف بالتداعيات المدمرة للصراع. وفي كثير من الأحوال، تبدد بضعة أشهر من القتال هذا الضباب. فالمعركة تكشف عن قوة كل طرف، ومدى تصميمه، وتطرد المفاهيم الخاطئة. ويلتمس الخصوم طريقة لإنهاء الحرب من طريق اتفاق يعكس ميزان القوى الراهن والجلي. وتستغرق معظم الحروب مدة قصيرة جراء مثل هذه الاتفاقات.
وفي بعض الأحوال، ينقشع ضباب الحرب ببطء. فعلى سبيل المثال لنتأمل الوضع الحالي في أوكرانيا. تجاوز أداء القوات الأوكرانية توقعات الجميع، من غير أن يتضح إذا كان في إمكانها طرد القوات الروسية من البلاد. وقد يؤدي الشتاء البارد إلى تراجع رغبة أوروبا في المضي على تقديم المال والسلاح إلى أوكرانيا. ومن ناحية أخرى، قد تظهر آثار التعبئة الجزئية التي قررتها روسيا في سبتمبر (أيلول) في غضون الأشهر القادمة. وفي دوامة الشكوك المتواصلة، قد يرى الخصمان أن إبرام اتفاق سلام مهمة عسيرة.
وأخيراً، يجادل الباحثون في السياسة والمؤرخون بأن في قلب كل حرب طويلة “مشكلة التزام”، وعرضها عجز أحد الطرفين، أو كليهما، عن الالتزام التزاماً موثوقاً بتطبيق اتفاق سلام، جراء التحولات المتوقعة في ميزان القوى. ويسمي بعضهم ذلك فخ توقيديدس، أو “الحرب الوقائية”، فيعمد حد الطرفين إلى شن هجوم من أجل تثبيت ميزان القوى الحالي قبل أن يشهد تغيراً يُفقده موقعه ويضعفه. ودعت مشكلات الالتزام إلى شن كثير من الحروب الكبيرة. فجهود ألمانيا في سبيل الحؤول دون تعاظم قوة روسيا [أدت إلى نشوب الحرب] في عام 1914. وقادت رغبة الولايات المتحدة منع العراق من بناء قوة نووية [إلى الحرب] في عام 2003. وفي مثل هذه الظروف تؤدي الاتفاقات إلى الفشل حتى قبل عقدها.
مبادئ القادة الأوكرانيين والروس وهواجسهم تذكي الصراع.
تبدو الحرب في أوكرانيا للوهلة الأولى حافلة بمشكلات الالتزام. وكلما نبه زعيم أوروبي، أو جنرال أميركي، إلى أن الوقت حان لعقد تسوية مع روسيا، رد الأوكرانيون وحلفاؤهم بأن بوتين عاجز عن الالتزام الموثوق بتنفيذ اتفاق. وأكدوا أن الكرملين مصمم بشدة على احتلال مزيد من الأراضي، ولا خيار لزعيمه، سياسياً وأيديولوجياً، غير الاستمرار في الحرب من أجل تحقيق أهدافه العسكرية. ويحذر الأوكرانيون من أن عقد تسوية الآن يتيح للروس إعادة تنظيم صفوفهم، ثم الهجوم من جديد. وعلاوة على ذلك، مزاج الأوكرانيين لا يسمح لهم بالتوصل إلى حل وسط مع من اضطهدهم. وإذا تمكنت موسكو من إقناع المفاوض الأوكراني بالموافقة على وقف إطلاق النار فإن فرص قبول الشعب أو البرلمان الأوكراني بأقل الخسائر في الأشخاص أو الأراضي، ضئيلة. ومن شأن رد الفعل الشعبي أن يفسد أي صفقة يُفاوض عليها.
ومع ذلك، ليس تصميم روسيا أو أوكرانيا من صنف مشكلات التزام تقليدية، تنبع من الحسابات الاستراتيجية والتصورات عن تغيرات موازين القوى. وبدلاً من ذلك، تجعل القوى غير المادية [من مفاهيم ومُثل ورؤى] الاتفاق صعباً. وتذكي مبادئ القادة الأوكرانيين والروس وهواجسهم الصراع. وليس ثمة صفقة وشيكة، لأن كلا الطرفين يفضل القتال على التنازل للآخر.
