اقتصادي

ترجيحات بصدور قائمة عقوبات أمريكية ضد «أباطرة المصارف» وتقييد أرصدتهم في الخارج

بغداد/ تميم الحسن

بالتزامن مع ذكرى «حادثة المطار» تصعد أطراف داخل الإطار التنسيقي ضد الولايات المتحدة، فيما يرجح صدور قائمة عقوبات امريكية جديدة ضد شخصيات عراقية.

وتبدو المواجهة هذه المرة على ساحة «الدولار» حيث تفرض واشنطن مراقبة دقيقة على حركة الاموال في العراق لمنع تهريبها او استخدامها بانشطة تدعم الفصائل.

وفي غضون ذلك دعا سياسيون الى ان يقوم رئيس الحكومة محمد السوداني بزيارة سريعة الى واشنطن وعرض سياسة العراق بعيدا عن المواقف الضبابية.

بالمقابل ينوي مجلس النواب بسبب تسارع صعود الدولار مقابل الدينار العراقي عقد جلسة طارئة للبرلمان، فيما قد يضحي «الإطار» بمحافظ البنك المركزي.

ووقع أكثر من 60 نائباً على طلب عقد جلسة برلمانية استثنائية لمناقشة ارتفاع سعر صرف الدولار، وفق النائب رائد المالكي.

ونقل مكتب المالكي على فيسبوك، أن الاخير «ومع 65 نائباً وقعوا على طلب عقد جلسة استثنائية لمناقشة ارتفاع سعر صرف الدولار».

وأضاف مكتب النائب: «تحسبا لعدم الاستجابة للطلب لقرب انعقاد جلسات المجلس في سنته التشريعية الجديدة، يقدم طلبا الى رئيس المجلس بتخصيص الجلسة الأولى لاستضافة رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي لمناقشة الأمر واستيضاح الأسباب الحقيقية وتقييم إجراءات الحكومة».

ودخل البرلمان في 8 كانون الاول الحالي عطلة تشريعية تستمر لمدة شهر واحد على ان يستأنف جلساته في الاسبوع الثاني من بداية السنة المقبلة.

وكان البنك المركزي قد أكد بأن العراق لا يزال يمتثل للمتطلبات الدولية في موضوع الدولار، ومكافحة غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب، وأن بعض المصارف أخذت وقتاً من أجل تطبيق هذه الطلبات، مشددا على أنه «يعمل على إعادته إلى سعره الذي كان عليه، خلال أسبوعين».

وسبق ان عزا المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، استمرار ارتفاع سعر الدولار امام الدينار إلى عوامل خارجية عدة، فيما أكد سعي الحكومة للسيطرة على سعر الصرف وتحقيق استقراره في السوق.

وسجل سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي ارتفاعا سريعا، ليصل ذروته أمس الاثنين، حيث بلغ سعر الدولار الواحد 1550 ديناراً.

ويعرض سياسي شيعي وجهة نظر من داخل الكواليس عن تداعيات ارتفاع الدولار في حديث لـ(المدى) اذ يؤكد ان: «الامر يعقده الجناح الايراني في العراق».

واوضح السياسي الذي طلب عدم الاشارة الى هويته ان «أطرافا مقربة من طهران منزعجة من التقارب مع واشنطن وتعتقد ان ذلك يعني تقليص النفوذ الايراني».

وبحسب السياسي وهو نائب سابق، ان «سفيرة الولايات المتحدة في بغداد الينا رومانوسكي زارت رئيس الحكومة 7 مرات في غضون شهرين بينما نفس الفترة عقد مجلس الوزراء 9 جلسات».

ويكشف السياسي ان تلك الزيارات «كانت تؤكد على منع سيطرة الفصائل على المنشآت المالية والنفطية والمفاصل الامنية».

وسبق ان افصحت مصادر لـ(المدى) عن ان الولايات المتحدة تسعى الى توسيع التعاملات التجارية والنفطية.

وكان محمد السوداني رئيس الحكومة قد أكد في وقت سابق بانه سيرسل وزير خارجيته الى واشنطن للتباحث في تلك القضايا.

ويأتي التصعيد ضد واشنطن بالتزامن مع الذكرى الثالثة لحادثة اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد ابو مهندي المهندس والجنرال الايراني رئيس فيلق القدس قاسم سليماني.

وبحسب ما يتم تسريبه من مصادر مقربة من الفصائل فان الاخيرة تنوي تنظيم استعراض في ذكرى الحادث لأول مرة منذ لحظة الاغتيال.

وتسببت غارة امريكية في يوم 3 كانون الثاني 2020 بمقتل القائدين اثناء خروجهما من مطار بغداد، فيما شهدت مراسيم التشييع إجراءات امنية وغياب بعض قادة الفصائل.

الى ذلك قال زعيم حزب الامة مثال الالوسي ان الحكومة الحالية «تظهر وكأنها جسد واحد لكنها تضم عدة أذرع بعضها مرتبط بالمليشيات وإيران».

واكد الالوسي في حديث مع (المدى) ان «امريكا والعالم محتارة بالتعامل مع الحكومة الحالية ويعرفون ان إيران تضغط بشدة على الحكومة من خلال المليشيات التي تسرق المصارف وتضرب الصواريخ».

