1

هل ينجح العراق في استثمار “غازه المحروق”؟

حدد 4 سنوات لإيقاف الظاهرة وتوفير الوقود لمحطات الكهرباء

مؤيد الطرفي  مراسل عراقي 

منظر عام يظهر العلم الوطني العراقي يرفرف أمام الغاز الزائد أثناء حرقه في مصفاة الزبير للنفط  (أ ف ب)

تخطط الحكومة العراقية لإنهاء ملف الغاز المحترق يومياً من الحقول النفطية خلال أربع سنوات، لتنهي عقوداً من التلوث في مدن عدة منذ اكتشاف النفط مطلع القرن الماضي.

وتكمن أهمية هذه الخطوة في إنجازها خلال الوقت المحدد لتلبية حاجات محطات الكهرباء العراقية من الغاز وخفض الكميات المستوردة منه بشكل كبير، بعد أن اعتمدت البلاد بأكثر من 50 في المئة على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء.

ويستورد العراق بموجب اتفاق مع إيران نحو 50 مليون متر مكعب من الغاز يومياً عبر مجموعة من الأنابيب في شرق وجنوب البلاد، تم تشييدها لتجهيز محطات الكهرباء العراقية التي تعمل بالغاز.

خطة متكاملة

وأعلنت وزارة النفط العراقية وضع خطة متكاملة لاستثمار الغاز المصاحب لاستخراج النفط، ومنع حرقه نهائياً خلال أربع سنوات مقبلة.

وقال نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط حيان عبدالغني خلال كلمة له بمعرض ومؤتمر العراق الدولي الثامن للنفط والغاز والطاقة، إن “حرق الغاز لطالما أرّق العراق بسبب صعوبة استغلال كمياته والاستثمار فيه بدلاً من حرقه”، مبيناً أن “الوزارة لديها خطط لاستثمار الغاز تضمن منع احتراقه نهائياً”.

وأضاف عبدالغني أن “الخطة الموضوعة ستنجز خلال أربع سنوات، وبعدها لن يكون هناك حرق للغاز”، لافتاً إلى أن النتائج ستكون ملموسة خلال السنة الأولى من عمر الحكومة العراقية، وخصوصاً في بعض الحقول الجنوبية.

الاتفاق مع شركة أميركية

ويرى الخبير النفطي حمزة الجواهري أنه من الممكن استثمار جميع الغاز المحروق بالمدة التي حددها الوزير، مشيراً إلى أن استثماره بالكامل سيلبي حاجة المحطات الكهربائية من الوقود.

وقال إنه “من ممكن إنجاز العمل خلال سنتين أو ثلاث سنوات، وأن أربع سنوات سيكون وقتاً مقبولاً”، لافتاً إلى أن وزارة النفط تعاقدت مع شركة أميركية لاستثمار الغاز المصاحب، ومن المقرر أن تبدأ بوضع التصاميم النهائية لمحطات معالجة الغاز ثم البدء بعملية بناء المحطات.

استثمار 50 في المئة

وأضاف الجواهري أن مدة أربع سنوات وقت كاف لاستثمار جميع الغاز المصاحب، لكن المهم ألا يكون هناك إعاقة من جهة معينة توقف العمل، لافتاً إلى أن ما تم استثماره من الغاز المصاحب يقارب 50 في المئة من مجموع الغاز المحروق.

وأوضح أن استثمار الغاز المصاحب وتوقف عملية حرقه يعني توفير ما نسبته 95 في المئة من الغاز المستورد لتشغيل محطات الكهرباء، مبيناً أن هذا الأمر سيعني إيقاف استيراد الغاز إلا في حال توسع المحطات الكهربائية.

17 مليار متر مكعب سنوياً

وأكد الخبير في شؤون الطاقة كوفند شيرواني أن العراق يحرق سنوياً 17 مليار متر مكعب، مستبعداً أن يتم استثمار جميع الغاز المصاحب في المدة التي حددتها وزارة النفط.

