النظام الإيراني يخطط لدفع المتظاهرين فاتورة “انهيار العملة”
عمال النفط يحتجون والسلطات تعتقل ممثلة شهيرة لدعم المحتجين ومحامي صحافيتين قامتا بتغطية وفاة مهسا أميني
ألقى محافظ البنك المركزي الإيراني، السبت 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، باللوم على الاحتجاجات المناهضة للحكومة في انهيار العملة إلى مستويات قياسية، فيما احتجزت السلطات ممثلة بارزة عبرت عن دعمها المحتجين.
وشملت الاضطرابات، التي تشكل أحد أكبر التحديات لحكم رجال الدين في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979، أيضاً احتجاجات لمجموعات من العاملين في قطاع النفط، السبت، للمطالبة بزيادة الأجور، وفقاً لتقارير على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح محافظ البنك المركزي علي صالح عبادي أن “أحداث الشهرين الماضيين” أسهمت، إلى جانب العقوبات الأميركية، في انخفاض قياسي للعملة الإيرانية، لكنه أشار إلى إمكانية ضخ دولارات في السوق لدعم الريال الإيراني المتعثر.
وقال صالح عبادي للتلفزيون الرسمي “لإجراء تعديلات في سوق (الصرف الأجنبية)، سنعمل نحن في البنك المركزي كصناع للسوق وصناع لسياسة العملة الأجنبية. أياً كانت العملة الأجنبية الأكثر طلباً، فسنوفرها في السوق”.
وتراجعت العملة الإيرانية إلى مستوى منخفض جديد مقابل الدولار، السبت، إذ حاول الإيرانيون الساعون للعثور على ملاذات آمنة لمدخراتهم شراء الدولار أو العملات الأجنبية الأخرى أو الذهب.
وجرى تداول الدولار بما يصل إلى 395 ألفاً و600 ريال في السوق غير الرسمية، ارتفاعاً من 386 ألفاً و800 ريال، الجمعة، وفقاً لموقع الصرف الأجنبي “بونباست دوت كوم”.
وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة “دنيا” الاقتصاد أن سعر الدولار بلغ 382 ألفاً و300 ريال، بزيادة 1.2 في المئة عن، أمس الجمعة.
وفقد الريال ما يقرب من 20 في المئة من قيمته منذ اندلاع الاحتجاجات على مستوى البلاد قبل ثلاثة أشهر. وفي مايو (أيار) 2018، كانت العملة تتداول عند نحو 6500 ريال للدولار قبيل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية وإعادة فرض العقوبات على الجمهورية الإسلامية.
واندلعت الاضطرابات الأوسع نطاقاً التي تجتاح إيران حالياً بسبب وفاة مهسا أميني (22 عاماً) في 16 سبتمبر (أيلول) بعدما ألقت شرطة الأخلاق القبض عليها بسبب ارتدائها “ملابس غير لائقة” بموجب قواعد زي النساء الإسلامي الصارمة في إيران.
احتجاجات عمال النفط
وفي السياق نظمت مجموعة من عمال النفط في جنوب إيران احتجاجاً، السبت 17 ديسمبر، للمطالبة بزيادة الأجور ومزايا التقاعد، وفق ما ذكرت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
ولم يصدر تعليق بعد من وزارة النفط الإيرانية بحسب ما تردد عن احتجاج عمال النفط. ولا تذكر وسائل الإعلام الإيرانية في أغلب الأحيان تفاصيل عن الاضطرابات الحالية في البلاد.
وقالت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان “هرانا”، السبت، إن مجموعة من عمال النفط نظموا احتجاجاً أمام شركة “بارس” للنفط والبتروكيماويات في عسلوية بإقليم بوشهر الجنوبي على ساحل الخليج.
وأفادت بأنه إضافة إلى زيادة الأجور ومزايا التقاعد، طالب المحتجون أيضاً بإلغاء الضرائب المرتفعة على الدخل ورفع سقف الأجور وتحسين خدمات الرعاية الاجتماعية والظروف الصحية.
ويُسمع صوت عمال عسلوية وهم يهتفون في مقطع فيديو بثته “هرانا”، “لا نريد وزيراً كاذباً”، في إشارة إلى وزير النفط جواد أوجي. وعسلوية هي مركز للمنشآت الإيرانية التي تستغل أكبر حقل غاز بحري في العالم، الذي تشترك فيه إيران مع قطر.
ونشرت “هرانا” ووسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصوراً لاحتجاجات مماثلة قام بها عمال النفط في مناطق من بينها الأهواز، عاصمة إقليم خوزستان الغني بالنفط، وجاش ساران وماهشهر.
كما أفادت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي بأن عمالاً في منشآت للغاز في تنغ بيجار في الغرب وجون آباد في الشمال الشرقي نظموا احتجاجات أيضاً. واحتج رجال إطفاء في جزيرة خرج بالخليج، موقع المحطة الرئيسة لتصدير النفط في إيران.
