الدينار العراقي يترنّح أمام الدولار… هل تفصح بغداد وواشنطن عن الأسباب؟
المصدر: النهار العربي بغداد – محمد جهادي
مخاوف من انعكاسات كارثية لأزمة الدينار على المواطن العراقي.
A+A-أثار ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي أمام الدينار العراقي، مخاوف من انهيارات متتالية قد تترك تداعيات اقتصادية صعبة على أحوال العراقيين، خصوصاً بعد المعلومات التي تشير إلى تحويل كميات كبيرة من الدولار إلى إيران الخاضعة لعقوبات أميركية. وانعكس ذلك سلباً على السوق العراقية حيث زادت أسعار المواد الغذائية. وقد شهد سعر صرف الدولار خلال الأيام الأخيرة ارتفاعاً مقابل الدينار العراقي في البورصة الرئيسية في العاصمة بغداد، إذ تجاوز حاجز 156 ألف دينار مقابل كل 100 دولار، بينما سجلت محال الصرافة سعراً فاق 158 ألف دينار. ارتفاع الأسعارويشكو مواطنون عراقيون من الارتفاع غير المسبوق لأسعار المواد الغذائية، منتقدين إجراءات الحكومة التي يترأسها محمد شياع السوداني المقرب من تحالف “الإطار التنسيقي”. ويقول المواطن العراقي علي العقابي إن “الحكومة لم تفِ بوعودها التي تعهدتها في برنامجها فور تسلم السوداني”، مضيفاً أن “اسعار المواد الغذائية الرئيسية كالطحين والزيت والسكر والبيض ارتفعت على عكس ما كانت قبل شهرين”. ويضيف أن “السوداني قبل أن يتسلم رئاسة الحكومة كان يطالب بخفض قيمة الدولار أمام الدينار واليوم يتجاهل ذلك المطلب”، مؤكداً أن “استمرار ارتفاع الدولار سيؤثر بشكل كبير على المستوى المعيشي بسبب جشع التجار وتلاعبهم بالأسعار في غياب أي رقابة حكومية”.
من جهته، يعلق الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني على ارتفاع الدولار أمام الدينار، ويقول إن “هناك خرقاً حصل نتيجة قيام جهات متنفذة بتحويل العملة إلى إيران الخاضعة للعقوبات المالية”. مراقبة الشبهاتويضيف أن “ثمة مصارف تابعة لجهات متنفذة تملك أكثر من 40 في المئة من حقوق بيع العملة في البنك المركزي، الأمر الذي دفع بالأخير إلى استحداث منصة خاضعة للبنك الفيدرالي الأميركي لمراقبة حالات الشبهات الحاصلة”. ويؤكد أن “ارتفاع سعر الدولار حصل نتيجة الإجراءات المشددة ورقابة المصارف من قبل الولايات المتحدة”. ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن “أزمة ارتفاع الدولار بالتأكيد ستؤثر على الأسواق العراقية بسبب غياب المنتج المحلي ووجود المكاتب والصرافات التي تقوم بتهريب العملة. إضافة إلى أن العراق يعتمد على استيراد المنتجات من إيران وتركيا وبالتالي سيؤثر بشكل كبير على المواطنين”. ووفق بيان للبنك المركزي العراقي في وقت سابق، فإن أسباب ارتفاع أسعار الصرف تعود الى “بناء منصة إلكترونية ترفع المصارف طلبات زبائنها عبرها، والتي باشر المركزي منذ أشهر ببنائها بالتنسيق مع الجهات الدولية لتنظيم عمليات بيع وشراء العملة الأجنبية وتضمن فاعلية الرقابة عليها”. وأضاف أنه “تم تكليف شركة دولية متخصصة ببنائها وربط المصارف مع البنك المركزي من خلالها، وتتطلب المنصة تقديم معلومات عن الزبائن طالبي التحويل والجهات المستفيدة والمصارف المراسلة”. وبسبب حداثة استخدام هذه المنصة، فإن العديد من الأخطاء يجري اكتشافها ما يتطلب من المصرف إعادة تحميلها. وتأخذ تلك الإجراءات وقتاً إضافياً لقبول الطلب وتمريره عبر النظام المالي العالمي، وفق البيان. بيان المركزيوأوضح البنك المركزي العراقي في بيان أن “مجلس إدارة البنك المركزي العراقي اجتمع بتاريخ 2022/12/27 وناقش تداعيات ومؤشرات ارتفاع أسعار الصرف في الأسواق المحلية وما يتعرض له سعر صرف العملة الأجنبية منذ أيام من ضغوط موقتة ناتجة من عوامل داخلية وخارجية، نظراً لاعتماد آليات لحماية القطاع المصرفي والزبائن والنظام المالي. وحيث أن كل متطلبات التجارة الخارجية (لأغراض الاعتمادات المستندية أو الحوالات) مغطاة بالكامل بالسعر الرسمي 1465 ديناراً للدولار بالنسبة للاعتمادات المستندية و1470 ديناراً للدولار بالنسبة للحوالات”.