واشار الالوسي وهو نائب سابق الى ان «قيمة الدولار مقابل الدينار كانت ستكون اعلى بكثير لولا الحماية الامريكية على الاموال العراقية».

وبين النائب السابق انه «لولا تلك الحماية لكن الوضع العراقي مأساويا وكارثيا مع قيام مصارف فاسدة بسرقة الاموال وتهريبها»، مضيفا ان «الولايات المتحدة لن تسمح بذلك لوقت طويل».

ورجح السياسي العراقي ان «تصدر واشنطن قائمة جديدة من العقوبات ليس فقط ضد اصحاب المصارف وانما قد تطال ارصدة مسؤولين في اوروبا ودول اقليمية».

وكان من المتوقع ان تصدر واشنطن العام الماضي، لائحة عقوبات بأسماء عراقية جديدة متهمة بالعنف ضد المتظاهرين بعد قائمة ضمت رئيس الحشد فالح الفياض.

وتوقعت مصادر حينها لـ(المدى) ان العقوبات قد تطال وزراء ورؤساء وزراء وقادة فصائل معروفين.

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية العام الماضي، فرض عقوبات على الفياض، بتهمة ضلوعه في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

وأوضحت الوزارة أن العقوبات تشمل مصادرة جميع ممتلكات الفياض ومصالحه الشخصية الموجودة في الولايات المتحدة، وحظر أية كيانات يمتلك 50% من حصتها أو يمتلكها هو وآخرون بشكل مباشر أو غير مباشر.

وقال وزير الخزانة الأميركي السابق ستيفن منوتشين إن «السياسيين المتحالفين مع إيران مثل فالح الفياض يشنون حملة عنيفة ضد الديمقراطية في العراق من خلال التوجيه والإشراف على قتل المتظاهرين العراقيين المسالمين».

وأكد منوتشين أن الولايات المتحدة ستواصل محاسبة منتهكي حقوق الإنسان في العراق الذين يسعون لمنع الشعب العراقي من الاحتجاج السلمي وتحقيق العدالة واجتثاث الفساد.

وكانت «الخزانة الاميركية» قد اصدرت قائمة في أوقات سابقة، تحمل اسماء سياسيين وزعماء فصائل مسلحة في العراق، وقالت بانها «ستقيد حركة اموالهم حول العالم».

ودعا الالوسي رئيس الحكومة الى «زيارة واشنطن على وجه السرعة والحديث بشكل واضح عن سياسة العراق بدون مواقف مائعة»، مؤكدا ان «السوداني سيجد أطرافا عراقية وسياسيين سيدعمون بقوه هذه الزيارة».

وكان العداء ضد الولايات المتحدة قد تصعد عقب مقتل مواطن امريكي على يد مسلحين في منطقة الكرادة قبل شهرين.

ورجحت مصادر شيعية آنذاك، وقوف جهات استخبارية ايرانية وراء الهجوم، فيما اشارت بعد ذلك الى ان طهران تضغط لمنع كشف التحقيقات بالاغتيال.

في غضون ذلك اتهم النائب مصطفى سند، النائب القريب من الإطار التنسيقي، الولايات المتحدة بـ «معاقبة العراق» ومنع دخول الدولار.

وقال سند في منشور على فيسبوك، إن «ارتفاع الدولار عام 2021 جاء بسبب الحكومة الصديقة لأمريكا لغرض منع انتقال الدولار من العراق الى دول الجوار (تركيا وإيران ولبنان وسوريا) لغرض معاقبتها».

وأضاف، أن «ارتفاع الدولار هذه الأيام فهو يختلف تماماً، فهو جاء بسبب أمريكا نفسها، وبدون وسيط، والغرض هو منع الدولار من الدخول للعراق بالأساس، لغرض معاقبته معاقبة خفيفة، وتنتظره على طاولة الحوار مطلع عام 2023 لغرض التفاهم حول ملفات ساخنة مثل الملف الايراني وملف الطاقة ومستقبل القوات الامريكية والاتفاقيات الأمنية».

وأوضح أن «تراكم الاحتياطي من العملة الاجنبية في البنك المركزي العراقي والمودع لدى الفيدرالي الامريكي والذي سيتجاوز 100 مليار دولار وبتصاعد مستمر، ويصعب على العراق التصرف بهذا الرقم الكبير، فقط سمحت أمريكا بخمس شحنات شهريا من الدخول للبلد».

ويتوقع بحسب ما يتم تداوله في الاوساط السياسية ان تضحي الحكومة بمحافظ البنك المركزي مصطفى غالب واقالته من منصبه، لامتصاص غضب الشارع على ارتفاع اسعار السلع الذي سببه انخفاض الدينار امام الدولار.

وفي هذا الشأن طرحت عضو الإطار التنسيقي النائبة حنان الفتلاوي، تساؤلات بخصوص محافظ البنك المركزي والمتهم بسرقة القرن نور زهير.

وقالت الفتلاوي عبر «تويتر» باللغة العامية: «نور وين؟؟ ‏التريليونات راحت.. ‏محافظ البنك المركزي وين؟؟».

وأضافت: «‏الدولار صعد للسقف ومحافظنا يمكن ميدري!!، ‏المحافظ وين؟؟».