اعتقال ممثلة لدعم الاحتجاجات
واعتقلت السلطات، السبت، الممثلة ترانه عليدوستي بطلة فيلم “البائع” الحائز على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية لعام 2016، بعد أن عبرت عن دعمها للاحتجاجات ونشرت صورة لها من دون حجاب حاملة لافتة كتب عليها عبارة “المرأة، الحياة، الحرية”، وهي شعار رئيس للمتظاهرين.
والممثلة الإيرانية المعروفة بأدوارها في عدة أفلام للمخرج أصغر فرهادي، أعلنت مرات عدة على “إنستغرام” دعمها للتظاهرات.
وذكرت وقالت وكالة “تسنيم” للأنباء أن “ترانه عليدوستي اعتقلت بسبب أفعالها الأخيرة عند نشر معلومات ومضمون كاذبين والتحريض على الفوضى” من دون إعطاء تفاصيل عن مكان توقيفها.
ونددت الممثلة البالغة من العمر 38 عاماً في الثامن من ديسمبر بالسلطات لإعدامها محسن شكاري شنقاً بعد إدانته بتهمة “الحرابة”. وكتبت على “إنستغرام”، “أي منظمة دولية تراقب حمام الدم هذا من دون الرد تمثل وصمة عار على الإنسانية”.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، وعدت بالبقاء في بلدها “ودفع الثمن” اللازم للدفاع عن حقوقها والتوقف عن العمل لمساندة عائلات القتلى أو المعتقلين خلال التظاهرات.
وأشهر أدوارها هو ذلك في فيلم أصغر فرهادي “البائع”، الذي نال أوسكار أفضل فيلم باللغة الأجنبية عام 2017. وهي من أبرز شخصيات السينما الإيرانية منذ سن المراهقة، ومثلت في فيلم سعيد روستاي “ليلى وأخوتها” الذي عرض هذه السنة في مهرجان “كان”.
واعتقلت السلطات عدة شخصيات في السينما الإيرانية حتى قبل موجة الاحتجاج الحالية، مثل المخرجين محمد رسولوف وجعفر بناهي اللذين لا يزالان معتقلين.
ومن ناحية أخرى، أظهر مقطع فيديو نشره حساب “1500 تصوير”، الذي يبلغ عدد متابعيه 400 ألف، على “تويتر” ما قال إنها محطة مترو في طهران، السبت، حيث هتفت حشود بعبارة “يجب إطلاق سراح السجناء السياسيين”.
وبحسب وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، قتل 495 محتجاً حتى الجمعة، بينهم 68 قاصراً. كما قتل 62 فرداً من قوات الأمن. وقالت إن التقديرات تشير إلى اعتقال 18450 شخصاً. 0 seconds of 47 secondsVolume 90%
توقيف محامي صحافيتين
وفي السياق نفسه، أوقف محامي صحافيتين إيرانيتين مسجونتين لمساهمتها في نشر خبر وفاة الشابة مهسا أميني، وفق ما ذكرت صحيفة “هم ميهن” الإصلاحية، السبت.
وجاء في “هم ميهن”، “أوقف محمد علي كامفيروزي محامي ناشطين وصحافيين عدة، الأربعاء”.
وكامفيروزي هو محامي إلهه محمدي (35 عاما) المراسلة في “هم ميهن”، ونيلوفر حامدي (30 عاماً) المصورة في صحيفة “شرق” الموقوفتين منذ سبتمبر.
ووجه القضاء الإيراني إلى الصحافيتين في نوفمبر (تشرين الثاني) تهمتي “الدعاية ضد النظام” و”التآمر للعمل ضد الأمن القومي”.
وقال محمد علي باقر بور محامي كامفيروزي، لصحيفة “هم ميهن”، إن موكله “لم يتلقَ أي استدعاء وهو معتقل من دون أي مسوغ قانوني ويبقى سبب توقيفه مجهولاً”.
والخميس، أعلن محمد كامفيروزي شقيق المحامي أن السلطة القضائية باتت “مسؤولة عن حياته وصحته”.
وذكرت “هم ميهن” أن “25 محامياً” إيرانياً “موقوفون في البلاد” منذ بدء التظاهرات.
اعتقالات وإعدامات
وحذرت منظمة العفو الدولية من أن 26 شخصاً يواجهون احتمال الإعدام بعد أن نفذت طهران حكم الإعدام شنقاً في شخصين ألقي القبض عليهما بسبب الاحتجاجات.
وقالت في بيان، “هناك احتمال كبير بأن يتم إعدام 26 شخصاً على الأقل في ما يتعلق بالاحتجاجات في أنحاء البلاد بعد أن أعدمت السلطات الإيرانية تعسفياً شخصين عقب محاكمات صورية غير عادلة في محاولة لنشر الخوف بين العامة والقضاء على الاحتجاجات”.
وأضافت، “من بين الـ26 يوجد 11 شخصاً محكوم عليهم بالإعدام و15 متهمون بجرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام في انتظار المحاكمة أو تجري محاكمتهم بالفعل”.
وبحسب وكالة “هرانا”، قتل 495 محتجاً حتى الخميس من بينهم 68 حدثاً، بينما لقي 62 من قوات الأمن حتفهم، وعدد المعتقلين يقدر بأكثر من 18400 شخص.