وطلب المصرف في البيان من التجار مراجعة المصارف مباشرة وعدم اللجوء إلى الوسطاء والمضاربين لتلافي تحميل استيراداتهم عمولات ومصاريف لا موجب لها، مشيراً بهذا الصدد إلى ما صدر عن مجلس الوزراء في قراره رقم (351) لسنة 2022 بشأن عدم استيفاء الرسوم الجمركية ومبالغ الأمانات الضريبية مسبقاً، “إذ سيؤدي ذلك إلى تقليل الحلقات الزائدة وتخفيف الإجراءات وإزالة الكلفة الناتجة من مشاكل الترسيم المسبق”. ودعا المركزي العراقي “المصارف لتحمل مسؤولياتها في تسهيل الإجراءات لزبائنها وتسريعها، لضمان وصولهم الى التمويل بأفضل الممارسات المصرفية وبأقل قدر من الحلقات مع مراعاة المتطلبات القانونية المقررة”. خرق العقوبات؟وكانت شبكة “إيران انترناشيونال” قد كشفت في وقت سابق، عن الأسباب التي قالت إنها تقف خلف انهيار الدينار العراقي أمام الدولار، متوقعة أن تزداد حدة الهوة بينهما قريباً. وأوضحت الشبكة في تقرير أن “إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، علمت من خلال مسؤولين عراقيين عن قيام السلطات في بغداد بالتبادل التجاري مع إيران باستخدام الدولار بدلاً من الدينار، الأمر الذي قالت إنه خرق للعقوبات الأميركية المفروضة على طهران”، موضحة أن “الولايات المتحدة تمنع دخول الدولار الى إيران وتفرض على العراق حصر التبادل التجاري معها بالدينار العراقي فقط”. وقالت الشبكة إن إدارة بايدن “تنبهت” أخيراً الى طبيعة التبادل التجاري بين البلدين وخرق العقوبات الذي تقوم به بغداد من خلال تمكين إيران من الحصول على الدولار، بعد زيارة محمد شياع السوداني الى طهران، واتفاق الطرفين على “عقد تجاري مبهم”، حصلت الأخيرة بموجبه على مبلغ أربعة مليارات دولار أميركي، مشيرة الى أن الاتفاقية التي تضمنت تقديم المبلغ الى السلطات الإيرانية مقابل “خدمات طبية، هندسية وخبرات متنوعة” لم توضح طبيعتها.
ونقلت الشبكة عن مسؤولين عراقيين لم يكشفوا عن أسمائهم، أن السلطتين في بغداد وواشنطن “لا ترغبان بالكشف عن هذه التفاصيل للعامة، الأمر الذي أبعد الإعلام العراقي والأميركي عن كشف الأسباب الحقيقية لارتفاع الدولار”، موضحة أن “الولايات المتحدة وفي محاولة منها لإيقاف تدفق الدولار الى إيران من خلال التبادل التجاري مع العراق، قررت فرض ضغط على الدينار العراقي وتقليل وصوله الى سوق التبادل التجاري الخارجي”، على حد وصفها. قرار الولايات المتحدة “فرض ضغط على الدينار العراقي وتقليل وصوله الى السوق التجارية لمنع دخوله الى إيران من خلال التبادل التجاري بين البلدين”، كانت له تأثيرات سلبية على السوق العراقية بحسب الشبكة، حيث شهدت أسعار الصرف ارتفاعاً كبيراً للدولار على حساب الدينار بسبب تقليل كمية الدولار المتاح في السوق. مسؤولون عراقيون كشفوا للشبكة أيضاً، أن الولايات المتحدة “اكتشفت تعاملاً سرياً” بين مجموعة من البنوك والمصارف العراقية والسلطات الإيرانية بهدف تسهيل دخول الدولار الى إيران ضمن عقود “مبهمة مشابهة لعقد الأربعة مليارات دولار”، لافتين إلى أن أسماء المصارف والبنوك سيتم الكشف عنها قريباً، اذا رغبت الإدارة الأميركية بذلك، على حد تعبيرها.الكلمات الدالة