مقتل 9 بهجوم لـ«داعش» على الشرطة العراقية غرب كركوك
جثامين أفراد الشرطة الاتحادية العراقية الذين قُتلوا في هجوم «داعش» أمس (أ.ف.ب)بغداد: فاضل النشمي
قتل تسعة من عناصر من الشرطة الاتحادية العراقية، أمس (الأحد)، في هجوم استهدف آلية تقلهم في المنطقة الواقعة بين قريتي صفرة والشلالات التابعتين لقضاء الحويجة، غرب محافظة كركوك، في شمال العراق، ونُسب الهجوم إلى تنظيم «داعش». ويُعدّ هذا من بين الهجمات الأكثر دموية التي شنّها التنظيم في الأشهر الأخيرة داخل العراق، ما يعكس قدرته المتواصلة على إلحاق الضرر، كما يأتي بعد أربعة أيام من هجوم مماثل شمال بغداد أدى إلى مصرع ضابط كبير في الجيش واثنين من الجنود. وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول في بيان: «في عمل إرهابي جبان، استُشهد ضابط برتبة رائد وعدد من المنتسبين بانفجار عبوة ناسفة في دورية تابعة لقوات الشرطة الاتحادية – اللواء الآلي الثاني، بقرية علي السلطان بناحية الرياض في كركوك».
وأفاد مصدر أمني في كركوك بأن «عناصر من تنظيم (داعش) ضربت بعبوة ناسفة ناقلة تابعة للفوج الأول في اللواء الثاني ضمن الفرقة الآلية التابعة للشرطة الاتحادية». وأضاف أن الهجوم رافقه اعتداء «مباشر بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة» في قرية شلال المطر التي تبعد 65 كلم عن مركز محافظة كركوك، قائلاً: «قتلنا أحد عناصرهم المهاجمة، ونعمل على البحث عن العناصر الأخرى». وارتفعت حصيلة القتلى من 7 إلى 9 بعد وفاة جريحين من الشرطة، وفق المصادر.
وبعيد الهجوم، أصدر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بياناً طلب فيه «ملاحقة العناصر الإرهابية التي أقدمت على هذا العمل الإرهابي الجبان»، موعزاً للقوات الأمنية «بالانتباه وتفتيش الطرق بشكل دقيق وعدم إعطاء فرصة للعناصر الإرهابية». وقُتِل، الأربعاء، ضابط عراقي وجنديان بانفجار عبوة ناسفة استهدفت آليتهم خلال عبورها على طريق في منطقة الطارمية الزراعية الواقعة على بُعد نحو 30 كيلومتراً شمال بغداد.
وبينما لم يُشِر المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة إلى ضلوع عناصر «داعش» في الحادث، قالت مصادر أمنية لشبكة «رووداو» الكردية إن «رتلاً تابعاً للواء الثاني – الفرقة الخامسة شرطة اتحادية كان عائداً إلى مقر اللواء، بعد عملية تمشيط لمحيط مواقع الشرطة الاتحادية، عندما انفجرت عبوة ناسفة مزروعة على الرتل، وبعد التفجير ترجل عدد كبير من عناصر الشرطة من عرباتهم لمساعدة شرطيَّين أُصيباً في التفجير، وعندها تعرضوا لهجوم من مسلحي (داعش) الذين يُقدَّر عددهم بما بين 8 و10 مسلحين، وقُتل من المهاجمين اثنان خلال المواجهة».
بدوره، أكد محافظ كركوك، راكان الجبوري، أن حادث قرية الصفرة لن يمر من دون القصاص العاجل من العناصر الإرهابية. وقال المحافظ في بيان: «إننا على ثقة مطلقة بالقوات الأمنية التي ستعمل على محاسبة المتورطين بهذا الحادث الإرهابي الغاشم، ولن يمر من دون أن يكون القصاص من العناصر الإرهابية عاجلاً».
وأشار الجبوري إلى «ضرورة تعزيز القطعات العسكرية وانتشارها في المناطق الرخوة والخالية وتعزيز الجهد الاستخباري ومسك جميع مناطق وحدود محافظة كركوك»، ودعا «مواطني المحافظة بجميع مكوناتهم لدعم وإسناد القوات الأمنية والتضامن مع أسر الشهداء الأبطال وتوحيد الجهود كافة لدعم الأبطال وهم يحفظون الأرض والعرض ويحققون النصر والاستقرار».
ويرى محللون عسكريون أن تنظيم «داعش» يسعى من خلال الهجمات التي يشنها بين وقت وآخر إلى إثبات وجوده الفعال داخل العراق، رغم حديث الجهات الأمنية المتكرر عن تراجع نفوذه وقوته في مناطق شمال وغرب البلاد، ما يطرح الحاجة إلى جهود استثنائية للقضاء عليه بشكل كامل.
وفي عام 2017، أعلن العراق «الانتصار» على تنظيم «داعش»، لكن عناصر التنظيم لا يزالون ينشطون في مناطق ريفية ونائية في البلاد. وتستغل عناصر التنظيم طبيعة هذه المنطقة المليئة بالبساتين وأشجار النخيل، للاختباء وشنّ هجمات متفرقة غالباً ما تستهدف القوات الأمنية. من جانبها، تشنّ القوات الأمنية العراقية عمليات بشكل متواصل ضدّ هذه الخلايا، وتعلن من وقت لآخر مقتل عشرات منهم بضربات جوية أو مداهمات برية. وسيطر تنظيم «داعش» في عام 2014 على مناطق شاسعة من العراق وسوريا، لكنه هُزم في البلدين على التوالي في عامي 2017 و2019.
وأشار تقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى أن التنظيم «حافظ على قدرته على شنّ الهجمات بمعدل ثابت في العراق، بما في ذلك تنفيذ عمليات كرّ وفر ونصب الكمائن وزرع القنابل على جنبات الطرق».
ولا تزال الحدود بين سوريا والعراق «تشكّل منطقة ضعف رئيسية» يستغلها التنظيم، الذي له «ما بين 6 آلاف و10 آلاف مقاتل منتشرين في جميع أنحاء البلدين، يتركز معظمهم في المناطق الريفية، ويُقدّر أن معظمهم مواطنون سوريون وعراقيون»، وفق النسخة الأخيرة من التقرير الصادرة في يوليو (تموز) 2022. وزاد التنظيم «إلى حدّ كبير استخدام المنظومات الجوية غير المأهولة في العام الماضي»، وفق التقرير الذي قدّر أن التنظيم لا يزال يحتفظ بنحو «25 مليون دولار من الاحتياطات المالية» التي قد تصل إلى 50 مليون دولار، معظمها في العراق.
وأشار التقرير في المقابل إلى أن نفقات التنظيم «تتجاوز إيراداته الحالية»، موضحاً أن مصادر إيراداته تشمل «أعمال الابتزاز، والاختطاف طلباً للفدية، والزكاة، والتبرعات المباشرة، والدخل المتحصل من التجارة، والاستثمارات». ويشرح التقرير أن «مصادر الدخل المتنوعة هذه» ساعدت «في إقامة نظام مالي يتيح للجماعة التكيف وتلبية احتياجاتها في ظروف متغيرة».