أوروبا تندد بـ”إرهاب الكرملين” إثر القصف الكثيف في أوكرانيا
لاذ كثيرون بالملاجئ خلال ساعة الذروة الصباحية والناتو يحذر من عزم بوتين على حرب طويلة الأمد
ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الجمعة، بـ”إرهاب الكرملين الأعمى” إثر القصف الروسي الكثيف لأوكرانيا، متحدثاً عن ارتكاب جرائم حرب.
وقال بوريل في بيان إن “هذه الهجمات الوحشية وغير الإنسانية تهدف إلى مفاقمة المعاناة الإنسانية وحرمان السكان الأوكرانيين، ولكن أيضاً المستشفيات وخدمات الطوارئ وخدمات أخرى أساسية، من الكهرباء والتدفئة. إنها همجية وتشكل جرائم حرب. يجب محاسبة جميع المسؤولين عنها”.
وأضاف جوزيب بوريل أن “الاتحاد الأوروبي وشركاءه يكثفون جهودهم لتقديم مساعدات الطوارئ التي يحتاج إليها الأوكرانيون لاستعادة وصيانة الكهرباء والتدفئة”.
حرب طويلة الأمد
أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية الجمعة أن روسيا تستعد لحرب طويلة في أوكرانيا التي ينبغي على الحلفاء في “ناتو” أن يواصلوا مدها بأسلحة حتى يدرك الرئيس فلاديمير بوتين أنه عاجز عن “الفوز في ساحة المعركة”.
وبعد 10 أشهر تقريباً على الحرب الروسية، ألحقت القوات الأوكرانية بالكرملين سلسلة من الهزائم سمحت بتحرير أجزاء كبيرة من البلاد، لكن ستولتنبرغ أكد أن “ما من مؤشر إلى أن بوتين تخلى عن هدفه بالسيطرة على أوكرانيا”.
ومضى يقول “يجب ألا نستخف بروسيا. فهي تستعد لحرب طويلة. وتحشد مزيداً من القوات وهي مستعدة لتكبد خسائر كبيرة وتحاول الحصول على مزيد من الأسلحة والذخائر”.
وأضاف “يجب أن ندرك أن الرئيس بوتين مستعد لأن يستمر في هذه الحرب لفترة طويلة ويشن هجمات جديدة”.
ووفرت دول حلف شمال الأطلسي وعلى رأسها الولايات المتحدة لأوكرانيا أسلحة بمليارات الدولارات ساعدتها في الصمود في وجه القوات الروسية.
وتابع ستولتنبرغ “من المرجح جداً أن تنتهي هذه الحرب على طاولة المفاوضات كغالبية الحروب. وأي حل يجب أن يضمن لأوكرانيا أن تبقى دولة سيدة ومستقلة”.
واعتبر أن “السبيل الأسرع للتوصل إلى ذلك هو دعمها عسكرياً لكي يدرك الرئيس بوتين أنه عاجز عن الفوز على أرض المعركة وأن عليه أن يجلس ويتفاوض بحسن نية”.
وتفيد تقارير أميركية بأن واشنطن تضع اللمسات الأخيرة على خطط لإرسال بطاريات صواريخ باتريوت هي الأكثر تطوراً، إلى أوكرانيا تضاف إلى أنظمة دفاع جوي غربية تلقتها كييف.
وقال ستولتنبرغ إن “ثمة محادثات جارية” لتسليم أنظمة باتريوت، لكنه شدد على أن دول حلف شمال الأطلسي يجب أن تتحقق من وجود كميات كافية من الذخيرة وقطع الغيار لتستمر الأسلحة التي أرسلت حتى الآن في العمل.
وأضاف “يجري الحلفاء حواراً في شأن توفير أنظمة إضافية لكن تزداد أهمية التحقق من أن كل الأنظمة التي تسلم قابلة للتشغيل”.
وتسببت طلبات الأسلحة من جانب أوكرانيا في نفاد مخزونات الدول الأعضاء في ناتو وأثارت مخاوف من عجز محتمل لصناعات الدفاع في الحلف في إنتاج كميات كافية.
وأكد ستولتنبرغ “نزيد إنتاجنا من أجل تحقيق هذا الهدف المحدد لكي نتمكن في آن واحد من إعادة تشكيل مخزوناتنا في مجال الردع والدفاع والاستمرار في توفير الدعم لأوكرانيا على المدى الطويل”.
واعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الحرب “الأزمة الأمنية الأخطر التي نعرفها في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. إنها مرحلة مفصلية”.
وأوضح أنه على رغم تراجع أخير في تهديدات بوتين النووية، يبقى الحلف “يقظاً ويراقب باستمرار ما يقومون به”.