الحماسة والغاية
ومقاومة أوكرانيا الشديدة لأي اقتراح بعقد تسوية، ليست غريبة. وهذا التعنت نفسه يتكرر ظهوره عبر التاريخ كلما قررت شعوب مستعمرة (بفتح الميم) ومضطهدة أن تكافح من أجل نيل حريتها على رغم الصعاب. وهم يرفضون إخضاعهم لأسباب عديدة، منها مزيج من السخط والتمسك بمبادئهم. وتقديم التنازلات للإمبريالية، وقبول الهيمنة، هو أمر مقيت، حتى من وجهة نظر الضعفاء. وكما كتب فرانز فانون، الفيلسوف السياسي المناهض للاستعمار، في “المعذبون في الأرض”، كتابه الكلاسيكي في عام 1961، “نحن نتمرد ببساطة لأننا لم نعد قادرين على التنفس…”
ووجوه الشبه بين المقاومة الأوكرانية والثورة الأميركية نفسها لافتة بقوة. ففي ذلك الوقت، كما هي الحال اليوم، كانت القوة العظمى تريد تشديد قبضتها على كيان أضعف. وحاولت بريطانيا العظمى مراراً وتكرارا في الستينيات والسبعينيات من القرن الـ18، أن تكبح استقلال المستعمرات الـ13 الذاتي. وكانت القوات البريطانية متفوقة عسكرياً، ولم يكن هناك حلفاء رسميون للمستعمَرين. ويمكن القول إن السيادة الجزئية، والضرائب المتزايدة، كانتا أفضل صفقة محتملة يمكن للمستَعمَرين أن يطالبوا بها الدولة المستعمِرة (بكسر الميم). ولكن أميركيين كثيرين رفضوا هذه الصفقة. لماذا؟ كتب جون أدامز في رسالة وجهها إلى توماس جيفرسون في عام 1815 قائلاً إن الثورة الحقيقية حصلت “في عقول الناس.” وأوضح أن هذا تحقق “في سياق 15 عاماً قبل إراقة قطرة دم واحدة في ليكسنغتون”.”حصل ذلك”، مثلما لاحظ بعد بضع سنوات من خلال “تغيير جذري في مبادئ وآراء ومشاعر وأحاسيس” المستعمَرين ( بفتح الميم). وكان التنازل عن هذه المبادئ إلى ملك بريطاني غير وارد، على ما رأى كثيرون. وفي أوكرانيا، التي هاجم بوتين كيانها المستقل منذ نحو عقد من الزمان، برز التصميم نفسه. ويرفض كثير من الأوكرانيين، من حيث المبدأ، قبول الشروط الروسية أو الرضوخ في وجه العدوان الروسي، وخصوصاً عندما يعني ذلك التخلي عن مواطنيهم في المناطق التي تريد موسكو ضمها.
اقرأ المزيد
- لمصلحة من استمرار الحرب في أوكرانيا؟
- لماذا لن ينتهي الصراع بأوكرانيا في أي وقت قريب؟
- داخل غرف التعذيب الروسية في شمال شرقي أوكرانيا
- هنري كيسنجر قلق من اختلال التوازنات بين القوى
- كيسنجر يتوقع 3 نتائج للحرب في أوكرانيا… وينتقد المحادثات مع إيران
- المستنقع الأوكراني في براثن الماضي
- حري بنا أن نتحدث عن الأسباب التي دفعت روسيا لحرب أوكرانيا
وهناك وجوه شبه مع فكرة قديمة تُغفل عادة في دراسة الحرب، وهي “عدم القابلية للتجزئة”، وتتعلق بشيء، أو موضوع، أو مكان، أو ضمة مبادئ، يقنع الناس أنفسهم بأنها غير قابلة للتقسيم، وليس من الممكن التنازل عنها، في الأحوال كلها. واستخدم بعض العلماء هذا المفهوم في شرح الأسباب التي جعلت أماكن مقدسة، وأوطان إثنيات، تثير حروباً طويلة تؤدي إلى التقسيم. ورفض آخرون هذا المفهوم لأنه تفسير حصري يختزل فئة ضيقة من الصراعات. وخرجت حالات “عدم القابلية للتجزئة” من نطاق الاهتمام الأكاديمي. إلا أنه مفهوم قوي، وهو قابل للتطبيق على مجموعة متفرقة من الصراعات. وعندما رفض المقاتلون الشجعان في أوكرانيا، أو الثوار المناهضون للإمبريالية في أميركا الاستعمارية وفي المستعمرات الأوروبية في أفريقيا، التنازل عن الحريات، اتخذوا ذلك الموقف لأنهم اعتبروا أن المقايضة كانت باهظة التكلفة أكثر مما يحتمل. وأدى التغيير الجذري في المبادئ والمشاعر الشعبية إلى جعل التنازل عن الأرض والحرية غير ممكن سياسياً.
وجوه التشابه بين المقاومة الأوكرانية والثورة الأميركية نفسها لافتة بقوة.
وهذه ليست ظاهرة نادرة، ويبدو أنها تسود في الأنظمة الديمقراطية بشكل خاص. ويجوز القول إن المبادئ والتنازلات غير المقبولة أحد الأسباب الرئيسة التي تدعو الدول الديمقراطية إلى خوض حروب طويلة. وعلى سبيل المثال، استمرت حملة الولايات المتحدة عقدين من الزمن في أفغانستان. وسعى مسؤولو طالبان تكراراً، منذ عام 2002 إلى عام 2004، في إبرام صفقات سياسية مع حامد كرزاي، الرئيس الأفغاني آنذاك. وروى أشخاص مطلعون، أجرى مقابلات معهم المؤرخ كارتر مالكسيان، أن إدارة جورج دبليو بوش رأت “جميع عناصر طالبان متساوون في السوء”. “ومن خلال معاينة الفترة نفسها، لفت الصحافي ستيف كول إلى إعلان دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأميركي آنذاك، أن الولايات المتحدة ترفض المفاوضة، وأن سياسة واشنطن حيال طالبان ترمي إلى ” تطبيق العدالة عليهم أو تقديمهم إلى العدالة.” ويلاحظ في كلتا روايتي مالكسيان وكول، أن إدارة بوش منعت بشكل حازم الرئيس كرزاي من السعي للتوصل إلى تسوية سلمية مع طالبان.