وقال إن العراق يحرق 60 في المئة من الغاز المصاحب لعملية استخراج النفط الذي يبلغ سنوياً نحو 17 مليار متر مكعب”، مبيناً أن “هناك صعوبة تقنية في إمكان استثمار جميع الغاز المحروق خلال أربع سنوات”.

ملوث للبيئة

وأضاف شيرواني أن “الغاز المصاحب موزع على عدد من الحقول في مناطق متفرقة معظمها في جنوب العراق، وحرقه يومياً يعد ملوثاً للبيئة فضلاً عن الفوائد الاقتصادية لاستثماره”، مشيراً إلى أن الغاز الطبيعي فيه فوائد اقتصادية كبيرة كونه يدخل في تشغيل المحطات الكهربائية وصناعة الأسمدة، وهو سلعة عالمية تتهافت عليها الدول الأوروبية.

وتابع أن بعض الدول مثل دول الخليج اشترطت على الشركات النفطية أن يتوقف حرق الغاز بشكل نهائي بحدود عام 2025 وضرورة استثماره من خلال عزله أو استخدام الموقع نفسه لتشغيل بعض المحطات الكهربائية، فضلاً عن إمكان حقنه داخل البئر مرة أخرى لتقوية الضغط وتسهيل عملية استخراج النفط، ونحن لا يوجد لدينا مثل هذا القرار حتى الآن.

الاكتفاء الذاتي

وأكد شيرواني أن تحقيق العراق الاكتفاء الذاتي من الغاز والاتجاه لتصدير الفائض إلى الخارج بعد إكمال البنية التحتية للتصدير، سواء من طريق السفن أو الأنابيب عبر تركيا ثم أوروبا، وذلك في حال استثمار الغاز المحروق واستثمار الغاز الطبيعي في باطن الأرض.

وبين شيرواني أن العراق لديه احتياط كبير من الغاز الطبيعي يتجاوز 130 تريليون متر مكعب، لكنه لا يزال يستورد الغاز من إيران لتشغيل بعض محطات الطاقة، لافتاً إلى أنه من المفترض أن تعمل كل محطات الطاقة على الغاز الطبيعي والفائض يصدر إلى الخارج.

2.5 مليار دولار شهرياً

وبينما يقدر المتخصص في الشأن الاقتصادي صفوان قصي قيمة الغاز المحروق بنحو 2.5 مليار دولار شهرياً، فقد اعتبر أن العراق سيكون من اللاعبين الكبار في تصدير الغاز إلى أوروبا مستقبلاً.

وقال قصي إن وزارة النفط تتطلع لاستثمار الغاز المصاحب لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية واستثمار الفائض لأغراض التصدير، مبيناً أن “كلفة الغاز المحروق تقدر بـ 2.5 مليار دولار شهرياً والغاز المستورد يقترب من الرقم نفسه”.

وأضاف أن العراق يعتزم الدخول في مجال استثمار الغاز المحروق والغاز الطبيعي في باطن الأرض، مما يعني خلق فرص عمل والإسهام باستثمار هذا المورد وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيستجيب لمعدل الاستهلاك المتزايد داخلياً من الغاز، لا سيما مع زيادة عدد السكان الذين سيبلغ عددهم 50 مليوناً مطلع 2030.

المركز الثامن

وأكد قصي أن العراق يتطلع إلى إنهاء ملف استيراد الغاز وفتح نافذة للتصدير، خصوصاً أن الاتحاد الأوروبي يتجه لشراء الغاز من مناطق أخرى من العالم والعراق أحد أقرب الدول للاتحاد الأوروبي.

ويمتلك العراق احتياطات مؤكدة من الغاز تضعه في المرتبة الثامنة عالمياً، بحسب قصي، الذي بيّن أن موضوع الغاز مرتبط بارتفاع أسعار النفط، فكلما ارتفعت أسعار النفط كلما كان موضوع الاستثمار في استخراج الغاز مجدياً، لافتاً إلى أن العراق سيكون خلال السنوات المقبلة أحد اللاعبين الكبار في عملية تصدير الغاز على مستوى العالم.

التعليقات معطلة.