وشدد على أن “الخطاب النووي مع إشارات إلى استخدام محتمل للأسلحة النووية أمر غير حكيم وخطر”. وأضاف “هدفه هو بطبيعة الحال ردعنا عن مساندة أوكرانيا لكنه لن يتمكن من ذلك”.
وتنتهي ولاية ينس ستولتنبرغ التي مددت لسنة في مارس (آذار) الماضي، في نهاية عام 2023. ولم يوضح رئيس الوزراء النرويجي السابق البالغ 63 سنة ما إذا كان سيغادر نهائياً منصبه العام المقبل. واكتفى بالقول “ليس لدي مشاريع أخرى”.
ورفض التعليق على دعوات وجهها بعض أعضاء الحلف إلى تعيين امرأة لخلافته للمرة الأولى في الحلف.
وقال في الختام “هدفي هو تولي مسؤولياتي بصفتي الأمين العام لحلف شمال الأطلسي بطريقة تحافظ على وحدة الحلف، هذا همي الوحيد، وأترك بعد ذلك لقادة الدول والحكومات قرار تعيين من سيخلفني”.
دبلوماسي روسي: موسكو لن تستخدم السلاح البيولوجي
أكد دبلوماسي روسي كبير الجمعة في مؤتمر صحافي في جنيف أن بلاده لن تستخدم أسلحة بيولوجية.
ونفى كونستانتين فورونتسوف نائب مدير دائرة منع الانتشار والحد من التسلح بوزارة الخارجية الروسية، إمكان أن تستخدم روسيا هذه الأسلحة. وقال لعدد من الصحافيين “لا صحة لذلك على الإطلاق”.
وأضاف أن روسيا “متقيدة بشكل كامل وكلي بالتزاماتها” المتعلقة بالمعاهدات الدولية التي تحظر استخدامها.
وأكد الدبلوماسي “ليس لدينا برامج في المجال العسكري تتعلق بالأسلحة البيولوجية”، مضيفاً أن “جميع أنشطتنا في المجال البيولوجي هي بالكامل للأغراض السلمية وليس أكثر من ذلك”.
جاءت تصريحات فورونتسوف على هامش مراجعة معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية التي تجري كل خمس سنوات ومن المقرر أن تنتهي الجمعة بعد ثلاثة أسابيع من العمل. وتحظر المعاهدة تطوير وإنتاج وتخزين هذه الفئة من أسلحة الدمار الشامل.
إلا أن غياب آلية للتحقق تمثل نقطة ضعف كبيرة ونقطة خلاف منذ عقدين.
كما تطرق كونستانتين فورونتسوف إلى الاتهامات الروسية بحق الولايات المتحدة وأوكرانيا.
منذ غزوها لجارتها، اتهمت روسيا واشنطن مراراً بالتورط في تطوير مزعوم لأسلحة بيولوجية في مختبرات في أوكرانيا.
وطلبت موسكو في أكتوبر (تشرين الأول) من مجلس الأمن الدولي، من دون جدوى، التحقيق في اتهاماتها التي نفتها كل من واشنطن وكييف بشدة.
وتكررت المزاعم على طاولة المحادثات في مؤتمر المراجعة في جنيف. وأكد السفير الروسي غينادي غاتيلوف للصحافيين أن موسكو لا تنوي التخلي عن الموضوع.
وقال غاتيلوف “نعتبر ذلك تهديداً لأمننا القومي”، متهماً واشنطن بالتورط عسكرياً في إنشاء مختبرات سرية “ليس فقط في أوكرانيا، ولكن في عديد من البلدان الأخرى… على طول حدود روسيا الاتحادية”.
ورداً على سؤال حول الأدلة المتوافرة لدى روسيا، قال السفير إن القوات الروسية “ضبطت آلاف الوثائق” التي تحوي أدلة كثيرة بحسب قوله على وجود أنشطة عسكرية سرية في مختبرات بأوكرانيا.
وأضاف “نحن لا نتحدث عن ذلك فقط. نحن نعرف الوقائع”، معرباً عن أسفه لعدم إجابة الولايات المتحدة وأوكرانيا على تساؤلات روسيا.
وابل من الصواريخ
وكانت روسيا أمطرت شبكة الكهرباء الأوكرانية بوابل من الصواريخ اليوم الجمعة، مما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل فضلا عن إلحاق أضرار بتسع منشآت للطاقة وإجبار سلطات كييف على قطع طارئ للتيار الكهربائي في أنحاء البلاد وسط برد قارس.
ولاذ كثيرون بالملاجئ خلال ساعة الذروة الصباحية للاحتماء من أحدث هجوم واسع تشنه روسيا على البنية التحتية الحيوية منذ أكتوبر (تشرين الأول)، والذي وصفه مسؤول في كييف بأنه أحد أكبر الهجمات الصاروخية منذ بدء الغزو في فبراير (شباط).