وكان لدى الحكومة الأميركية طبعاً أسباب استراتيجية للشك في مدى صدق طالبان. وأراد مسؤولو الإدارة، في إطار سعيهم إلى إلحاق هزيمة عسكرية كاملة بالجماعة المتطرفة، إثبات السمعة التي تصورهم أقوياء، وردع الخصوم الآخرين عن مهاجمة الولايات المتحدة. ولكن من الحماقة تجاهل أن قادة الولايات المتحدة رفضوا، طوال عقدين تقريباً، فكرة التفاوض مع طالبان من منطلق مبدأي، وليس من منطلق استراتيجي مدروس.
ولا تنفرد الولايات المتحدة برفض التعامل مع [مجموعة إرهابية]. فمرة تلو الأخرى، امتنعت الحكومات الديمقراطية، على مدى سنوات واجهت فيها المتمردين والإرهابيين، في العراق وإيرلندا الشمالية والأراضي الفلسطينية وعشرات الأماكن الأخرى، عن مجرد التفكير في محاورتهم. وأعرب جوناثان باول [مدير مكتب توني بلير، رئيس الوزراء الأسبق]، وكان كبير مفاوضي الحكومة البريطانية في إيرلندا الشمالية من عام 1997 إلى 1999، أعرب عن أسفه لهذا الموقف، في كتابه المعنون “يجلسون إلى الطاولة [للتفاوض]”. ولفت إلى أن شيطنة العدو، ورفض أنواع الحوار كلها معه، كانا ينمان عن قصر نظر، ويسببان على الدوام وفيات لا مبرر لحصولها. وفي إيرلندا الشمالية، أدركت الحكومة البريطانية، في النهاية، أنها في حاجة إلى عملية سياسية متصلة. ويقول باول إن السلام مستحيل إذا منعت الحواجز الأيديولوجية القادة من التفاوض.
خطر المبدأ
ومع ذلك، لم تبلغ الحوادث في أوكرانيا النقطة التي تخول الأوكرانيين قبول تسوية. وحث أخيراً سياسيون واقعيون، مثل هنري كيسنجر وستيفن والت، أوكرانيا على تجاوز المعوقات الأيديولوجية [التي تعترض سبيل المفاوضات]، ومقايضة بعض السيادة بالسلام. والفرق بين هؤلاء الواقعيين والمثاليين الذين يريدون لأوكرانيا أن تستمر في القتال، بسيط. فالطرفان يختلفان على تكلفة التنازلات التي قد تضطر أوكرانيا إلى تقديمها لقاء صفقة، وعلى مستوى تصلب روسيا الأيديولوجي حين غزت جارتها.
ولكن، لا يخطئن أحد الظن، فثمة حاجة استراتيجية تدعو الأوكرانيين إلى المضي على القتال، وتدعو الغرب إلى دعمهم. وينبغي فهم مقاومة روسيا، ورفضها الحلول الوسط الكريهة التي قد تنهي الحرب سريعاً، وتنزع من روسيا الدلائل على قوتها الراسخة في الجغرافيا السياسية.
وستستمر هذه القيم والأفكار في لعب دور بارز في الحروب التي قد تشنها الديمقراطيات في المستقبل. وبات الغرب، على نحو مضطرد، أكثر اعتماداً على الحقوق مع مرور الزمن. وأصبح ملزماً، في دول كثيرة، التزام بعض المثل الليبرالية والدفاع عنها، بغض النظر عن الثمن. ويسمي الفيلسوف مايكل إغناتيف هذا التحول “ثورة الحقوق”. ويجب الاحتفاء بهذه المُثل، كما ينبغي على الحكومات الغربية أن تستمر في محاولة الالتزام بها (حتى ولو فشلت غالباً في ذلك). وهذا التوجه يجعل الغرب أقل ميلاً إلى الواقعية السياسية، أي إلى مقايضة الحقوق والمبادئ بالسلام، أو إبرام صفقات مع المستبدين من نوع غير مستساغ. وعلى هذا، فقد تتكرر الحروب، على شاكلة تلك التي تشهدها أوكرانيا، وقد يمسي إنهاؤها أشد صعوبة.
*كريستوفر بلاتمان هو بروفيسور كرسي رامالي إي. بيرسون لدراسات الصراع العالمي في كلية هاريس للسياسة العامة بجامعة شيكاغو، ومؤلف كتاب “لماذا نقاتل: جذور الحرب والمسارات إلى السلام”.