وتحدث عمدة مدينة خاركيف ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا عن أضرار “هائلة” تهدد بحرمان كثيرين من التدفئة وسط أجواء شديدة البرودة، بينما ذكر حاكم منطقة دنيبروبتروفسك في وسط البلاد أن “أضرارا جسيمة” وقعت.
وقال فاليري زالوجني القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية إن بلاده أسقطت 60 من أصل 76 صاروخا أطلقتها روسيا على البنية التحتية. فيما قال يوري إهنات المتحدث باسم سلاح الجو إن موسكو حاولت عمدا تشتيت الدفاعات الجوية بتسيير طائرات حربية قرب أوكرانيا.
وقال مسؤول بارز إن الهجوم في كريفي ريه، مسقط رأس الرئيس فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن إصابة ما لا يقل عن ثمانية أشخاص بينهم ثلاثة أطفال صغار، مضيفا أن جهود الإنقاذ تتواصل.
وحذرت شركة أوكرينرجو المشغلة للشبكة من أن إصلاح الأضرار سيتطلب وقتا أطول مقارنة بالمرات السابقة وأن إعادة التيار ستستغرق وقتا طويلا.
وقال وزير الطاقة جيرمان جالوشينكو للتلفزيون الوطني “ما رصدناه بالفعل هو أضرار لنحو تسعة مرافق لتوليد الكهرباء ونواصل تقييم الأضرار”.
وانقطعت الكهرباء عن مدينة بولتافا في وسط البلاد وأجزاء من كييف. واستهدفت الهجمات أجزاء من البنية التحتية الأساسية في منطقة خاركيف في الشمال الشرقي، وأوديسا على البحر الأسود وفينيتسيا في الغرب الأوسط.
أوكرانيا ستظل صامدة
وتم إلغاء التحذير الأول من القصف الجوي في كييف بعد أربع ساعات من إعلانه عندما كان الأطفال في طريقهم لمدارسهم والموظفين لأعمالهم.
وتوقفت شبكة مترو أنفاق كييف، التي تتضمن واحدة من أعمق المحطات في العالم، عن العمل وجرى استخدامها كمأوى من القصف.
وتقول موسكو إن الهجمات على البنية التحتية الأساسية شرعية من الناحية العسكرية. وتقول أوكرانيا إن الهجمات التي تهدف إلى التسبب في معاناة للمدنيين تعتبر جريمة حرب.
وكتبت وزيرة الاقتصاد يوليا سفيريدينكو على فيسبوك “هدف روسيا الاتحادية هو أن يبقى الأوكرانيون دوما تحت ضغط، وأن يظلوا طيلة يومهم تقريبا في الملاجئ. وأن يعانوا من مشقة انقطاع الكهرباء أو المياه”.
وأضافت “لكن موقف أوكرانيا لن يتغير… سنصمد. سننتصر. سنبني بلادنا من جديد”.
في السياق، يزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيلاروس الاثنين لإجراء محادثات مع نظيره وحليفه ألكسندر لوكاشينكو، وأعلن المكتب الإعلامي للرئيس البيلاروسي أن الرئيسين سيجريان محادثات في قصر الاستقلال في العاصمة البيلاروسية مينسك أثناء “زيارة عمل” يقوم بها بوتين.
البنك الدولي
على صعيد آخر، أعلنت مؤسسة التمويل الدولية، وهي فرع في البنك الدولي مخصص لدعم المستثمرين في القطاع الخاص، تقديم حزمة مساعدات للقطاع الخاص الأوكراني بقيمة ملياري دولار. وقالت المؤسسة في بيان إن هذه المساعدات يفترض “أن تلبي الحاجات الفورية للقطاع الخاص الذي دمرته الحرب، وأن تساعد في التحضير لإعادة الإعمار”.
وستمول المؤسسة نصف حزمة المساعدات، أما النصف الآخر فسيعتمد على الضمانات التي أعطتها الحكومات المانحة.
وبحسب بيانات المصرف المركزي الأوكراني، فإن 11 في المئة من الشركات الأوكرانية اضطرت إلى الإغلاق منذ بدء الحرب، ووفق وزارة الاقتصاد الأوكرانية فقد القطاع خمسة ملايين وظيفة منذ بدء النزاع.
وأضافت المؤسسة أن “شركات كثيرة تحافظ على الوظائف، وكذلك الخدمات والسلع الأساسية لكنها بحاجة إلى تمويل لمواصلة عملياتها”. وأشارت إلى أنها وقعت مطلع الأسبوع اتفاقاً مع الحكومة الأوكرانية لإعطائها نصائح استراتيجية بهدف إعادة بناء اقتصادها وتنفيذ إصلاحات لقطاعها المصرفي.
ومنذ بدء النزاع، قدم البنك الدولي نحو 18 مليار دولار للحكومة الأوكرانية، للسماح لها بالحفاظ على الخدمات العامة الأساسية.